الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لبنان: أي مصير لسلاح حزب الله بعد ترسيم الحدود مع إسرائيل وماذا عن الترسيم مع سوريا؟ 

لبنان: أي مصير لسلاح حزب الله بعد ترسيم الحدود مع إسرائيل وماذا عن الترسيم مع سوريا؟ 

05.10.2020
سعد الياس


 
القدس العربي 
الاحد 4/10/2020 
تعطيل حزب الله مبادرة الرئيس الفرنسي لم يأت من عبث، بل إن الحزب ووراءه إيران كانا وما زالا يراهنان على الولايات المتحدة وعلى التنازل لصالحها وليس لصالح باريس. 
بيروت-“القدس العربي”: خطف الإعلان عن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة الأضواء خصوصاً أن هذا الإعلان جاء على لسان أبرز أقطاب الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري صاحب ثلاثية “جيش وشعب ومقاومة” والذي لولا تنسيقه المسبق على الخطوة مع حزب الله لما كان ليعقد مؤتمره الصحافي ليشرح بإسهاب مضمون “اتفاق الإطار” الذي توصّل إليه مع الموفدين الأمريكيين على مدى سنوات طويلة. 
وإن كانت مفاوضات الترسيم لن تقود إلى تطبيع مع إسرائيل على غرار ما يجري مع بعض الدول العربية، إلا أن هذه الخطوة فتحت الباب أمام علامات استفهام كثيرة حول توقيتها وكيفية تحوّل الإدارة الأمريكية إلى “وسيط نزيه” على طاولة التفاوض مع العدو الإسرائيلي؟ وهل يقدّم حزب الله أوراق اعتماد للولايات المتحدة ليقول لها إن بيده بيع هذه الورقة أو تلك مقابل مكاسب سياسية وغير سياسية في النظام في لبنان؟ وما سرّ هذا التزامن بالإعلان عن الترسيم بين كل من بيروت وتل أبيب وواشنطن؟ وأي جدوى بعد لسلاح الحزب تحت حجة المقاومة والدفاع في وجه الأطماع الإسرائيلية؟ ولو طرح فكرة التفاوض مسؤولون من خارج الثنائي الشيعي على غرار الرئيس سعد الحريري أو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هل كانت سكتت عنهم حملات التخوين والاتهامات بالعمالة للصهاينة؟ 
كل هذه الأسئلة التي طُرحت في سياق مقاربة ملف الترسيم تؤكد أن تعطيل حزب الله مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووضع الشروط والعراقيل أمامها لم يأت من عبث، بل إن الحزب ووراءه إيران كانا وما زالا يراهنان على الولايات المتحدة وعلى التنازل لصالحها وليس لصالح باريس التي قد لا تبادلهما بشيء هام. وتؤشّر هذه الأسئلة إلى أن الثنائي الشيعي شاطر في شراء الوقت إلى حين جلاء نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإما يستمر في مفاوضات الترسيم تجنّباً لمزيد من العقوبات في حال عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وإما ينقلب عليها أو يبدأ عملية ابتزاز لنيل مزيد من المكاسب طالما سيتولى المفاوضة من الآن وصاعداً رئيس الجمهورية ميشال عون. 
غير أن مساعد وزير الخارجية الأمريكية دايفيد شينكر كان واضحاً بقوله “إن الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على المتحالفين مع حزب الله أو الضالعين في الفساد” ما يعني أن واشنطن تطلب المزيد من حزب الله. وإذا كانت موافقة الحزب الضمنية على خطوة الترسيم تعني تخلّيه عن عقيدة “صراع الوجود” مع إسرائيل وسقوطاً لشعارات الممانعة بتحرير القدس والجليل و”نوماً هنيئاً للصواريخ الدقيقة وللردود المزلزلة في المكان والزمان المناسبين” بحسب القيادي السابق في التيار العوني الياس الزغبي، فإن قناة “المنار” التابعة لحزب الله حاولت اشاحة النظر عن هذه الوقائع، والايحاء بأن محور المقاومة حقّق انتصاراً إلهياً جديداً بترسيم الحدود واحتفاظ لبنان بحقوقه، حيث أوردت “أن الرئيس نبيه بري رسم بخطوط حمراء حدود التفاوض غير المباشر مع العدو الصهيوني لاسترجاع كامل الحقوق. وباتفاق إطار سلّم المهمة التي عمل عليها لعقد من الزمن”. 
وحدّدت القناة لاءات ثلاث، قالت إنها “محمية بالمعادلة الثلاثية” وهي لاءات لن تستحيل كتلك العربية تطبيعاً أو تكاملاً مع الصهاينة، وهذه اللاءات هي: 1-لا تفاوض مباشراً كما كان يريد الصهاينة، أي لا تفاوض دبلوماسياً وانما بالبزّة العسكرية وعبر وسيط وفي مقر الأمم المتحدة، ما يؤكد حال العداء مع الكيان الصهيوني، 2-لا فصل بين البر والبحر كما كان يرجو العدو وانما تلازم بين المسارين، 3 -لا تنازل عن نقطة ماء ولا حبّة تراب كما هي القاعدة الحاكمة على الدوام”. 
وإذا كانت نتائج خطوة الترسيم إيجابية بشكل عام على الاستقرار في الجنوب وعلى خلق أجواء مؤاتية في المستقبل للاقتصاد اللبناني، فإن البعض يسأل لماذا لا يتم استكمال ترسيم الحدود شمالاً وشرقاً مع سوريا طالما أن مَن بمقدوره مفاوضة العدو فهو حتماً قادر على مفاوضة الشقيق؟ إلا إذا كان المطلوب بقاء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا شمّاعة لتبرير احتفاظ حزب الله بسلاحه والإفادة من وهج هذا السلاح للهيمنة على مفاصل الدولة اللبنانية. 
وحسب أوساط معارضة إن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا يوقف النزف الحاصل في الاقتصاد وفي احتياطي مصرف لبنان نتيجة تهريب المواد المدعومة على عينك يا دولة. فلا يمرّ يوم من دون تهريب صهاريج من البنزين والمازوت المدعوم لبيعه في سوريا بأسعار مرتفعة أو من دون تهريب شاحنات صغيرة من المواد الغذائية للإتجار بها في الأسواق السورية. وتعتبر هذه الأوساط أن الترسيم مع سوريا وضبط الحدود معها هو أكثر إلحاحاً في الوقت الحاضر من الترسيم مع العدو الإسرائيلي، لأن الخسائر التي تترتّب يومياً على التهريب إلى سوريا لا تُقارَن بما يجري على الحدود الجنوبية المقفلة على أمل أن يبدأ ترسيم الحدود بين الدولة والدويلة.