الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لكم ثورتكم و لهم إجرامهم

لكم ثورتكم و لهم إجرامهم

12.02.2014
وائل قنديل


الشرق القطرية
الثلاثاء 11/2/2014
بقيت ثورة سورية عفية فتية متدفقة حتى نجح جزار دمشق في جرها إلى حمل السلاح ، وهذا ما يحاول تكراره جنرالات الانقلاب في مصر الآن ، حتى بات السؤال المخيف يطرح في العلن: إلى متى سيبقى الثائرون على سلميتهم في مواجهة كل هذه الفظاعات ؟
يتدحرج السؤال مبللا بقطران الخطر من صفحات غامضة على مواقع التواصل الاجتماعي ، فتنصب حلقات النقاش و الاشتباك حوله ، فيما يتداخل معلقو الحساب السريع بالدفع في اتجاه التسلح و العسكرة ، في إيقاع مدروس بعناية فائقة تشم منها رائحة مطابخ الأجهزة .
و بموازاة إشعال هذا السؤال تتأجج المقتلة المنصوبة للمتظاهرين بوتيرة متوحشة تكوي الأدمغة بألسنة السؤال المنبعث من الفضاء الإلكتروني ، و كأن الطباخ الماهر يتعجل حربا يريدها ضد إرهاب صنعه على عينيه وهندسه بيديه و حدد له توقيتات الانطلاق ، ثم يذهب لحلب ضروع الأبقار المقدسة المسكونة بهواجس الحرب على الإرهاب .
و يمكنك هنا أن تتابع السيناريو ذاته بكامل تفاصيله ربما في الحالتين السورية والعراقية ، مع اختلاف في الاصطلاحات " دعشنة" في سوريا و "قعدنة" في العراق و "أخونة" في مصر.
وقبل أيام باغتني أحد شباب ثورة يناير بالسؤال / اللغم : إلى متى السلمية أمام تعرية البنات المعتقلات و امتهان رجولة الشباب المعتقل و قبل ذلك محرقة رابعة العدوية و ما تلاها ؟
ولهذا الشاب و غيره: أعلم أنهم أحرقوا جثث شهداء فض الاعتصامات الرافضة للانقلاب في بشاعة لم يعرفها أعتى المجرمين ٠٠ و أعلم أن أسافل ألسنتهم و أبواقهم قد أحرقوا كل القيم و المعاني المحترمة و مثلوا لفظيا بالجثث المحترقة ٠
و لأنني أعلم كل ذلك فإني أربأ بثورة أن تحرق سيارة لهم أو لأحد خدامهم ، و لا أتخيل أن ثائرا من أجل الحق و الحرية و الكرامة يمكن أن يحرق أو يدمر ٠
انتبهوا لألاعيبهم و لا تستسلموا لغواية المحرقة ٠
ويبدو أن الإجابة لم تشف صدورا تشتعل غضبا على هذه الوحشية فيباغتك أحدهم بسؤال آخر : هل يبقى الثائر متفرجا على الظلم و القتل و الاعتقال؟.
و مرة أخرى : ليس مطلوبا من الثائر أن يتفرج ، و عليه أن يقاوم الاعتداء على حياته ٠٠ لكن أن يذهب هو إلى الحرق و يمارس الأساليب ذاتها التي يمارسونها ضده فهذا ما يريده السفاحون القتلة٠٠كي يظهروا أمام العالم في ( صورة محاربة الإرهاب) وهذا كله يجعلني أشك كثيرا في أن حرق السيارات أشبه بعمليات الإشعال الذاتي ٠
إن تسليح الثورة هو ما يتحرق إليه جزارو الانقلاب شوقا (كما يذوب القس و الشيخ في الجنرال عشقا) و انظروا إلى الثورة السورية حين أجبرها سفاح دمشق على حمل السلاح لكي يسوغ لنفسه استخدام ترسانته من الطيران و المدرعات لإبادة الثوار .