الرئيسة \  مشاركات  \  لماذا تتعامل الولايات المتحدة الأميركية مع إيران العدو المعلن لها .. وأين الحلفاء العرب منها؟

لماذا تتعامل الولايات المتحدة الأميركية مع إيران العدو المعلن لها .. وأين الحلفاء العرب منها؟

14.02.2015
د. سيف نصرت الهرمزي




كثير ما يثار في وسائل الاعلام وفي الأوساط السياسية الأميركية عن خطر ايران وانها تهدد المصالح في المنطقة والعكس موجود ايضاً ، فايران لا تتورع في كل مناسبة من معاداتها لأميركا وحليفتها (إسرائيل)، بل يتعدى الامر الى تهديد مصالحها في المنطقة بعدها الشيطان الأكبر.
بيد ان رصف الآراء في بوتقة التحليل السياسي الاكاديمي الذي يقوم على قراءة الواقع واستشفاف المضامين للفعل او الأداء الاستراتيجي الأميركي يتناقض وتلك التصريحات في كثير من الأبواب والحقول، بل ان الاستجابة الإيرانية في كثير من قضايا المنطقة غالباً ما تكون متوافقة مع اميركا بصورة مضمرة لا تظهر الى العلن.. حتى نكون امام نوع من التزلف فيما بين المعلن وما بين المخفي وما بين الاقوال والافعال.
وسوف اسوق في هذا الاطار بعض الأمثلة في قضايا العراق حتى نقف على أرضية خصبة تسعفنا في استنباط نوع العلاقة وكيفية التعامل الأميركي مع ايران :
1. التوافق الأميركي –الإيراني على اسقاط نظام صدام حسين عام 2003 .
2. التوافق الأميركي –الإيراني على الولاية الثانية للمالكي رغم فوز قائمة اياد علاوي في انتخابات عام 2010.
3. التوافق الأميركي –الإيراني على تغيير المالكي بالعبادي في الانتخابات الأخيرة لعام 2014.
4. التوافق الأميركي-الإيراني العسكري واللوجستي في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية-داعش عبر تقاسم مناطق الطيران والتواجد الفعلي .
هذه المعطيات المتاحة تكشف لنا وبشكل جلي وتقودنا للإجابة على عنوان مقالنا وهو كيف ولماذا تتعامل اميركا مع ايران العدو والخصم اللدود لها ؟
* ان كل الوكلاء والاذرع من القوى والجماعات والمليشيات الفاعلة(الشيعية)في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين لهم مرجعية واحدة وهي ايران ، فما تقرره الأخيرة يكون وبالتالي يمكن التعامل معها لأنها صاحبة قرار ونفوذ على عكس دول المنطقة التي ليس لها مرجعية، بل نجد الدولة الواحدة منقسمة على نفسها في اكثر من اتجاه وتيار  في القرار الواحد .
* ان ايران دولة براغماتية في حقيقتها تستجيب للكثير من الأمور التي تفرص عليها من اميركا او الدول الاوربية والتي لا تمس مصالحها العليا في الكثير من الأمور، على عكس دول المنطقة المحيطة بها فهي تتعامل بذاتية شخصية في حل المشاكل او الازمات ، اذكر مثالاً في يوضح واقعيتها ، تعاملت ايران مع استبدال المالكي الذي رفضته الولايات المتحدة الأميركية بكل سهولة بالرغم من إعلانها مراراً عن دعمها له .
* ان الولايات المتحدة الأميركية استفادت كثيراً من السياسية الإيرانية العدائية لتصنع منها عدو مخيف يهدد الحلفاء والأصدقاء في المنطقة خصوصاً دول الخليج الغنية بالنفط، هذا العدو اصبح البوصلة في الاستراتيجية الأميركية لبقائهم في فلك وعجلة الاطار الأميركي وتقديم العداء الإيراني كبديل عن (إسرائيل) ، بل ان القواعد والعسكرية الأميركية أصبحت مطلباً مهماً في المنطقة لحمايتهم الفزاعة الإيرانية والتي انعكست بدورها سلبياً لاسيما على دول الخليج بالوقوع في فخ سباق التسلح واستنزاف الفوائض النقدية من النفط في اطار الامن والعسكرة .
بيد ان هذه الترسانة العسكرية استخدمت في قمع الشعوب وحماية الأنظمة الحاكمة ولم نجد لمقومات القوة العسكرية او الاقتصادية أي صدى في استمالة او الفواعل الدولية وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق النتائج المرجوة في قضايا المنطقة .بل ما نقراه على الأرض العكس تطبيق لنظرية الفوضى الخلاقة وتفتيت المنطقة في ظل توسع النفوذ الإيراني بالاعتماد على (لبننة) المنطقة كبديل عن (البلقنة) .
* استخدمت الولايات المتحدة الأميركية المذهبية التي تتكئ عليها ايران في حماية المذهب الشيعي بعد افول العدو الايدلوجي مع نهاية الحرب الباردة –الاتحاد السوفيتي ، لتصبغ على جميع الصراعات والأزمات الصبغة الطائفية المذهبية لتكون المنطقة في دوامة من العنف الذي لا ينتهي.. مما يجعل الدول العربية ضعيفة غير قادرة على اتخاذ قرار بدون اميركا فهي ما بين مطرقة دعم المذهب السني والذي يعني دعم فكر القاعدة واخواتها في مواجهة المد الإيراني او سندان التوسع الإيراني في الساحة الإقليمية والذي اصبح اليوم قريب يهدد امنهم ايضاً.
هذه المخرجات تعطي فكرة واضحة عن أسباب استمرار ايران كفاعل إقليمي تتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية لاسيما وان الأخيرة ليس لديها أصدقاء دائمين بل لديها مصالح دائمة فعدو الامس من الممكن ان يكون صديقاً غداً وهذا ديدن السياسة الدولية ، بل ان الوحدات الدولية غير الأشخاص وان المبادئ والقيم الناعمة ترويجية اكثر من فحواه الحقيق،  وبالتالي فان المعلن غير المضمر وان المساحة الرمادية في حقل السياسة هي الأساس في تسوية الكثير من النقاط فالمكسب لطرف لا يعين بالضرورة خسارة للطرف الثاني فاذا ربحت اميركا على سبيل التخمين الرقمي في قضية معينة 3 نقاط فانه من الممكن ان تكسب ايران 1 وهذه هي المعادلة غير الصفرية التي تحكم الان مجمل العلاقات الدولية بالاعتماد على النيو -واقعية في التدرج في الهيمنة او الحفاظ على الوضع الراهن او القبول باقل الخسائر .