الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا جنيف -2..هل هو مقدمة لجنيف 3؟

لماذا جنيف -2..هل هو مقدمة لجنيف 3؟

17.06.2013
ثائر الزعزوع

المستقبل
الاثنين 17/6/2013
قبل أكثر من عام تحلّق عدد من السياسيين من دول مختلفة في مدينة جنيف السويسرية لبحث الأزمة السورية، كانت الدول الكبرى قد أعدت مخطط عمل بدا للوهلة الأولى إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من الدولة التي بدأت ملامح التداعي والانهيار تظهر عليها، كان قد مر على الثورة في ذلك المؤتمر سنة ونصف السنة تقريباً، لكن المبادرة ذات النقاط الست ظلت معلقة بين رفض وقبول من كلا طرفي النزاع، ولم يكتب لها النجاح، وأدى فشلها لاستقالة الموفد الأممي والعربي كوفي انان عراب تلك المبادرة، إلا أن أصداء مبادرة انان ما زالت تتردد حتى يومنا هذا في الأروقة الدبلوماسية على اعتبار أنه يمكن إحياؤها لتشكل "خارطة طريق" لإنقاذ ما تبقى، هذه المرة، من الدولة التي بدأت ملامح الحرب الطائفية تلتهم جدرانها وتنذر بكارثة كبرى قد تجر المنطقة بأسرها لا سوريا فقط، وخاصة بعد تدخل "حزب الله" عسكرياً في الأزمة معيناً النظام السوري الذي لم يعد قادراً على احتمال المزيد من ضربات الثوار.
منذ شهر تقريباً بدأ الحديث عن "جنيف 2" أي أن أولئك الذين اجتمعوا في "جنيف 1" سيعودون مرة أخرى ليناقشوا الأزمة السورية، وما بين إرجاء وتأجيل واحتمالات إلغاء المؤتمر، الذي يمثل، حسب مراقبين، الفرصة السياسية الأخيرة التي تتوسم فيها كل من واشنطن وموسكو خيراً قبل أن تقدم واشنطن تحديداً على تنفيذ تهديدها، بعد أن قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن صبره قد بدأ ينفد، ويأتي "جنيف 2 " بعد التوسعة التي طرأت على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الحامل الأكبر لقوى المعارضة السورية، السياسية طبعاً، ولعل واحداً من أبرز الأسئلة التي تعترض سبيل المؤتمر هو لماذا؟.
نعم لماذا يعقد مؤتمر قرر طرفاه الرئيسان ألا يتخلى أحدهما عن مطلبه الأساسي، فقوى المعارضة لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تساوم على بقاء بشار الأسد رئيساً لأنها بذلك ستعلن انشقاقها عن الشارع الثائر، مع التذكير بأن الائتلاف الوطني لم يحسم حتى الآن ما إذا كان سيشارك في المؤتمر أم لا، بالمقابل فإن النظام، الذي أعلن موافقته على المشاركة في "جنيف 2" مشفوعاً بتطمينات روسية واضحة أن مستقبل الأسد لن يكون مطروحاً للنقاش على الطاولة، وسيتم ترحيل هذه المفردة الملتبسة إلى وقت لاحق، ولا يعتزم النظام التفريط بكل ما يعتبره حقاً له، فهو لن يتنازل عن أجهزته الأمنية وجيشه، علماً أنهما أساس المشكلة، وسيكون على الحكومة التي من المزمع أن تتشكل بعد "جنيف 2" في حال انعقاده سيكون عليها أن تشرف على بعض التفاصيل الصغيرة في الدولة، صحيح أنها ستتمتع بالقدرة على إدارة الحوار الوطني، والتمهيد لانتخابات لاحقة، وكذا الإشراف على المصالحة الوطنية، إلا أن هذه التفاصيل هي حبر على ورق واقعياً طالما أن القوة العسكرية الضاربة ستظل مؤتمرة بأمر بشار الأسد، الذي، والحالة هذه، لن يكون رئيساً بلا صلاحيات، بل إنه سيتمتع بالصلاحيات الكاملة، فالأزمة السورية ليست أزمة وزارة صحة أو صناعة، بل هي أزمة قوات عسكرية وأمنية قامت بقتل المتظاهرين، ثم إن حكومة بشار الأسد الحالية وفي غالبية أعضائها مشاركة بشكل أو بآخر في كل ما تقدم.
ولعلّ الشيء المهم، بل هو الأكثر أهمية أن الشارع السوري الثائر، وخاصة بعد ما حدث من مجازر في مدينة القصير، بات أكثر اقتناعاً أن لا رغبة لدى المجتمع الدولي لإنهاء معاناته، ولهذا فإن فرض مقترحات تعقب مؤتمر جنيف 2 يستوجب أولاً وجود أرضية شعبية لدى الائتلاف يستطيع من خلالها قيادة الثوار للقبول بها، وعلى الضفة الأخرى فإن النظام وعبر قنواته الإعلامية وإطلالة محلليه السياسيين يبدو منتشياً بما حققته قواته بالاشتراك مع ميلشيات حزب الله في القصير، وهو يقنع جمهوره أن ذهابه إلى المؤتمر،إن ذهب، إنما هو ذهاب المنتصر، لا ذهاب الراغب في الوصول إلى حلٍّ للأزمة، و أن بشار الأسد سيبقى، والكلام هنا لوزير خارجيته وليد المعلم، ولا يمكن لأي قوة في الأرض أن تفرض على الشعب السوري شيئاً عكس رغبته، في إغفال واضح، وتجاهل لسنتين متواصلتين من رفع شعار "ارحل" الذي طالب من خلاله ثلثا الشعب السوري على الأقل برحيل بشار الأسد عن الحكم.
لماذا "جنيف 2"؟.
لم يقدم أي من الداعين أو المعلقين جواباً لهذا السؤال، وإنما تأويلات وتحليلات لا ترقى إلى مستوى الأزمة، وهي تبقي الباب مفتوحاً لمؤتمر مقبل قد يطلق عليه تسمية "جنيف 3".