الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا أقيل اللواء سليم إدريس من هيئة الأركان؟

لماذا أقيل اللواء سليم إدريس من هيئة الأركان؟

02.03.2014
الطاهر إبراهيم


القدس العربي
السبت 1/3/2014
بعد انشقاق العقيد رياض الأسعد في يوليو/تموز 2011، تبعه كثير من الضباط والمجندين. قليل من الضباط حاول أن يبدأ من الصفر وينخرط بفصائل قتالية، إلا أن شبابا مدنيين إسلاميين قاموا بتشكيل كتائب قتالية. ما كانوا يملكون إلا بواريد كلاشنكوف هاجموا بها حواجز أقامتها كتائب بشار لقهر المتظاهرين السلميين. كانت المغارة (قرية كاتب هذه المقالة) في جبل الزاوية، أول قرية يتم تحريرها أوائل عام 2012، ثم تتابع تحرير البلدات والقرى في حلب وإدلب.
أدركت واشنطن خطورة هذه التشكيلات، فسعت إلى احتوائها، أوفدت ضباطا من الـ (CIA) قبل عام من الآن إلى عمّان حيث تجمع 60 من قادة الفصائل المقاتلة في الأردن، وحضر اللقاء ضباط عرب وأوروبيين. أعقب ذلك اجتماع ضباط منشقين في أنيطاليا، كان أكثرهم لا ينتمي للفصائل المقاتلة. وقد تم اختيار العميد – لواء لاحقا – سليم إدريس رئيسا لأركان الجيش الحر بمعزل عن العقداء في قيادة الجيش الحر برئاسة رياض الأسعد الموجود في أنطاكيا، وبمعزل عن الائتلاف السوري حديث التشكيل. كما لم يشارك قادة الفصائل المقاتلة بهذا الاختيار. عقب هذا التشكيل تم وضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب. رغم دور واشنطن في اختيار سليم إدريس، الا ان هذا أعلن رفضه لوضع ‘النصرة’ على قائمة الإرهاب. ونفس الشيء فعله معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري. لا نقول إن واشنطن سكتت على مضض، فالخطيب كان قد استقال، وبقي الائتلاف أشهرا من دون أن ينتخب رئيسا بديلا. أما سليم إدريس فقد بقي في منصبه لا يملك من الأمر شيئا. حين سئل عن السلاح المعروض عليهم، قال: لم يعرض علينا أحد أي سلاح. كان كلامه محسوبا عليه وذنوبه كانت تسجل عليه في ملف خاص.
واشنطن التي رعت المجلس الوطني منذ تشكيله في أكتوبر/ تشرين الاول عام 2011، سعت لقيام الائتلاف السوري ليكون الواجهة للمعارضة السورية. لا أحد يعرف سببا لتخليها عن المجلس الوطني، إلا ما كان يقال زورا وبهتانا، من أن الإسلاميين يسيطرون عليه. سعت واشنطن لتوسعة الائتلاف، فجرى ذلك في يونيو/حزيران 2013، وتم ضم 23 عضوا من المنبر الديمقراطي، فيهم ميشيل كيلو وأحمد الجربا ليكونا من يفاوض النظام في جنيف. لم يكن يهم واشنطن إن كان الائتلاف منبثقا عن المعارضة أم لا، بل كان المهم عندها أن تتم المفاوضات. كان معروفا للقاصي والداني أن هذه المفاوضات لن تتقدم خطوة واحدة، لأن نظام بشار لا يريدها ابتداء.
إنصافا للواء سليم إدريس، ورغم أنه تم اختياره برضا واشنطن، إلا أنه كمعظم المنشقين لم يكن مبرمجا من قبلها، وكان يرفض مفاوضات جنيف لأنها لا أفق لها. واشنطن من جهتها تركت سليم إدريس معلقا، فلم تقدم له السلاح النوعي ليسقط به الطائرات التي تقذف البراميل من علو شاهق فتقتل وتدمر، وسعت لاحقا لتستبدل به آخر يسمع الكلام ولا يتكلم.
كما تجمع جماعة من الضباط المنشقين في أنيطاليا في تركيا لتشكيل هيئة الأركان واختيار سليم إدريس رئيسا لها، فقد تمّ ترتيب لقاء مع نفر من هذه الجماعة لإقالة اللواء إدريس واختير العميد عبد الإله البشير – رئيس المجلس العسكري في القنيطرة سابقا- رئيسا جديدا للأركان، لا لأن هذا أكثر كفاءة من ذاك، بل لكي يكون قائدا عسكريا فحسب يمشي مع رئيس الائتلاف أحمد الجربا بالتسوية إلى آخر المشوار. (استطرادا نقلت ‘القدس العربي’ عن ‘نيويورك تايمز أن العميد عبد الإله البشير لم يكن على علم بقرار تعيينه محل اللواء سليم إدريس وقال للصحيفة: اتصل بي صديق وقال مبروك، وعندما سألته هل هناك أخبار جيدة؟ طلب مني فتح التلفزيون، مضيفا، أقسم بالله، لم يتصل بي أحد، ولم أعرف أي شي).
كان معروفا للجميع أن الائتلاف لم يكن يتمتع بثقة الفصائل المقاتلة، خاصة الجبهة الإسلامية المشكلة قبل ثلاثة شهور، كأكبر قوة تقاتل النظام، وهي مكونة من عدة فصائل مقاتلة أبرزها: أحرار الشام وصقور الشام ولواء التوحيد ولواء الإسلام وفصائل أخرى، ولها أكثر من 70 من المقاتلين في سورية. وقد نأت بنفسها عن الائتلاف ابتداءً. وقد كانت على علاقة حسنة مع اللواء سليم إدريس، وصدت هجوما على مكاتبه بهيئة الأركان على الحدود مع تركيا. وعندما أراد أحمد الجربا الانقلاب على سليم إدريس لم يتجه للجبهة الإسلامية،لأنها ترفض مفاوضات جنيف ابتداء. وقد وجد الجربا ضالته عند جمال معروف قائد ألوية شهداء سورية، وقد شكل لاحقا جبهة ثوار سورية (تعداد مقاتليه بحدود 4000 مقاتل، أما تعداد مقاتلي الجبهة الإسلامية فأكثر من 70 ألف مقاتل).
يبقى أن نقول إن واشنطن كانت تريد ضابطا منشقا يخلف سليم إدريس. فلم يكن يهمها إن كان عبد الإله البشير أو غيره، بل لا يهمها إن كان يسيطر على ألوية كثيرة من الجيش الحر أو لا يسيطر على أحد. تماما كما كان الجربا لا يمثل إلا أقل من نصف أعضاء الائتلاف عندما ذهـــب إلى جنيف. كما أن الائتلاف نفسه لم يكن يمثل إلا أقلية في المعارضة السياسية، اضافة الى أن المعارضة لا تمثل إلا أقلية من الشعب السوري الثائر.