الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لبنان يحصد المخاطر

لبنان يحصد المخاطر

27.05.2013
العزب الطيب الطاهر


 العزب الطيب الطاهر
الشرق
الاثنين 27/5/2013
ربما هي المرة الأولى التي تحدد فيها الجامعة العربية موقفها من مشاركة عناصر من حزب الله اللبناني إلى جانب قوات الجيش الحكومي التابع لنظام بشار الأسد وذلك على لسان نائب أمينها العام السفير أحمد بن حلي من خلال إشارته - في تصريحاته للصحفيين عقب الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين مؤخرا- إلى دخول أطراف غير سورية في الأعمال العسكرية في عدد من المناطق والمدنية خاصة مدينة القصير وما جاورها وتحذيره من تداعيات ذلك والتي اعتبرها خطيرة للغاية ومن شأنها أن تؤدي إلى تأجيج نوازع الطائفية وتهدد النسيج المجتمع السوري.
 تزايد أعداد جنازات عناصره بالضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب - وهما المنطقتان اللتان تعدان المعقل الرئيسي للحزب في لبنان - مؤشر شديد الوضوح على تورطه في الهجمات التي يشنها النظام ضد مناوئيه من الثوار وبالذات في المناطق التي تتماس مع لبنان حسبما كشفت قنوات فضائية عربية عن تفاصيله بشكل واضح خلال معركة القصير والتي أظهرت تسجيلات صوتية لهذه العناصر من خلال تنصت الجيش السوري الحر على اتصالات هذه العناصر والتي تحدثت عن تعرضها لهجمات مضادة من قوات الثوار فضلا عن وقوع احتكاكات فيما بينها نتيجة لعدم معرفتها بطبوغرافية المناطق بصورة دقيقة.
وفي المقابل فإن القوى المناهضة للنظام السوري ترسل دعما وأشكالا شتى من الإسناد بما في ذلك الرجال وهو ما يجعل من لبنان رقما مهما في معادلة الأزمة السورية بالرغم من تبنيه رسميا سياسة النأي بالنفس حتى مع تغيير حكومة نجيب ميقاتي التي كانت أول من تبنى هذه السياسة وإن لم تتمكن واقعيا من تطبيقها حيث بات كل فريق يساند الجهة القريبة منه في سوريا ووصل الأمر ذروته عندما اقتتل لبنانيون في منطقة طرابلس بالشمال فيما بينهما على خلفية انتماءاتهم المذهبية والتي تكررت بضراوة خلال الأيام القليلة الماضية ولكن الجيش نجح في إجهاض تداعياتها إلى حد ما حيث كان يمكن أن تعيد لبنان إلى مربع الحرب الأهلية التي اندلعت في حقبة الثمانينات من القرن الفائت وهو خطر ما زال قائما
ولاشك أن ثمة مخاوف باتت تنتشر لدى بعض الدوائر اللبنانية التي ترفض هذا الانسياق وراء الأزمة السورية على نحو يضر بمصالح واستقرار لبنان ومن بين هؤلاء السيد علي فضل الله المرجع الشيعي الذي يمكن وصفه بالمستقل ففي خلال زيارته الأخيرة للقاهرة سألته: ما هو منظورك لمخاطر الأزمة السورية على الوضع في لبنان خاصة بعدما بات منقسما بين فريقي الأزمة ووصل الأمر إلى حد المشاركة من قبل أطراف لبنانية في القتال إلى جانب هذا الفريق أو ذاك في سوريا وهل تعتقد أن لبنان حافظ على سياسة النأي بالنفس عن هذه الأزمة فعلق قائلا:
