الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لقاءات "فيينا".. والسراب الكاذب!! (2)

لقاءات "فيينا".. والسراب الكاذب!! (2)

12.11.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاربعاء 11/11/2015
لعلنا نستفيد من حكمة الشاعر الملهم سعدي الشيرازي وهو يقول:إذا بابَ إنعامٍ فتحت لطامعٍ فإغلاقه في وجهه ليس بالسهل
أو كما يقول العوام في بلاد الشام: "دخول الحمام ليس مثل الخروج منه"، وهكذا الروس والمجوس مهما زعموا وداوروا وناوروا وكيف سيتنازلون عن الأسد ويقومون بحل سلمي لتجنيب المنطقة عموماً ويلات الحروب القادمة التي ستأكل الأخضر واليابس – كما يزعمون- وهم أنفسهم موقدوها وتجار السلاح فيها والخائفون على حد تعبير الروس من أربعة آلاف قوقازي في سوريا لم يستطيعوا القضاء في كل هجماتهم المسعورة على واحد منهم، وإنما سحقوا المدنيين في عموم سوريا. وهل سينسى التاريخ مجزرة "دوما" الدمشقية قبل الأسبوع الماضي، حيث ارتقى المئات ضحيتها إلى ربهم، وملك الحزن قلوب السوريين، ولكننا نقول: إن الله للظالمين بالمرصاد ونعيش مع المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي المفسر الشهير: "إنه لا يقلق من يكون له أب، فكيف يقلق من يكون له رب".
فنحن واثقون بقدر الله وغير متفائلين أبداً بمجرد الغزو الروسي العسكري وأنى يكون له نصيب في الحل السياسي – اللهم – إلا لصالح زبانيته وعبيده المجرمين. ومن يكن تاريخه دمويا ضدنا فلن يعدل عنه البتة. كما يقول سعدي:
غير أن اللئيم مهما تربى فمحال أن يستحيل نبيلا
ومن اطلع على كتاب الدكتور "كامل الدقس" ((العلاقات الدولية)) في الإسلام وهو يستعرض من ص:161، الفظائع والشنائع التي فُطر عليها الروس والشيوعيون والتي يعتبرونها واجب الأداء في إبادة كل من له عقيدة بإله ويوم آخر وجنة ونار... إذ يحسبونهم حشرات يجب أن يقضى عليها من وجه الأرض! يقول الباحث الدقس: في "يوغوسلافيا" الشيوعية تمت إبادة مليون مسلم منذ الحرب العالمية الثانية وكان المسلمون رجالا ونساء يُرمون في "المفارم" التي تصنع لحوم البولبيف ليخرجوا من الناحية الأخرى عجينة من اللحم والعظام والدماء... أقول: وقد شهدت بنفسي أثناء حرب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي كيف كان يُرمى بعضُ الأطفال المسلمين الرُّضَّع في جبّالة البحص المتحركة وتخرج أجسادهم مع الحصى والتراب!! وإن الاتحاد السوفيتي لم يوفر فرصة لإزهاق أرواح المسلمين إلا سلكها ونفى الملايين من التتر وأهل القرم إلى "سيبيريا"، حيث الموت وأعمل الجيش الأحمر قتلاً وذبحاً بالمسلمين الذين خانهم الروس بعد أن خدعوهم واستمالوهم ضد القياصرة، ولكن الشيوعيين هم الشيوعيون. وهل ننسى عام 1934م حيث قتلوا من التركستانيين مائة ألف، خصوصا العلماء والتجار وأماتوا ثلاثة ملايين منهم جوعاً نتيجة استيلائهم على محاصيل البلاد وتقديمها إلى الصينيين أمثالهم، حيث سحقَ هؤلاء ستة وعشرين مليوناً من المسلمين في ربع قرن من الزمان بمعدل موت مليون فأكثر كل سنة. ومنعوهم -كما اليوم – من ممارسة شعائرهم الدينية – انتبه إلى أحداث الإيجور وإجبارهم على الإفطار في شهر رمضان المبارك. وللأسف فإن الدول العربية والإسلامية لم تحرك ساكنا ودون أي موقف نحوهم حتى الآن! وراجع - أخي القارئ- كتاب "المسلمون في الصين" – وكتاب "المسلمون في الاتحاد السوفيتي" وكتاب "الإسلام في مواجهة الزحف الأحمر" للمفكر المرحوم محمد الغزالي. واقرأ مقالنا بتاريخ 10/10/2011م من بداية الثورة السورية بعنوان: لماذا "الشعب السوري بين أنياب الدب ونيران التنين"؟ فهي كما قال مولانا سبحانه (كلما دخلت أمة لعنت أختها...) الأعراف: 38. فهل نثق ببوتين وزعماء الصين؟.
