الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا "الزبداني"... وليس "تل أبيب"... يا زعماء الممايعة؟!

لماذا "الزبداني"... وليس "تل أبيب"... يا زعماء الممايعة؟!

22.07.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 21/7/2015
كما هو عادته في معظم الخطابات السابقة ولم يكن من يسمى حسن نصر الله الأمين العام لما يدعى حزب الله موفقا أبداً في التصريح الذي أدلى به في الأيام القليلة الفائتة وهو يتكلم عن القدس، إذ أقحم استطراداته التي تدل دلالة فاقعة على مدى الحقد الدفين والانحياز الأعمى للباطل، فأبان- وهو يدافع عن حرب قواته من النخبة بالاشتراك مع الحرس الثوري الإيراني وجيش اللانظام السوري- في مدينة الزبداني وقال بكل توتر وبجاحة: إن الطريق إلى تحرير فلسطين إنما يمر بالقلمون والزبداني، بل وحمص وحلب والحسكة، لأن هذه المدن إذا سقطت سقطت المقاومة ضد إسرائيل، ظنا منه أن هذا الرد يفحم منتقدي الحزب الذين يرون أنه والأسد شريكان ضد الشعب السوري والثوار وليس ضد الصهاينة – كما هو الواقع العملي – المؤيد بالتصريحات اللسانية لرفع معنويات جنوده وضباطه الذين يقضون قتلى على أرض الشام.
إنه كلام وقتال مقنّع بالسياسة الحمقاء ولكن لم يعد يخفى على ذي بصيرة أن الهدف المنشود طائفي محض بامتياز وأن طاعة الولي الفقيه مقدمة فيه على كل طاعة ولو أدت إلى السلام ووقف الحرب. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه فمن المحال أن يتوقف مثل هؤلاء الذين يخضعون بشكل أو بآخر لأجندة الصهاينة والأمريكان وتحت أي ذريعة. ولذلك وجدنا الرد السريع من سعد الحريري رئيس تيار المستقبل بأن تحرير فلسطين لا يمر بالزبداني وها هي إسرائيل قريبة فاذهب وقاتل هناك اليوم. ومنذ أكثر من أسبوعين تتعرض هذه المدينة الساحرة الجميلة - التي تعتبر من أهم المصايف في سوريا وحدود لبنان، إلى هجمات شرسة جدا من اللانظام الذي يعمل لدى إيران وحزب الله والمليشيات الطائفية من مختلف البلاد بهدف إعادة الزبداني إلى حكومة الاستبداد بعد تحريرها منها منذ أكثر من ثلاث سنوات ومع أن القصف العنيف بصواريخ أرض أرض الفراغية الممنوعة وغيرها - والتي زاد عددها على 500 قذيفة - قانونيا والبراميل المتفجرة التي ناف عددها على ثلاثمائة والغارات الجوية التي نفذت بالمئات – بل لا ننسى أبداً في ليالي العشر الأخيرة من رمضان كيف قصفت الزبداني بثمانين غارة جوية في يوم واحد، إضافة إلى الاشتباكات التي مني بسببها جنود حزب الله بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات كونهم لا يعرفون جغرافية البلد كما يعرفها الثوار. الذين تقدموا في عدة محاور وصدوا الهجمات التي ركزت أيضا على الحواجز المحيطة بالزبداني في (مضايا وبلودان). وإن تقدم الثوار في المحورين الجنوبي والغربي وفشل الظالمين في اقتحام المدينة يوم الجمعة الماضي أول أيام عيد الفطر المبارك لأكبر دليل على ذلك.
ومن ناحية أخرى فقد بدأ جيش الفتح منذ الأربعاء الماضي بالهجوم للسيطرة على بلدتين مواليتين للانظام في محافظة إدلب (الفوعة، كفريا) ردا على هجومهم على الزبداني وكبدوا المجرمين خسائر فادحة ودمروا في الزبداني قاعدة صواريخ "كونو كورين" لحزب الله عند قلعة الزهراء غربي الزبداني، وامتصوا جميع ضربات اللانظام التي تعمل على جعل البلد ركاما باتباع سياسة الأرض المحروقة ثم تسمي ذلك نصرا.
