الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا لا (نكرر) في سوريا هزيمة الروس في أفغانستان؟ ولكن.. (2)

لماذا لا (نكرر) في سوريا هزيمة الروس في أفغانستان؟ ولكن.. (2)

19.10.2015
وائل مرزا



المدينة
الاحد 18/10/2015
لماذا لا (نكرر) في سوريا هزيمة الروس في أفغانستان؟ ولكن.. (2) أبدأ مقال هذا الأسبوع بما انتهيت إليه الأسبوع الماضي، بأننا نريد سويًا، كسوريين وخليجيين، أن نعمل بكل ما أوتينا من حكمة الآن، لأن تُهزم روسيا في سوريا، بشكلٍ ليس كثيرًا على الله أن يكون سببًا في سقوط النظام الروسي، تمامًا كما كانت الهزيمة في أفغانستان من أهم أسباب سقوط الاتحاد السوفياتي بأسره.
غير أن هذا يجب أن يحصل بدراسةٍ وتخطيط وتوازنات تليق، من ناحية، بشعوب تعرف كيف تتعلم من دروسها على طريق تحقيق (مقاصدها) الكبرى حضاريًا وشرعيًا.. وتَحفظُ، من ناحيةٍ أخرى، ليس فقط استقرار سوريا بعد تحريرها، بل واستقرار دول الخليج، وتحفظ أمنها في جميع المجالات.
وبصراحة، يجب في هذا المقام تحديد ما تحتاج إليه سوريا لتحقيق ذلك الهدف، وما لا تحتاجُ إليه، وأن يحصلَ هذا بحسابات لا تزعزع، في نفس الوقت، لا حاضرًا ولا مُستقبلًا، السلم الأهلي والأمن والاستقرار، في مجتمعات الخليج.
في هذا الإطار، أولًا وقبل كل شيء، لا تحتاج سوريا إلى مقاتلين.. وقد أثبت رجالهُا أن باستطاعتهم، بشيءٍ من الدعم، قهر النظام ثم مليشيات ما يُسمى (حزب الله) ثم الإيرانيين! والاضطرار إلى قدوم الروس، في الحقيقة، يُصدﱢقُ هذه الحقيقة بحسابات إستراتيجية، بعيدًا عن التفكير البسيط في هذا الموضوع.
لا حاجة لسوريا أيضًا في أن تُعرض قضيتها، لا على الخليجيين ولا على العرب والمسلمين، بمدخل (الملاحم والفتن) ونهاية الدنيا.. فهذا يمكن أن يُحدث، ولو عن غير قصد، خلطًا ليس في مصلحة الشعب السوري وثورته.. ويمكن أن يكون فيه تعسف، وأحيانًا، تناقض بين الروايات والواقع، بطريقةٍ لا تنسجم ابتداءً مع المنهج الإسلامي الأصيل، الذي يجب أن يتحرى الدقة والأمانة و(الوسطية) في التعامل مع مثل هذه القضايا المتعلقة بحاضر الشعوب ومستقبلها.
نفهم تمامًا، ونُقدر، التفاعل الذي نشعر، كسوريين، بحرارة صدقه مع الثورة السورية، ونؤمن بأنها ستكون تمهيدًا لتغييرٍ حضاري كبير.. لكن ثمة طريقة في (استعجال) الملاحم والفتن ونهاية الدنيا لا تصلح مدخلًا للتعامل مع الموضوع السوري.. فهي حين، تكون مُلتبسةً بالتعسف والتناقضات، لن تترك فسحة للعقل والفهم والتخطيط للتعامل مع التعقيد الكبير المحيط بالثورة السورية.. وإنما ستُصبح سببًا لذبحها بالفوضى والخلاف والاستعجال.. ناهيك عن أن تترك مجالًا لإعمار الأرض والحكم الرشيد فيها بغض النظر عن التسميات..
كيف تُدعمُ الثورة السورية إذًا؟
حسنًا.. بوضوح وشفافية، ثمة ساحةٌ أساسية تتعلق بالعمل العسكري ومتطلباته، يجري العمل عليها على مستوى الدول والحكومات، نذكر هذا لئلا نتهرب من أي موضوع.
لكن ثمة ألف طريقة وطريقة أخرى، تتطلب دعم شعوب الخليج، يعمل من خلالها سوريون في مشروعات حساسة بلغة العصر، توحيدًا لصفوفهم.. وحشدًا إعلاميًا ودبلوماسيًا عالميًا ضد الغزو الروسي، من مخاطبة الروس في عقر دارهم، إلى خلق زخمٍ إعلامي وحقوقي عالميٍ ضد غزوهم الواضح، وهذا أمرٌ لم يكن ممكنًا، لهذه الدرجة، قبله، في التقاليد العالمية، إلى غيرها من مشروعات عديدة.
خلاصة الموضوع تتمثل في أن نتعلم دروس التجارب الماضية ونتجنب سلبياتها، على سوريا وشقيقاتها، هذا من جانب، وأن نعمل من جانبٍ آخر، بطرق خلاقة ومُبتكرةٍ للمساهمة في تحقيق الهدف المُشترك، وهذا نشاطٌ يحصل الآن، ولن يعدم المهتمون أساليب الوصول إليه وإلى أصحابه