الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا تُقدم إيران على شنق نفسها بالحبل السوري؟

لماذا تُقدم إيران على شنق نفسها بالحبل السوري؟

21.01.2014
د.على الخشيبان


الرياض
الاثنين 20/1/2014
    منذ أربعة عقود والنظام السوري يكرس فكرة سياسية في لبنان اسمها - نحن نريد وعلى الجميع أن يفعل ما نريد - لذلك فإن كل من لا يريد ما يريده النظام السوري يذهب ضحية سهلة عبر سيناريو دموي يؤدي الى التخلص منه عبر عمليات تصفية شنيعة ينفذها النظام السوري عبر جهازه الاستخباراتي، وهذا مؤشر إلى السيطرة الكبيرة التي يمارسها النظام السوري ضد اللبنانيين.
السؤال القائم حاليا يقول هل حان الوقت لكي يدفع النظام السوري ثمن تلك التصفيات التي قام بها في لبنان منذ اربعة عقود ومن سيقوم بدفع الثمن أكثر؟
اما السؤال الاخر فيقول لماذا تقدم إيران اليوم على إعدام نفسها سياسيا باستخدام الحبل السوري؟
هذه الفلسفة السياسية لكيفية ارتباط المصير السوري بالإيراني تثير الكثير من الأسئلة السياسية عن طبيعة الأهداف الايرانية في المنطقة العربية.
الرئيس السوري حافظ الاسد صاحب الغطاء القومي وصاحب فكرة المقاومة ومهندس الاعتراف الشيعي بالمذهب العلوي عمل خلال العقود الاربعة الماضية على منهجية سياسية ملتوية وغير واضحة المعالم وهو ما أنتج ما نراه اليوم من ثورة شعبية اكتشفت ان الطريق السياسي الذي سلكته القيادة سوف ينتهي قريبا الى طريق مسدود.
عندما جاء بشار الاسد الى السلطة اكتشف أن سورية قد فقدت الكثير من مقومات الوطن الحقيقي فقد سلمت لجهات خارجية بطرق سياسية مختلفة تحت بنود كثيرة وتحت افكار سياسية تمثلت بالفكر القومي وشعارات المقاومة بالإضافة الى عنصر مهم تمثل في التغلغل الايديولوجي ليس في الإطار الشعبي ولكن في البنية السياسية للدولة نفسها.
لقد التفت إيران على سورية وعلى لبنان بطرق ماكرة في المقاييس البشرية ولكنها ليست منهجيات عملية في المقاييس السياسية لذلك اصبحت فكرة الاحتيال والمراوغة هي سمة الثعلب الايراني في المنطقة ولذلك كل هذه الاضطرابات التي تحدث في كل من إيران وسورية والعراق هي نتائج طبيعية لسياسة المكر الايراني التي يعتبرها الكثير نجاحا سياسيا ولكن الحقيقة انه نجاح سياسي فاشل ومؤقت.
إيران ولدت على طبق ايديولوجي وسوف تموت على نفس الطبق وسوف يلتف حولها ثلاثة من الحبال السياسية القوية التي سوف تمسك بها الحبل اللبناني والحبل العراقي ولكن لحظة الاعدام الحقيقية ستكون عندما يلتف الحبل السوري حول رقبة إيديولوجية، فإيران التي تفكر ومنذ إنشائها في اقامة إمبراطوريتها الفارسية على ظهر حصان إسلامي اسمه المذهب الشيعي اصبحت تتكشف للعالم تدريجيا لان المعنى الحقيقي لان تكون قويا ليس في الاحتلال العسكري.
