الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا جنيف - 2؟

لماذا جنيف - 2؟

25.05.2013
غازي العريضي

غازي العريضي
الاتحاد
السبت 25/5/2013
بعد أيام من الدعوة الأميركية - الروسية لعقد مؤتمر جنيف-2 لإيجاد حل للأزمة السورية، بدأت المواقف والتصريحات من جهات عدة، تشكك بفرص نجاح المؤتمر. ورغم الاهتمام بموقف النظام السوري وشروطه لقبول الدعوة، وموقف المعارضة وشروطها المضادة، والنقاش الدائر حول الدول التي يجب أن تشارك في المؤتمر، فإن الأنظار ذهبت إلى اتجاه آخر. إذ، من المفترض أن يكون الهدف، تشكيل حكومة انتقالية لها كامل الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، تمهيداً للاتفاق النهائي، والذي بنتيجته يتقرر بقاء الرئيس السوري أو عدم بقائه في السلطة. لكن التركيز في الأيام الأخيرة كان على «الإرهاب» والإرهابيين و«المتطرفين» الأمر الذي أفاد النظام. وخلق مخاوف كثيرة وكبيرة عند المعارضة بكل أطيافها والدول الداعمة لها.
الإعلام الغربي ركّز كثيراً على صورة المقاتل من جبهة «النصرة» الذي سحب قلب جندي سوري نظامي وهمّ بأكله. الصورة مرعبة ومستفزة. وتركت أثراً سلبياً وأعطت فكرة بشعة عن المعارضة. صورة أخرى ظهرت يبدو فيها مقاتل آخر من النصرة يعدم مواطنين قيل أنهم جنود نظاميون. أميركا وضعت جبهة «النصرة» وقائدها أبو محمد الجولاني على لائحة الإرهاب. ثم ظهر من هو أكثر تطرفاً منه كما قيل وهو أبو بكر البغدادي الداعي إلى إقامة «دولة العراق الإسلامية» وبدأ يستقطب مجموعات من «النصرة» وغيرها حوله!
وزير الداخلية الألماني أعلن بوضوح أن سوريا تحولّت إلى معسكر لتدريب الجهاديين. «وإن ما يتراوح بين 600 و 700 إسلامي خرجوا من أوروبا للمشاركة في الحرب السورية وهو ما يمثل نسبة 10 في المئة تقريباً من مجموع المقاتلين الأجانب»!
وحذّر من «التهديد الذي يمثله الإسلاميون الألمان المشاركون في الوقت الراهن في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا مشيراً إلى أن نحو «30 إسلامياً ألمانياً موجودون هناك ».
وتجدر الإشارة إلى أن وفداً مخابراتياً ألمانياً زار سوريا للمرة الثالثة خلال الأيام الماضية للتشاور والتنسيق حول هذا الموضوع!
رئيس الحكومة التركية وبعد زيارته واشنطن، بدأ يتحرك والقلق يرافقه من تنامي دور «جبهة النصرة »، «والمتطرفين» على الأرض السورية. معلومات قالت، إنه يستعد لمواجهة «النصرة»، بعد أن كان قد أعلن أن أميركا استعجلت في إدراج اسم الجبهة على لائحة الإرهاب! فضلاً عن ذلك، ضرب الإرهاب، منطقة الريحانية. صحيح أن الموقف الرسمي التركي أتهم سوريا. لكن الأمر ترك آثاراً سلبية كبيرة على الوضع الداخلي التركي، وعلى موقف الحكومة وسياستها. لقد أصبح الموضوع السوري موضوعاً تركياً داخلياً بامتياز وأخذ بعداً مذهبياً. ثمة تحركات في الأوساط العلوية والتركية تطالب الحكومة بحل المسألة العلوية والتركيز عليها كما تم التركيز على المسألة الكردية. معارضو الحكومة ذهبوا إلى التساؤل عن وجود مذكرة استجواب مهملة منذ 3 أشهر تتهم وزير الدفاع « بطرد 800 عسكري علوي من الجيش لأسباب وحجج واهية. ومعظم القيادات العسكرية التي تم سجنها أو إقصاؤها عن الجيش متهمة بالانتماء إلى تنظيم انقلابي من العلويين».
