الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لبنان وسوريا: العلاقة المضطربة

لبنان وسوريا: العلاقة المضطربة

11.11.2015
عبد الفتاح خطاب



اللواء
الثلاثاء 10/11/2015
في دردشة مع صديق كريم، يمتاز بطول الأناة والحكمة والمعرفة الشاملة الواسعة، ورحابة الصدر والانفتاح والتسامح، ناقشني في موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، وتحمّل بصبر انفعالي ونظرتي تجاه الموضوع، وارتأيت مشاركتكم في طرحها.
مشكلة لبنان مع سوريا قديمة، بدأت قبل الاستقلال، حيث بُنيت قناعة الأنظمة السورية المتعاقبة على أن لبنان انتُزع منها في اتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية لخلق كيان مصطنع كان على الدوام شوكة في جانبها. ولقد تم تأطير هذه القناعة تحت شعار "شعب واحد في بلدين".
وجاءت الحرب الأهلية اللبنانية لكي تغتنم سوريا الفرصة الذهبية للسيطرة والانتقام من لبنان وتأديبه وتطويعه وتحويله الى مستعمرة لها، على مدى ثلاثين سنة، دون الحاجة إلى إعادة ضمّه. ولقد استفادت سوريا من سيطرتها التامة على لبنان، على الأصعدة السياسية والاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والمالية، علاوة على الاستفادة من تضخيم حجم دورها الإقليمي والتفاوضي.
وأنا اعتقد جازماً بأنه رغم التصريحات ورغم التبادل الدبلوماسي بين البلدين، فإن قناعة النظام في سوريا تجاه لبنان لا تزال على حالها.
إنني وغيري لا نستطيع أن ننسى ما جرى في لبنان، ولكي أصفح وأسامح، فإنني وغيري ننتظر على الأقل إعلاناً سورياً رسمياً بالاعتذار من الشعب اللبناني على ممارسات سوريا وجرائمها في لبنان. وأجدها مناسبة أن استهجن مواقف فصائل المعارضة السورية التي لم تُدين ممارسة وجرائم النظام السوري بحق اللبنانيين في لبنان!
حسناً... وقعت الواقعة في سوريا وبدأت سلسلة الأخطاء عبر اعتبار السوريين نازحين وليسوا لاجئين.
يُعرَف النزوح Displacement بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة، بينما تعريف اللاجئ Refugee حسب القانون الدولي لتنظيم اللجوء، بأنه كل شخص يترك القطر الذي ينتمي إليه بجنسيته، خوفاً من الاضطهاد أو الخطر. إذن فإن اللجوء يكون بعبور حدود دولة الموطن الأصلي إلى دولة أخرى، أما النزوح فهو داخل الدولة الواحدة.
يُفترض أننا، ومن باب الجيرة ومشاعر الإنسانية مدعوون لإعانة إخوتنا اللاجئين السوريين وإغاثتهم. كذلك، فإن البعض لا ينفك يُذكّرنا بأن سوريا استضافت اللبنانيين في حرب 2006، وأنها قامت بالواجب نحونا دون أي منّة.
طبعاً نُدين بالشكر والامتنان، لكن عدد اللبنانيين الذين لجأوا إلى سوريا كان مكان إقامتهم محدداً ومضبوطاً، وعددهم لا يُقارن بالمليونين ونصف المليون لاجئ سوري في لبنان. عدا ذلك فإن فترة لجوء اللبنانيين لم تتعدَ الأربعة أشهر، في حين أن الأخوة السوريين متواجدين بيننا منذ شهر أيار 2011، ودون أي بوادر على قرب انتهاء الأزمة السورية. كذلك فإن اللبنانيين الذين لجأوا إلى سوريا لم يفتتحوا المحال التجارية والمؤسسات (بترخيص أو بدونه) أو يعملوا في مختلف الأعمال والمهن.
وأيضاً لم يُعتقل أي لبناني بجرم السرقة والسطو أو تعاطي المخدرات أو الخطف أو الاعتداء أو الاغتصاب أو جريمة القتل، كما لم يُقبض على أي لبناني بتهمة حمل السلاح أو تهريبه، أو بتهمة التآمر والسعي للإطاحة بالنظام السوري.
يُمكن لكل من يختلط باللاجئين السوريين ويعرف أحوالهم عن كثب أن يُدرك أن هناك من جاء من مناطق ليس فيها قتال أو خطر، وهناك لاجئين آثروا المجيء إلى لبنان بدلاً من الانتقال إلى المناطق الآمنة في سوريا، وهناك من جاءنا لأن الفلتان والتسيّب في لبنان يتيح لهم العمل وجني الأموال.
نحن في ظل أوضاعنا الداخلية الخطيرة، وظروفنا الاقتصادية الكارثية، وانصراف واستنكاف المجتمع الدولي والدول المانحة عن مساعدتنا، لا يُمكننا تحمل أعباء الاستضافة، ولا مخاطرها الأمنية والديموغرافية الكبيرة المتعاظمة.
وأيضاً، نحن بالكاد نتمكن من الصمود تحت عبء تكاليف الحياة، ناهيك عن مساعدة الأقربين الأولى بالمعروف، ولذا نطالب بتحويل الجهود والسعي الحثيث إلى وضع الخطط الكفيلة بتشجيع عودة اللاجئين كافة إلى المناطق الآمنة في بلادهم وبأسرع وقت، أو تسهيل سفرهم إلى الوجهة التي يختارونها خارج لبنان.