والحقيقة أن كل مطلع محايد يجب أن يميز بين النصر وبين القوة والطغيان. إذ لا يمكن أن اتبع سبيل الصهاينة الذين يرون في عقيدتهم ضد غيرهم من اليهود أنهم مهما دمروا من المنازل والأحياء وقتلوا من الأبرياء فهذا واجبهم وليس مجرّما بتاتا، بل إنهم يتقربون إلى الرب بهذا الفعل كما قال أحد مفكريهم عبر الإعلام في حرب غزة الأخيرة – وقد سمعته بأذني ورأيته بعيني. ولذا فإن ما يقوم به اللانظام إنما هو تبع لهم، فالمؤسس واحد والهدف واحد وهم لا يمكن أن يبقوا على كراسي السلطة إلا بهذه الجرائم الكبرى ذات الإبادة الجماعية. وهكذا فثمة فرق كبير بين ما يسمى قوة وما يسمى طغيانا من هؤلاء الفراعنة شأن فرعون الأول الذي لم يصفه الله في كتابه عبر آية واحدة بالقوة وإنما بالطغيان فقط وهو ما يريد الرعاع في حزب الله وشركاؤهم أن يفعلوا كما فعلوا بالقصير في حمص سابقا ولكنه قد فاتهم أن هذا ليس نصرا وإنما هو محض الطغيان الذي فعله أمثال "موسوليني" و"ستالين" و"هتلر" و"حارقي روما" و"هيروشيما وناجازاكي" في اليابان و........ ومع كل هذا الإجرام والإبادة فما زالت الزبداني صامدة بعون الله ويضرب ثوارها نماذج أسطورية في البطولات النادرة، حيث فهموا العقيدة القتالية ضمن ضوابط وروابط الإسلام والأخلاق والإنسانية، لا العقيدة القتالية التي تحدث عنها العميد الطيار الأسير علي عبود، حيث سقطت طائرته الحوامة بعد مشاركته أربعة أشهر في القتال ضد الشعب السوري والثوار وقصف مئات المدنيين – وهذا باعترافه هو – إذ قال: إننا نعرف أن %90 من الضحايا مدنيون ولكن لابد أن ننفذ طبقا للعقيدة القتالية التي علمونا إياها والتي تقول: إنك إذا لم نقاتلهم فإنهم سيذهبون إلى بيتك ويقتلونك - كما في المقابلة مع الصحفي أحمد منصور عبر قناة الجزيرة - وهكذا يعلم فرعون جنوده الفاسدين أصلا ونحن بدورنا لا نشك أن الدفاع عن الزبداني هو دفاع حقيقي عن كل عربي ومسلم في سوريا وفي العالمين العربي والإسلامي وحق أهل الزبداني على الجميع فرض عين. وإنه لمن غير المعقول ولا المقبول أن تبذل إيران وأذنابها وأمريكا وإسرائيل وأذنابهما وروسيا كل ما لديهم للحفاظ على وكلائهم الفجار في المنطقة ولا يتقدم أي من الحكام العرب والمسلمين ويقدمون المطلوب منهم شرعا وطبعا وقانونا.
وكذلك الشعوب الحرة، إذ يتوجب عليها أن تنتفض في كل مكان نصرة لإخوانهم في الزبداني ودفاعا عن المظلومين الذين يدعي الروافض أنهم مع حقهم في رفع الظلم عنهم، ولكن الله مع من يتوكل عليه ويكفي أن ثوارنا الأشاوس جعلوا جنود حزب الله في حيرة ويأس من أمرهم حتى سمعت التسجيلات عنهم كيف يتهمون بعضهم البعض بالتخاذل. ثم إن أمراءهم الإيرانيين في أشد الانزعاج مما رأوا في الزبداني من ثبات الثوار، بينما جنودهم يتراجعون ويقتلون ويجرحون بالمئات حتى دفنوا العديد من قادة حزب الله في الزبداني نفسها خوفا من الغضب الشعبي المتفاقم عليهم.
لقد كان الأفاكون يعلنون منذ عشرة أيام أنهم سيطروا على كل شيء وأن الزبداني - التي تعتبر نقطة الوسط بين دمشق وحمص ومنطقة الساحل- ستكون في أيديهم بين عشية وضحاها ولكن الله أبطل فألهم بجنوده الصامدين الذين جعلوا حرب القلمون موقع استنزاف لهم. ولذلك أخذوا يستعملون الصواريخ بعيدة المدى كما فعلوا ضد "بابا عمرو" في حمص منذ أكثر من عامين – مما تسبب في نزوح آلاف المدنيين الذين لا يكترث حزب الله واللانظام والحرس الإيراني بهم أبدا. إنهم يريدون ما يسمونه نصرا ولو على أكوام من الركام، تشفيا وحقدا لا يجلب لهم إلا الخلود السيئ، فالحكم محرقة أو مخرقة وسيكون بعون الله والثوار لهم كذلك في الزبداني وإن غدا لناظره قريب.