وفي المقابل تستمر عمليات التطهير العرقي المتبادلة. نفذها النظام في بانياس مؤخراً والقصير ومحيطها وردّت فصائل معارضة بعمل مماثل في ريف حماه. فريق يطهّر مناطق من الوجود السُنّي وآخر يطهر مناطق أخرى من الوجود العلوي! وحالات التطرف و«الإرهاب» تنمو وتكبر، وإنْ كان التركيز في هذا المجال في الغرب خصوصاً يقع على المنظمات المعارضة للنظام وليس على النظام بشكل واضح مع انتقادات توجّه لقواته. حتى وصل الأمر بالبعض إلى الحديث عن أن جنيف -2 سيكون، بل يجب أن يكون لضبط المتطرفين، فيما كان الهدف حلاً سياسياً وحكومة انتقالية لا وجود للأسد فيها في نظر الغرب!
اليوم، الحرب في سوريا حرب الحروب. حروب الدول والأمم والمخابرات والاتجاهات المختلفة. يمكن أن تطلق عليها كل الأوصاف نظراً للتجارب السابقة والحالية في دول أخرى. سوريا تتجه، نحو:«اللبننة»، «العرقنة»، «الصوملة»، «الأفغنة»، وكل هذا يركّز على الممارسات «الإرهابية» التي لا تريدها أميركا ويخشاها الغرب وبالتأكيد تستند إليها موسكو لتأييد النظام ومنع سقوطه، لتدخل إسرائيل على الخط مؤخراً، وتقول بلسان أكثر من مصدر فيها «بقاء الأسد أفضل من حكم المتشددين». «شيطان تعرفه أفضل من شياطين لا تعرفهم»... وهكذا دواليك. تركت الأمور منذ البداية تتفاعل حتى وصلت إلى هذه الحال، والتي يستفيد منها النظام، ولكن سوريا كل سوريا تدمّر، وتطلق التوصيفات التي ذكرنا على الواقع الحالي. أميركا رفضت دعم المعارضة. تنتظر قيام معارضة مدنية سلمية حضارية تقاتل نظاماً مدججاً بكل أنواع الأسلحة وله كل وسائل وطرق الدعم والإمداد. في الفترة الأخيرة، قالت أميركا إنها ستقدم سلاحاً غير فتاك، غير قاتل، سلاحاً ناعماً، هي السياسة الناعمة في المواجهة، بل سياسة النعومة في المواجهة. بل سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال! اللعبة مكشوفة من الأساس وخطيرة والشعب السوري دفع الثمن وكل المنطقة سوف تدفع الثمن وهذا ما يخدم إسرائيل. وبعد فترة قد تلجأ أميركا إلى استخدام الطائرات من دون طيار لتعقب عناصر «القاعدة» و«دولة العراق الإسلامية» و«النصرة» تماماً كما يحصل في اليمن وباكستان وأفغانستان وغيرها.
كثيرون راهنوا على دور أميركي، وتدخل أميركي وغربي ضد النظام، سيرون تدخلاً ضد الإرهابيين. وكل هذا يخدم وجهة نظر النظام وحلفائه!
هل ثمة من يريد أن يتعلّم؟ والرئيس السوري يقول «نحن نقاتل الإرهاب. الشعب السوري يقرر من يبقى ومن لا يبقى في الحكم، سأترشح للانتخابات الرئاسية، ولن أنسحب وأنا قبطان السفينة ولست أنا من يهرب»!
نعم، سيترشح الأسد، وسينتخب رئيساً إذا استمر الوضع على ما هو عليه ولن يفيد بعد ذلك لا جنيف 2 – ولا جنيف 3 – ولا 4... ولا غيره.
الوقائع هي التي تفرض نفسها على الأرض، وينبغي الإشارة إلى وقائع جديدة سنراها على حد قول نائب رئيس الأركان الإيراني، وفي كلام مكمـّل لما قاله الأسد، والأمين العام لـ«حزب الله»، وعدد من المسؤولين الإيرانيين «ثمة مساعٍ حثيثة لتشكيل قوات عسكرية تتولى حماية ما يوصف بالمراقد والمقامات المقدسة للشيعة».
«المنطقة مقبلة على متغيرات سيمـّر جزء منها في هضبة الجولان. وتحريرها ليس بالأمر المتعذر. وهذا الأمر يمكن أن يحصل خلال أشهر وسنشهد تغيراً جذرياً».