المؤشرات السياسية الدولية والتي تنضج اليوم تدريجيا لمعالجة القضية الإيرانية تؤكد أن إيران امام ازمات كبرى تنتظرها فالعالم يتعامل معها بكل ذكاء وحذر كما أن إيران ذاتها تعاني من الهشاشة السياسية من الداخل بشكل كبير فالدكتاتورية الايديولوجية تمارس ضغطا كبيرا على الشارع الايراني ولم يعد الفرد الايراني يشعر بوطنيته الايرانية بل اصبحت إيران شعارا ليس لدولة مستقلة تستطيع أن تمارس دورها الدولي من تاريخها السياسي بل اصبحت دولة تحمل الايديولوجيا دون ان تدرك الاتجاه الصحيح.
إن مستقبل ايران يتشكل اليوم بمعالم تنبؤية تقضي بأن العد التنازلي لانكماش ايران مرة اخرى في المنطقة قد بدأ بالفعل لان السياسة الايرانية اليوم اصبحت بين ثلاثة مسارات ممتدة امامها ولن تستطيع أن تمارس دورها الماكر بذات الاسلوب في كل هذه الجبهات (سورية، لبنان، العراق) لذلك يبقى السؤال المهم من هو الضحية الاولى للسياسة الايرانية القادمة هل هو المالكي ام حسن نصرالله ام بشار الاسد؟
السياسة الايرانية التي اعتادت الاعتماد على شخصيات سياسية وليس على بنى فكرية سياسية تكتشف اليوم انها امام ازمة كبرى في توفير بدائل سياسية فليس امامها اليوم بديل عن حسن نصر الله يمكن أن يغامر في قيادة الحزب وإن وجد بديل فلن يقبل بهذا المنصب سوى قائد متهور يمكن أن يرتكب الكثير من الأخطاء السريعة والمميتة.
في العراق ايضا لن تجد إيران بديلا للمالكي الا شخصية متهورة يمكن أن ترتكب ذات الاخطاء المميتة لذلك إيران سوف تستميت في حماية هاتين الشخصيتين وقد تبحث عن بديل لحسن نصرالله والمالكي ولكن قد يكون الوقت متأخرا ولكن ايران سوف تذهب الى حيث المشنقة السياسية المنتظرة لها هناك في سورية.
عندما تصل السياسة الايرانية الى طريقها المسدود فسوف تقوم بإدخال رأسها بحبل المشنقة السورية عبر معارضتها قيام مؤتمر جنيف بدون وجودها بالإضافة الى رفضها لأي حكومة انتقالية لا يكون على رأسها شخصية موالية لها، او كتلة سياسية تتحكم بها.
الحالة السورية معقدة ومختلفة في بنائها السياسي ولذلك يصعب على إيران انتاج مالكي او حسن نصرالله جديد في سورية وهذا ما سوف يجعل المنطقة قابلة للمواجهة السياسية والعسكرية المحتملة لان مواجهة الفشل بالنسبة لإيران وسياستها سوف تكون الدافع الاكبر للانتحار السياسي وها نحن اليوم نشعر بمؤشرات هذا الانتحار فيما يحدث في لبنان والعراق اليوم.
الشكوك مؤكدة أن ايران لن تحقق شيئا من اهدافها في المنطقة لان الفكرة التي بنت عليها ايران منهجية السيطرة وفرض القوة في المنطقة فكرة تقليدية تنتهي الى الحرب والصراع المباشر فليست لدى ايران مقومات اقتصادية تفرض نفسها على المنطقة كما ان ايران ليست من دول العالم القوية، فايران مصابة بمرض الأيديولوجيا منذ جاءت الثورة الخمينية كما أنها مصابة بالهزل الاقتصادي منذ ذلك الزمن.
إيران التي تتحرك في منطقة مكتظة بالمصالح سوف تجد نفسها محملة بالذنوب السياسية التي سوف يعاقبها عليها العالم لعقود طويلة قادمة فالذنب اللبناني يفتح اليوم عبر محكمة دولية وقريبا الذنب العراقي واليمني وكلها ذنوب سياسية ارتكبتها ايران ولكن ذنوب ايران في سورية سوف تكون اكبر الذنوب التي سوف تقود حبل المشنقة الى رقبة ايران السياسية.