الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا أوقفت روسيا توزيع رواتب "الفيلق الخامس" في درعا؟ 

لماذا أوقفت روسيا توزيع رواتب "الفيلق الخامس" في درعا؟ 

02.06.2021
هبة محمد ووائل عصام


القدس العربي 
الثلاثاء 1/6/2021 
أنطاكيا – دمشق – "القدس العربي" : أكدت مصادر محلية من درعا جنوباً، إيقاف روسيا توزيع رواتب عناصر "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" وسط تضارب في الأنباء حول السبب الذي يقف خلف ذلك وسط تأكيد مصادر لـ"القدس العربي" وجود توتر بين القوات الروسية و"اللواء الثامن". 
ففي حين، تحدثت مصادر عن تسبب امتناع عناصر اللواء عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية الصورية التي أجراها النظام في مناطق سيطرته مؤخراً، بعد رفض قائد الفيلق أحمد عودة وضع صناديق الاقتراع في مدينة بصرى الشام مقر الفيلق، بوقف الدعم الروسي، أرجعت مصادر "القدس العربي" وقف الدعم الروسي إلى رفض "اللواء الثامن" إرسال دفعة جديدة من عناصره إلى البادية السورية، حيث المواجهات مع خلايا تنظيم الدولة. 
وتمر محافظة درعا جنوب سوريا بمستوى جديد من التوتر، حيث شهدت إغلاقاً للطرقات الرئيسية المحيطة بدرعا المحطة، ودخول وفد أمني لممثلي النظام السوري، تزامناً مع حملة اعتقالات، انتقاماً من المحافظة التي منعت تمرير رواية انتخاب بشار الأسد. 
وقبل أيام، كانت بصرى الشام شرقي درعا، قد شهدت توتراً بين القوات الروسية و"اللواء الثامن" على خلفية رفض الأخير افتتاح مركز انتخابي، لكن الناشط الإعلامي محمد عساكره، من درعا، اكد لـ"القدس العربي" أن إيقاف توزيع الرواتب من روسيا، جرى قبل إجراء "مسرحية الانتخابات" الرئاسية الاخيرة. 
وقال عساكره، ان روسيا تدرك قبل النظام، ان المشاركة في الانتخابات أمر ثانوي، وقرار وقف الدعم اتُخذ بسبب رفض قيادة اللواء إرسال مزيد من المقاتلين إلى البادية السورية. 
وفي نيسان/إبريل الماضي، توجه 300 مقاتل من عناصر "اللواء الثامن" الذي يبلغ تعداده 1580 عنصراً، إلى البادية السورية، بأوامر روسية، لمساندة قوات النظام في عمليات تمشيط البادية من خلايا التنظيم، عند الحدود الإدارية بين محافظتي الرقة ودير الزور. وطالبت روسيا بعد ذلك، بإرسال دفعة جديدة، وهو ما رفضه اللواء، لتقوم روسيا بوقف توزيع الرواتب الشهرية لعناصر اللواء (200 دولار). 
 
رفض "العودة" 
 
وأكد الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني، رفض أحمد العودة قائد "اللواء الثامن" طلب القوات الروسية إنشاء معسكر لعناصر اللواء في البادية، وتثبيت نقاط له هناك، بعد الانتهاء من عملية التمشيط التي شاركوا بها ضد خلايا تنظيم الدولة. وقال لـ"القدس العربي" يبدو أن روسيا قد امتعضت من عصيان اوامرها، واتجهت للضغط على "اللواء الثامن" مالياً، أي وقف توزيع الرواتب. 
 
