الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا لن تبقى منظومة (بشار الأسد)؟

لماذا لن تبقى منظومة (بشار الأسد)؟

10.07.2017
د. يحيى العريضي


 كلنا شركاء
الاحد 9/7/2017
كيف سيكون حال سورية وأهلها إذا بقي /نظام الأسد/” كان موضوع نقاش مقال سابق جاء فيه باختصار أن سورية لن تعود إلى الحياة، إذا استمرت سلطة “النظام”، لأنها ستتحول إلى ميليشيا انتقام أكثرجنوناً وعنفاً، وأشدَّ فتكاً وانتقاماً ممَّا هي عليه الآن؛ وبأحسن أحوالها، ستكون منظومة في ظل الاحتلال الروسي- الإيراني. ومن هنا جاء السؤال البحثي التالي: ” كي لا تستمر المأساة السورية، ما الذي يجب فعله؛ وكيف ؟”.
        تنوعت الإجابات المقَدّمة، ولكن تركيزها الأكبر كان حول (ما الذي يجب فعله) دون التطرق إلى كيفية إنجاز أو ترجمة المقترح وتحويله إلى واقع. ولكن حسب هذه الخطوة البحثية أنها تقدِّم جملة أفكار على الباحثين و”القادة” من أهل الثورة السورية التمعن بما جاء فيها، والدخول الفوري في عالم {كيف يتم ذلك}
ستقدم هذه الورقة تكثيفاً للرؤى والآراء التي وردت، ثم تختم بمقترح يتعلق بمنهجية مقاربة المسألة بحثياً.
       قبل الولوج في طبيعة الأفكار المُقَدَّمة لا بد بداية من القول بان الإجابة عن السؤال: ” لماذا يجب أن يرحل نظام الأسد؟” لا تحتاج إلا لبديهيات البشر في القرن الواحد والعشرين؛ إذ كيف يمكن تقبُّل استمرار أي شخص في السلطة لسبع عشرة سنة ؟! لماذا تحدد الدول المتحضرة الولاية الرئاسية الأقصى بثمانية أعوام مثلاً؟.. خاصة إن كانت شبكات الإجرام ضد الإنسانية تتقاطع على طاولته !! بل إن هذا ” النظام” هو أصغر الجالسين إلى طاولة الحكم بينما كرسي الحكم الفعلي يقتسمه مستشار إيراني يفرض سطوته بميليشيات طائفية، وحاكم عسكري روسي يزرع قواعد عسكرية هي أقرب ما تكون لثكنات احتلال على الأرض السورية!! أليس من حق السوريين تحديد ولاية أي حاكم بمدة لا تتجاوز العشرة سنين ؟ أليس من البديهي أن يحاسبوا الحاكم على أي تجاوز؛ فكيف إن كان تورط بجرائم ضد الإنسانية ؟! أليس من حق أي شعب أن يحافظ على استقلاله ويتخلص من أي حاكم عميل للتسلط الخارجي وقوى الاحتلال ؟!
       من جانب آخر هناك حقائق تفقأ العيون على الأرض السورية تقدِّم ألف سبب وسبب لإزالة منظومة الأستبداد ومن بينها المسؤولية عن تدمير البنية الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية للمجتمع السوري، وعن بعثرة نصف السكان وتدمير أكثر من نصف سورية واعتقال ما تجاوز الربع مليون سوري، وقتل نصف مليون ، وإقعاد مليون…. وكل ذلك موثق.  زد على ذلك أن مَن دعم المنظومة يريدها قوية؛ ولكنها أضحت غاية في الهشاشة مع تهدم جدار الخوف منها؛ ومن هنا، لن يحرص على بقائها لحظة نضوج الصفقة.