 *منذ البداية شعرنا بمخاوف كبيرة من تحول الخلافات الطبيعية بين النظام والمعارضة حول مدى الإصلاحات السياسية الداخلية وحدودها إلى حال عدائية ذات طابع أمني متفجر، وخصوصاً بعدما طغى البعد الإقليمي والدولي على هذه الأزمة، وتحولت سوريا إلى ساحة صراع إقليمي دولي مفتوح على مشاريع كبرى تستهدف إعادة تركيب خريطة المنطقة على خلفية إضعاف الموقع السوري دولة ومعارضة وشعباً وأرضاً وموارد، وإنهاء دور سوريا القوي في مواجهة الكيان الصهيوني وأطماعه.
ويتابع فضل الله قوله: ولاشك أنه من الطبيعي أن يتأثر لبنان كثيراً بالأزمة السورية وهذا يعود إلى قرب لبنان من سوريا وأيضا لطبيعة الصراع داخل سوريا والذي أخذ بعداً مذهبياً وطائفياً وإقليمياً ودولياً.. ومن الطبيعي أن يتحرك اللبنانيون من خلال كل هذه الأبعاد ليكون لهم دور في الداخل السوري وهذا ما يجري.. ونحن كنا دائماً ندعو اللبنانيين أن من حق كل فريق أن يكون له رأيه في هذا الصراع من دون أن يدخل فيه لأنه سينعكس سلباً على الداخل اللبناني، ولكن هذا لم يحصل وهو كما أشرنا يعود لارتباط بعض اللبنانيين بجهات إقليمية ودولية فضلاً عن البعد المذهبي والطائفي للصراع في سوريا.
وثمة بعد آخر في المخاطر التي بات لبنان يشعر بها من جراء تفاقم الأوضاع الخطيرة في سوريا يتمثل في استقباله مئات الألوف من اللاجئين والنازحين السوريين بعضهم مسجل رسميا وأكثرهم غير مسجل الأمر الذي شكل عبئا إضافيا على الموازنة الرسمية وهي بالضرورة تكابد العجز وقلة الحيلة من فرط الأزمات الداخلية المتلاحقة والتي انعكست سلبا عليها فهؤلاء القادمون من سوريا في حاجة بلاشك لمأوى ومأكل وعلاج وخدمات عديدة ليس بمقدور الحكومة بمفردها توفيرها مما دفعها إلى التوجه إلى الأشقاء العرب الذين شاركوا ببعض المساهمات المالية من خلال مؤتمر المانحين الذي احتضنته الكويت في نهاية يناير المنصرم ولكن المعضلة أن معظم ما تم الاتفاق عليه لم يصل إلى الحكومة اللبنانية التي اضطرت إلى المطالبة بعقد مؤتمر دولي لإنقاذ اللاجئين السوريين سواء في أراضيها أو بدول الجوار الأخرى.
إن لبنان يدفع وسيدفع كلفة باهظة ثمنا لحالة الاستقطاب المفروضة عليه بحكم وقائع التاريخ والجغرافيا والدين والمذهب وكان حريا بقواه أن تقرأ مبكرا مخاطر الانخراط في الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك في سوريا بما يعني تطبيقا حقيقيا وجوهريا لسياسة النأي بالنفس وهو ما كان بوسعه أن يجنب لبنان مخاطر جمة ولكن ضيق الأفق السياسي أو قل المذهبي لا يقيم وزنا للاعتبارات المتعلقة بمصالح لبنان الوطنية وإنما يدفع أصحابه دفعا إلى عبور الحدود لتبني قضايا أطراف تقيم في نفس الخندق الطائفي وهو أمر شكل المقتل الرئيسي للتجربة الديمقراطية والسياسية في لبنان والتي لن يكون بمقدوره التخلص مادامت العقليات التي يهيمن عليها الفكري الطائفي والمذهبي هي التي تتحكم بمقدراته وتوجهاته.
السطر الأخير
 يوشك الغياب فأطلي علي بالحضور
هو العشق نهايتي والكتابة
 ووجهك ظل وندا
أسافر في اتجاهك
وعطرك أشتهيه يحتويني
فكوني المسافة / الحلم / رحلة تكويني
أشاطرك عناق قوس قزح
الأفق يترقب مطرك
أيتها العشق المرابط والبلاد التي تسكنني
أقيمي صلاتك بمرايا القلب