الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فلسفة الوجود السوري

فلسفة الوجود السوري

18.01.2014
مانيا الخطيب


القدس العربي
الخميس 16/1/2014
لا أعرف إذا كان اي أحد ممن أكتب لهم سيقرأ هذه الكلمات … في هذا البرد الذي يضاف إلى طريق الجلجلة السوري …الفرق بين معركة السوريين مع الأغراب الذين دخلوا البلاد سواءً أولئك الذين يدخلون صراحةً وعلانيةً لقتلهم والدفاع عن حليفهم المجرم بشار الأسد، مثل ‘حزب الله’ أو أولئك الذين يدخلون على أساس أنهم يحاربون نفس المجرم الذي يستجلب الدعم الخارجي بكل أشكاله وألوانه لإطالة عمر حكمه الزائل، هي أن السوريين يخوضون مع جلاديهم المدعومين جيداً حرب وجود … حرب ‘نكون أو لا نكون’ .. أما تلك المعارك الأخرى ومنها تلك الجهات المتطرفة التي حتى الآن لا أجد جواباً على الإطلاق ماذا تفعل في ‘المناطق المحررة’ من سوريا؟ ولماذا لا تذهب لتحارب النظام الذي تدعي محاربته في عقر داره؟ ولماذا لا نسمع عنها إلا اضطهاد المدنيين وخصوصاً أهم النشطاء منهم، مثل أيقونة ثورة الكرامة السورية رزان زيتونة وزوجها ورفاقهم الذين تتعلق قلوب السوريين جميعهم بأي خبر عنهم الآن وهم يعانون من مرارة الخطف والمصير المجهول الذي ما بعده مرارة.
ومثل رجالات الجيش الحر البارزين .. من أمثال الأبطال الذين رحلوا وأفجعونا .. وما زالوا يرحلون أمام أعيننا .. ومثل نماذج نظيفة أول من قارعت أعتى سلطة جريمة منظمة منذ بدايات الثورة مثل أبطال كتيبة سلطان باشا الأطرش خالد رزق ورئيف نصر .. وهما اللذان تخبرنا قصتهم أنه لا يمكن أن تقف وراءها إلا بصمات عصابة الحكم الضليعة في الإرهاب .. والتي تضرب بعنف غير محدود وهي تحتضر.
لا شيء يشبه ما نمر به، فإما أن نكون أولا نكون .. هذه هي التي تحكمنا الآن …حتى إن خرج علينا من يتباكى على ‘ما تبقى من سوريا’ ويريد أن يفعل أي شيء حتى لو تنازل عن كرامته قائلاً ‘سوريا هي ليست بشار الأسد .. فما ضير أن يبقى هذا القاتل لحقن ما تبقى من دماء السوريين’ .. ويضربنا منية أن وطنيته تملي عليه هذا الشيء … لأن آلام الموجوعين تهدد مضجعه … لقلنا أن هذا العنف الوحشي الذي يرد فيه النظام الغاشم رداً على تمزيق السوريين لفكرة الأبدية، والتي حكموا فيها ودفعوا أقسى الأثمان لسكوتهم عنها … فإن حلوله الخلبية هذه … لن تستجلب لنا إلا أبدية هذه العصابة التي أحبتها مشارق الأرض ومغاربها في جريمة تقاطع المصالح الأخلاقية الكبرى…
مهما كانت الطريقة التي سيتوقف فيها يوماً هذا المسلسل الدموي المرعب … لأن أحداً من الخبراء ولا من السياسيين قادر أن يعطي في هذه اللحظة العصيبة أي جواب عن كيفـــــية تحقق هذا .. فإن حقيقة دامغة لا تفوت أعين السوريين البتة، وهي أن الإنسان السوري تعلم من هذا الدرس الدموي العنيف أنه لا يمكن لأية قوة في الأرض بعد اليوم أن تعيده إلى ما كان عليه ..نحن الآن أمام ملامح جديدة تتشكل … ولادة جديدة … لا تشبه أي شيء كان .. ولكنها بالتأكيد ستفضي بنا إلى نتيجة ستذهل العالم الذي تعمـــي عيونه، أن ما يحدث في سوريا هو أن المتطرفين سيتصدرون المشهد..
والذين هم بوضوح نهائي، العدو المفيد الذي أوجده نظام قهر السوريين المدعوم دولياً .. والذي ستنظفه مع من أوجده قلوب السوريين الذين لا مفر أمامهم من حتمية النصر.