وإن بعضهم من بعض في الشر والإجرام. كما يجب ألا ننسى الصين الصامتة ظاهرياً اليوم وهي التي من تموّل روسيا في احتلالها لسوريا – كما تدل الوثائق- إضافة إلى بعض البلاد العميلة ومنها عربية - للأسف الشديد-.
ثم يجب ألا ننسى حروبهم المعنوية الفتاكة، ومعهم أمريكا والغرب اليوم وهم الذين فعلوها سابقاً - وما زالوا- يمارسون أبشع الانتهاكات بحق شعوبنا المظلومة، خصوصا سوريا ومصر والعراق واليمن واستعمالهم الأسطوانة الطائفية في أنغامهم النشاز! إنهم – ولا شك - يسعون للقضاء على أي رابطة أو جامعة إسلامية أو فكر وطني - ولاسيَّما- إذا كان مصارما للصهيونية، ويعملون جاهدين لضرب العرب بالترك وبالعكس ويثيرون الخلاف بين القطر الواحد مهما كان صغيرا. ويُخرّجون طبقات مثقفة بأسلوبهم الغربي الحاقد عموما، وذلك في كل القارات وخصوصا إفريقيا وآسيا والأخص الشرق الأوسط تماما كما قضوا على الخلافة عام 1924م وكتب أمير البيان شكيب أرسلان – رحمه الله – بعدها كتابه: ((مائة مشروع لإسقاط الخلافة)). ولكن لا ننسى أيضا التذكير أن القوم على خبثهم – كظاهرة عامة – ليسوا سواء وهكذا يتكرر الخير في كل عصر ومصر، فمع أن أوباما متناقض في أقواله وأفعاله، بل متآمر على الدوام، خصوصا في القضية السورية. نرى كيف استدعى السناتور الأمريكي "ليندزي جراهام" وزير الدفاع الأمريكي نفسه ورئيس أركانه مؤخراً للاستجواب بخصوص المسرحية التي تدار عن سوريا، فينتزع منهما اعترافات لعل أهمها اعترافان. وهما: أنه لا توجد أي خطة لعمل عسكري أو أي توجه للإطاحة بالأسد رغم كل ما حدث ويحدث، وأن أمريكا ترمي سوريا - بكل غباء- في أحضان روسية وإيران. وهكذا فإن من الخطيئة، وليس من الخطأ أن نثق بهؤلاء. فهل سيأتينا لقاء "فيينا" الماضي بجديد رغم نقاطه التسع، ولبئس ما ذكروا من ضرورة إبقاء نظام المؤسسات المخابراتي في سوريا وهو الذي أذاق الشعب جحيم الويلات أربعين عاماً، ثم إن اللقاء لم يذكر للشعب السوري أي دور في الاجتماع ومحاولة الحل، وكذلك فإنه لم يشر إلى وضع الأسد السفاح أبدا، ولِمَ لا - وقد كان وما زال- دمية بين الجميع لاسيما إسرائيل وروسيا وأمريكا وإيران وإن هذا ليفسر تماماً مدى عمق الدور الماسوني الذي ينفذه ولذلك لن يستغنوا عنه. وأعجب العجب من سخفاء يدافعون عنه ويغبطونه.
لا لن تدوم لذي ظلمٍ فنغبطه لكن تدوم عليه لعنة الأبدِ
أفضل ممن طبعه التدميرُ للؤمه الثيران والحميرُ
كما قال سعدي، رحمه الله.