وسط حملة دهم اعتقالات وإغلاق للطرقات الرئيسية في المحافظة الجنوبية 
 
وكانت روسيا، قد عمدت بعد رعايتها لاتفاق التسوية بين النظام السوري وفصائل المعارضة في درعا، صيف العام 2018، إلى تطويع المقاتلين الذين رفضوا التوجه إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، في "اللواء الثامن" وأتبعته لـ"الفيلق الخامس" الذي يتولى حماية مصالح موسكو وقوات الشرطة العسكرية الروسية في سوريا. ومن الواضح ان التوتر بين روسيا وفصائل درعا، يصب في مصلحة إيران، التي تخطط لزيادة نفوذها في المنطقة المحاذية للأردن والقريبة من الجولان السوري المحتل. 
وأواخر نيسان/أبريل الماضي، انتشر عبر تطبيق واتساب بين شبان وأهالي محافظة درعا السورية، تسجيل صوتي قدم فيه قيادي من درعا عرضاً يتضمن التحاق من وُضِعت اشارات حجز على أملاكهم بصفوف الميليشيات الموالية لـ"الحرس الثوري" الايراني، مقابل تسوية اوضاعهم الامنية، ورفع اشارات الحجز عن أملاكهم. وحسب مصادر متطابقة، فان عرض الانتساب قدمه القيادي المرتبط بـ"حزب الله" اللبناني و"الحرس الثوري" الإيراني وسيم العمر المسالمة، وهو من أبناء مدينة بصرى الشام. 
وأضاف المسالمة أن كل عناصر وقادة المجموعات الإيرانية لديهم القوة والحق في الحفاظ على ممتلكاتهم وعدم المساس بها من اي جهة كانت، وتعطى هذه الميزات للمنتسبين الجدد لتلك الميليشيات من دون النظر إلى تاريخ المنتسب سواء كان من المعارضين أو من المدنيين الذين لم يسبق لهم الانضمام إلى الفصائل المسلحة. 
وتعيش درعا على وقع فلتان أمني، منذ صيف العام 2018، وسط اتهامات لأجهزة النظام والمليشيات الإيرانية باستهداف كل من يعارض بسط سيطرة النظام الكاملة على المنطقة. ولا يتيح اتفاق "التسوية" لقوات النظام السوري التواجد في كل المناطق، وتتولى مسؤولية الأمن عناصر من فصائل الجيش الحر سابقاً، بعد ان انضموا لـ"اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم روسيا. 
الناشط الإعلامي عامر الحوراني، قال إن مركز محافظة درعا شهد الاثنين توتراً أمنياً منذ الصباح بعدما أغلقت الشوارع بالسواتر الترابية، استعداداً لزيارة وفد أمني قادم من العاصمة دمشق، حيث اجتمع الوفد مع اللجنة المركزية في درعا وحضر احتفالية أقيمت أمام مبنى حزب البعث في درعا المحطة. 
وقال المتحدث لـ"القدس العربي" إن تفاصيل الاجتماع دارت حول مقاطعة الانتخابات والرفض الشعبي الكبير لوضع صناديق انتخابية وامتناع المدن والبلدات عن الخروج بمسرات مؤيدة لبشار الأسد واعتبر المتحدث أن ما يجري يصب في إطار "مسلسل انتقام نظام الأسد من أهالي درعا بعد رفضهم للانتخابات الرئاسية في 26 أيّار من خلال الاعتقالات التي طالت الاثنين العديد من أبناء درعا أثناء مرورهم من الحواجز المنتشرة على الطرقات العامّة في المحافظة، حيث بلغ تعداد المعتقلين إلى اليوم 20 شخصًا، بينهم سيدة". 
ووفقا للناطق أبو محمود الحوراني لـ"القدس العربي" فإن قوات النظام أطلقت النار بشكل مباشر وعشوائي على منازل مخيم درعا بهدف ترويع الأهالي أثناء خروجهم من المخيم، وأضاف "وصل وفد النظام قادماً من العاصمة دمشق إلى مقر فرع حزب البعث في حي المطار بمدينة درعا، واجتمع مع مسؤولين عسكريين وآخرين من مؤسسات تابعة للنظام، بهدف الحديث حول إحجام عشرات المدن والبلدات في المحافظة عن الانتخابات وإعلانها الإضراب العام في يوم الانتخابات في 26 أيار الماضي. وربط المتحدث بين التوتر السائد في المحافظة، وقطع مرتبات عناصر اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس لأبناء درعا، في بصرى الشام. 
ونظراً لتعثر كل جهودها في إنهاء تواجد التنظيم في البادية، والذي بات يشكل تهديدًا للمنشآت العسكرية والاقتصادية التابعة للنظامين الحليفين في كل من حمص ودير الزور والرقة، أصبح على روسيا حشد المزيد من المقاتلين طلباً ملحاً لتغطية ضعف العنصر البشري لدى قوات النظام السوري وغياب الخبرة لدى كوادره القتالية. وقال الحوراني لـ"القدس العربي" "قبل نهاية أبريل /نيسان/ الفائت، توجه رتل يضم 300 عنصر، من اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس من ريف درعا الشرقي إلى جبهات البادية السورية، بعد طلب وجهته روسيا إلى أحمد العودة للمشاركة في الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش، وبعد أن عاد المقاتلين طلب النظامان السوري والروسي من العودة أعداداً أكبر فرفض القيادي الطلب، ومنذ ذلك الحين يسود العلاقات نوع من التوتر الواضح الذي زادت حدته بعد فترة الانتخابات ورفض ادخال صناديق الاقتراع إلى المحافظة". 
 
اغتيالات يومية 
 
الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني اعتبر أن المشهد في درعا لا يخلو من اغتيالات يومية تطال كل من يظن النظام وميليشياته أنه يعمل ضدهم من أبناء المدينة، كما تطال الشبان الذين عملوا في فصائل المعارضة. أجروا تسويات بضمانة روسية. وتطال ايضا شبيحة ومتعاونين بشكل علني مع النظام. 
وفي الفترة الأخيرة، ونظراً لعدم قدرة النظام على فرض الاستقرار بالأساليب القمعية، أبدى الباحث اعتقاده لـ"القدس العربي" أن النظام أمام حالة ارتباك وعدم قدرة على استيعاب واحاطة ما يجري في درعا خاصة أن الاهالي زادت نقمتهم عليه بسبب عدم تقديمه الخدمات الضرورية من تعليم وصحة ونكوثه بكافة الوعود التي قطعها، وأضاف "ثم جاء ما يسمى بالانتخابات الرئاسية ليتوج بها أهل درعا موقفهم من النظام دون تجميل". 
كل هذه العوامل دفعت النظام ومعه روسيا لاستخدام أساليبهم القديمة الجديدة بين الترهيب والترغيب، فقاموا بمنع الرواتب عن عناصر اللواء الثامن من جهة، وأرسلوا وفدهم الأمني لمفاوضة اللجنة المركزية ومحاولة تخدير الاهالي من جديد، لكن قياساً بالاجتماعات السابقة فإن مصير أي إجراء يقوم به النظام هو الفشل حسب المتحدث.