الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا يمنع الأسد المفتشين من فحص الجريمة ؟

لماذا يمنع الأسد المفتشين من فحص الجريمة ؟

23.08.2013
اليوم السعودية

اليوم السعودية
الجمعة 23/8/2013
يقترب عدد ضحايا الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي يرجح أن ميلشيات النظام السوري قد شنته على مناطق غوطة دمشق، من 1800 ضحية، بينما أعضاء مجلس الأمن الدولي لايزالون ينخرطون في مشاورات عبثية عما يمكن أن يفعلوه في محاولة لتمييع المسئولية عن هذه الجريمة الشنعاء الواضحة التي ارتكبت في مساحة واسعة من الأرض ونالت آلافا من الناس.
والمفارقة أن المفتشين الدوليين على بعد عدة كيلومترات من موقع المذبحة، ويمكن ببساطة توجيههم إلى المواقع المنكوبة، ولكن نظام الأسد يرفض السماح لهم بالتوجه إلى مواقع الهجوم وفحصها وجمع أدلة توضح لكل سكان الأرض من هو الفاعل، فيما كان على نظام الأسد ورعاته في طهران وموسكو أن يجتهدوا وأن يحرصوا على تمكين المفتشين من الوصول إلى مواقع الهجوم، إذا كان نظام الأسد وأسلحته الكيماوية بريئة من ارتكاب هذه الجريمة كما يزعمون. وإلا فإن منع المراقبين من السفر إلى المناطق المنكوبة يثبت أن النظام هو الذي شن الهجوم البشع ولا يأبه لا بالأمم المتحدة ولا بمفتشيها ولا بعقوباتها، ويتصرف وكأنه يحوز على حصانة أبدية من العقاب.
وفي الحقيقة ان النظام، منذ بداية الأزمة في سوريا، وهو يتصرف على أساس أنه يملك حصانة وأنه متسلح بالفيتو الروسي وبالمراوغات الدولية لهذا كان يرتكب ما يعن له من جرائم طائفية بلا حسيب أو رقيب أو رأفة بالضحايا، حتى بلغ عدد ضحايا نيران النظام وهمجيته مئات الآلاف من القتلى والمعوقين، ومئات الآلاف من المغيبين والمعتقلين وملايين من المشردين. ونظام تجرأ على ارتكاب هذه الجرائم علناً وأمام العالم بأسره، لن يكون أكثر حذرا في شن هجوم بأسلحة كيماوية.
الآن تترتب مسئولية أخلاقية حاسمة على عاتق الأمم المتحدة وأمينها العام ومندوبي مجلس الأمن، لأن ما حدث لا يجب السكوت عليه أو التسامح بشأنه، ويجب على الأمم المتحدة أن تتحقق بصورة دقيقة وأن تعلن المسئول عن هذه الجريمة البشعة غير المسبوقة في القرن الواحد والعشرين، لأن هذا العالم سوف يعاني الخوف والخزي بوجود أشخاص طلقاء يتعمدون قتل سكان مسالمين بغازات سامة وأسلحة كيماوية وكأن أطفال القرى والأمهات المتعبات، أسراب من ذباب أو حشرات ضارة يتعين محوها بهذه الطريقة البشعة. بمعنى أن المسئولين عن هذه الجريمة والذين أمروا بتنفيذها ومنفذيها يمثلون خطراً على المجتمع الإنساني بأسرة، إذ يبدو أنهم يستعدون لارتكابها في أي مكان من العالم. ولا يفخر العالم بوجودهم أحراراً طلقاء يحتسون نخبهم على مناظر جثث مئات الأطفال وأصوات آلاف المحتضرين والمصابين.
وإذا كانت الأمم المتحدة تحارب التطهير العرقي في كل مكان، فإن مذبحة يوم أمس الأول في قرى غوطة دمشق واحدة من أبشع أنواع التطهير في سالف الزمان ونهايته.