الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لحظة الحقيقة

لحظة الحقيقة

31.08.2013
رأي البيان



الخميس 29/8/2013
تتسارع التطورات في سوريا بعد الضربة الكيميائية التي أودت بحياة أكثر من 1700 في الغوطة بريف دمشق، في مجزرة قل نظيرها في التاريخ الحديث، لجهة بشاعتها ونوع السلاح المستخدم فيها؛ فأن يضرب مدنيون بسلاح دمار شامل وهم في بيوتهم، فإن الأمر يستدعي وقفة جادة، تنظر في المسار الذي تتجه إليه سوريا، وتمحص في ماهية الخيارات الموجودة على الطاولة، وتدقق في مسألة أنّ أوان التدخل العملي حان، وأن لحظة الحقيقة دقت بكل تأكيد.
لا يمكن ترك سوريا تذهب نحو الدمار والعبث والعدم كما هي عليه منذ فترة طويلة، فهذا البلد العربي الشقيق مهم بكل المقاييس بالنسبة إلى الأمن العربي، فضلاً عن دوره التاريخي وكونه السند في مواجهة المخططات التي تحاك للمنطقة. وعليه، فإن إضعافه بالشكل الذي تم على مدى أكثر من عامين، أمر لا يمكن السكوت عنه، أياً كان الفاعل أو السبب. وعلى العرب واجب التدخل ولعب دورٍ فعال يعيد سوريا إلى السكة الصحيحة، بعد أن أضاعت بوصلتها وفقدت هويتها، وتاهت في صحراء التحالفات التي لا تنفع قضايا العرب.
وبدلاً من عملية مصالحة شاملة تضمّد الجراح وتغسل الدماء التي سالت غزيرة، واصل البعض سياسة التصعيد والتدمير الممنهجين غير عابئين بالعواقب الوخيمة، حتى وصلنا إلى مرحلة بات معها استخدام السلاح الكيميائي تفصيلاً صغيراً ضمن مسلسل الأحداث اليومية التي تعصف بسوريا.
ويبدو أن من يقف وراء هجوم الغوطة، توهم أن فعلته ستمضي كما سابقاتها بدون ضجيج، حتى تبين له أن صبر المجتمع الدولي نفد، وأن الموقف العربي الواضح والصريح الذي أُعلن عبر الجامعة العربية أول من أمس، لا يحتمل القسمة على اثنين، ولن يتسامح أو يتهاون مع ما يضر منظومة الأمن وسلامة بلدٍ عزيز على كل العرب، لطالما احتضن شعبه إخوته العرب في الملمات.
واليوم، لا يتمنى عربي إلا أن يرى مسار الأمور في سوريا يمضي نحو طي صفحة الدماء والقتل، لكي تعود سوريا، بمساعدة أشقائها، الرقم الصعب في معادلة الشرق الأوسط، بدلاً من كونها الآن عقبة كأداء.