       وفي ضرورة إزالة منظومة الإستبداد، لا بد من إدراج حقيقة إصرار ومطالبة السوريين بالحفاظ على “وحدة سورية أرضاً وشعباً” ؛ فلا يختلف سوريان شريفان على هذا الكلام؛ ولكن بنظرة سريعة إلى الواقع السوري، بعد سبع سنوات عجاف، أضحى المطلب الطبيعي للسوري هو حقيقة {إعادة توحيد} سورية أرضاً وشعباً؛ لأن النظام- إضافة إلى تمزيقه النسيج الإجتماعي والروحي والنفسي والإقتصادي السوري-  فإنه بعثر ومزق وشرد السوريين بقيامه بتطهير عرقي في بعض الجغرافيا السورية،  يساعده في ذلك إيران- التي لا يستقيم مشروعها العبثي التخريبي لمحيطها- إلا عبر تمزيق المكان الذي تحل به……..
       من جانب آخر ما تم هو تدمير لسيادة الدولة التي يدعي بوتين أنه حريص عليها، لأنها هي التي تشرعن تدخله الإحتلالي، وهي التي يتلظى بها أمام العالم قائلاً “لا بد من المحافظة على منظومة الأسد لأنها هي التي تحافظ على وحدة سورية”. وحقيقة ما يحدث فعلاً هو عكس ذلك تماما؛ً فالنظام لا يعيش إلا على التمزيق والتوتير واستمرار الحرب. من هنا أتت أفكار كـ “سورية المفيدة” يوماً. فمن له سيادة وما هو شرعي، لا يختار جغرافيا بعينها في بلد ما تاركاً/مجبراً أم مختاراً/ باقي الجغرافيا نهباً لمن هب ودب ويستمر بادعاء السيادة والشرعية.
        في الأفكار المُقَدَّمة بخصوص ما يجب فعله للخلاص، و على صعيد ثوري سياسي مدني، وتحديداً فيما يتعلق  بالبنية الذاتية للثورة، لا بد بداية من نبذ الخلافات وتغليب المصلحة العامة والتخلص من كيانات وأجساد غريبة دخلت الثورة؛ ما يستلزم أولاً الانطلاق من حالة ذهنية ترى بأن سورية واحدة ووطن للجميع ضمن حدود معترف بها دوليا. تلحظ الإجابات توقاً لإعادة إحياء روح الثورة الشعبية السلمية العفوية  تحت يافطة “نحن شعب” ولسنا “معارضة تبحث عن سلطة”. ومن هنا لا بد من تطوير البنية النفسية والفكرية للثورة عبر أناس لهم مصداقية عالية لدى مختلف فئات الشعب؛ ما يهيىء  بديلاً سياسياً مقنعاً يشكّل قيادة شريفة تثق بها الجماهير تجسدها أسماء لم تُلَوَّث. هناك شبه إجماع على الدعوة إلى مؤتمر وطني سوري “يضع النخب أمام مرآة الحقيقة”؛ ينتخب قيادة سياسية جديدة غير مرتهنة لأي أجندات خارجية أو خاصة؛ يحلُّ أو يصلح الأجساد السياسية القائمة في المعارضة، ويشكل ما هو جديد.
       أما في البنية الموضوعية للثورة، رأى المساهمون ضرورة  التنسيق مع دول ذات مصالح، وخلق تفاهم حقيقي مع روسيا وأمريكا. ووصَلَ البعض إلى طرح ما يُعتَبر بالنسبة للسوري من المحرمات: “تفاهم من نوع ما مع إسرائيل”، بغية سحب البساط من تحت أقدام النظام، باعتبار إسرائيل حاميه الأول. رأى المساهمون في هذه الدراسة أنه على صعيد ثوري عسكري، لا بد من  توحد الفصائل العسكرية الثورية في جسد عسكري واحد يكون “جيش تحرير وطني” يشكل النواة الأساس لجيش سورية المستقبل؛ ولا بد من نزع ثوب الإرهاب الذي سعى النظام أن يلبسه لكل من يقاومه.
باختصار؛ الطريق هو التركيز على حق السوريين في عقد اجتماعي يضمن ألا يستمر أي شخص أو حزب في السلطة لأكثر من عشر سنوات ؛ والعمل على محاسبة جميع مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية والتخلص منهم وعلى رأسهم مافيا الأسد ؛ والكفاح لأجل التحرر من التسلط الخارجي إيرانياً كان أم روسياً. مرة أخرى، لألف سبب وسبب، لن يبقى نظام الأسد. والأصل بما على السوريين القيام به وكيف.