الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا ينتصر ثوار سوريا... و ينهزم الطغاة؟!!

لماذا ينتصر ثوار سوريا... و ينهزم الطغاة؟!!

27.05.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 26/50/2015
منذ كنا صغارا في المدارس كان أساتذتنا الأجلاء يحدثوننا -على الدوام- أحاديث قلبية عن ضرورة الاتحاد والعدل و نبذ التفرق والظلم ويأتون لنا بقصص طريفة جاذبة للانتباه فنسربها ونعود إلى بيوتنا فننقل بعضها إلى آبائنا وأمهاتنا وأسرنا على الغداء أو في السهرة المسائية , وعندما نتذكراليوم – ونحن كبار- ما يجري في معظم بلادنا العربية من مآس وهيمنة بعض القوى المتحدة على الباطل الظالمة على كثير من مقدراتنا – سواء كانت دولية أو إقليمية أو محلية – فإننا نعيد شريط الذكرى إلى الماضي لنربط الأحداث بعضها ببعض ولا نخجل من ذلك فقد دعانا القرآن و السنة للإفادة من أخبار وقصص السابقين لنتفادى الأخطاء والأخطار, وفي هذا يقول الزعيم الهندي "المهاتما غاندي": إن من ليس له ماض فليس له حاضر ولا مستقبل. وفي هذا الأسبوع بالذات يوم الجمعة الماضي تم في سوريا تحرير مشفى جسر الشغور في ريف إدلب بعد أن تحدى الأسد السفاح بأنه سيحرر من فيه من المحاصرين الأبطال وفيهم من يحمل الرتب العالية مدنيا وعسكريا, إضافة – إلى ما نقل – بعض من هم من الضباط و المستشارين الإيرانيين وغيرهم, ولكن الذي حدث فعلا وبعد أكثر من أسبوعين من محاولات اللانظام الطاغي ومَن وراءه من الأسياد المعروفين لم يقدروا على شيء بل عند ما قامت المحاولة الأخيرة يوم الجمعة فر الجنود كالفئران و الأرانب ووجد الآخرون من المنهزمين كمائن لجيش الفتح تطوقهم وتقتلهم أو تأسرهم وضربت الروح المعنوية التي أراد النظام البشاري أن ينفخها في أنصاره وأخفقت جميع التعزيزات العسكرية لحلفاء اللانظام وانقلب السحر على الساحر ولم ينج إلا اثنا عشر واحدا منهم ذكرهم التلفزيون السوري المخادع أنهم أول دفعة للتحرير وهو يدري أنه لا دفعة بعدهم أبدا! وقد تم ذلك رغم أن الطائرات الحربية كانت خمسا ونفذت أكثر من 22 غارة عدا الحوامات التي تلقي البراميل المتفجرة لكن دون جدوى. ولاشك أن جسر الشغور منطقة كبيرة و استراتيجية بالنسبة إلى اللانظام حيث إن سقوطها يفتح الباب للثوار إلى خوض المعركة الكبرى في الساحل السوري على البحر المتوسط لأنه معقل طائفة الأسد, وطبعا في هذه الأيام القلائل الماضية تمت السيطرة على "تدمر" المدينة الكبيرة المعروفة بسجنها الدامي الذي خصصه حافظ الأسد وبشار لتعذيب السياسيين من الرجال و الشباب والنساء والشواب - وخصوصا الإسلاميين -, هذا وإن كانت داعش هي التي وضعته بأيديها لكننا – ورغم ما تم من معارك مع اللانظام يصعب علينا أن نقبل أن يتم التنازل عن تدمر ببساطة فربما كان سيطرة حقيقية وربما كان في الأمر شيء آخر ستفسره الحوادث و الأيام المقبلة . بيد أن المراقب والمطلع المحايد يندفع إلى القول: إن ما يجري الآن من تراجع مزر جديد لطغمة الطغاة إنما هو يأس أو شبه يأس من كسب النزال في الحلبة, وأنه لا بد من التقسيم – لا سمح الله – في سوريا مع احتفاظ الأسياد للعبيد ببعض المواقع المهمة على البر والبحر والتي بها يضمنون مصالحهم ومصالح سيدتهم الأولى (إسرائيل الصهيونية) وخصوصا فيما يتعلق بالأمن والتمدد ويذرون السنة في الوسط محاصرين من الأسياد و العبيد وعندها في أممهم المتحدة على الجور ومجلس خوفهم الذي لا أمن فيه ينتهي الخطب السوري في هذا العصر الباطني الدموي الذي ترأسه الصهيونية العالمية ويقوم فيه الكبار والصغار-ومنهم الصفويون- ممثلين على المسرح ليس إلا. و أظهر طغاة العرب تفوقا في العمالة و العبودية لهم لا نظيرلها ووفروا عليهم الجيوش والخسائر! ونحن إذا رجعنا إلى قراءة ما يجري بتأن وعقل وحكمة عرفنا أن كل حاكم طاغية فرعوني لا يمكن إلا أن يكون داعية تفرقة على عنوان (فرق تسد) بل يجعل من نفسه إلها أوله صلة بالإله كيلا يعترض عليه أحد , ومن أهم ظلمه هنا أنه يستخدم السلطة الفاشية للتلبيس على الشعب و تعميق محو الوعي الجماهيري بالطغيان و القسوة وهو ما يفعله سفاح سوريا حتى اليوم كما يُطلب منه تماما, ومنها كذلك التقليل من حجم ومكانة المعارضة مع شدة الخوف منها كما فعل فرعون وحكى عنه القرآن (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56): الشعراء. وكما قال الأستاذ محمد زكريا النداف في كتابه "الأخلاق السياسية" . ص: 202 : فإذا كانوا قلة فلماذا يخاف منهم ويحشر الجيوش لقتالهم؟ ولكن فرعون كل زمان يفعل ذلك وخصوصا في الجانب الإعلامي حيث يفسر الأحداث لصالحه و ينسب الفساد دائما إلى أعداء السلطة , وهنا - وبهذه المناسبة فإن قناة الجزيرة وحدث العربية خصوصا- تُشكران على فضح هؤلاء الفراعنة بالصوت والصورة مما يعد من الجهاد الإعلامي ولم يعد ذلك خافيا حيث إن الجرائم الكبرى التي ارتكبها الطغاة فاقت كل وصف وتصور وكما أعلن عضو شؤون حقوق الإنسان في البرلمان الألماني وأحد مؤسسي محكمة الجنايات العليا ومندوب الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان في أفغانستان و في البوسنة سابقا (توم كونيفز) الذي يعتبر أحد خبراء القانون الدولي في ألمانيا وأوربا و العالم : أن حوالي 500 ألف صفحة تشمل تقارير و دراسات إضافة إلى وثائق تثبت ارتكاب رئيس النظام السوري بشار الأسد فظائع حرب ضد شعبه و إبادة جماعية منذ عام 2011 وبما في ذلك القصف بالكيماوي رغم أنه يكذّب ذلك ....وقال توم : وقد تم جمع هذه الحقائق والوثائق منذ عام 2012 حتى شهر مارس 2015 ومازال الجمع مستمرا من قبل محامين سوريين وغيرهم مما يؤكد أن مافعله بشار من مظالم يفوق إبادات "رواندا" و"يوغوسلافيا" السابقة وقد قامت سويسرا بجمع تواقيع خمسين دولة بما فيها ألمانيا لتقديم هذا الطاغية إلى محكمة "لاهاي" بالرغم من وضع موسكو واستعمالها حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن الدولي. طبعا نحن ننقل ما ذكر وبصائرنا لا تنسى أبدا الاتفاق بين الطاغية وإسرائيل وأمريكا وروسيا وإيران على تغطية هذا الهول الشنيع, كما بدأ وا من أول الثورة وتآمروا عليها , وفاقد الشيء لا يعطيه , وهل ننسى ما قاله المستر "أوباما" مؤخرا بتصاريحه المعسولة أنه سوف يغادر منصبه وسيبقى النظام السوري؟ أوهل ننسى التصريحات الأمريكية الحكومية المسؤولة مؤخرا أن تَقدُّم المعارضة المسلحة في سوريا يقلقها. و من قديم الزمان قال الشافعي – رحمه الله – عن اللؤماء والباطنيين :
و لا ترج السماحة من لئيم فما في النار للظمآن ماءُ
ومن هنا تكون التصريحات عند أرباب التضليل الإعلامي مرة هكذا ومرة هكذا... إنه أسلوب فرعون: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)غافر فالفساد حسب هواههم وليس حسب المصطلح العلمي الموضوعي , وهكذا يجري أذنابهم مثل تصاريح الأمين العام لما يسمى حزب الله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) البقرة. وكما ينقل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح في : النظرية السياسية من منظور إسلامي. ص: 412: إن هذه محاولات للتعريف حسب الهوى والمصالح الضيقة كما في استعمال مثل هذه المصطلحات اليوم:
"مصلحة الجماهير, الإرادة الشعبية, الشرعية, الاستقرار السياسي ..." إن كل ما يجري من الظلم لن يدوم لأن الظلم مرتعه وخيم عاجلا أو آجلا وإذا كانوا يريدون لنا أن نيأس فمعاذ الله من ذلك لأن اليأس هو الانتحار المحرم والكفرالممنوع , وإن معظم السوريين اليوم قد فهموا المعادلة بينهم كمظلومين وخصوصا – أهل السنة – وإن العديد من الشيعة العرب اليوم هم ضد أمين عام ما يسمى حزب الله والمالكي والعبادي – وإن الأحرار ضد السيسي ولن يقفوا مهما بلغت التضحيات وإن أبطال اليمن سيحررونها بإذن الله من الحوثيين والمنافقين وسوف يخيب فأل الصهيونية وأمريكا وروسيا وايران وإنما تعتبر الأقوال والأعمال و الأحوال بالمآلات كما يقول الإمام الشاطبي – رحمه الله – ولو كان بشار السفاح عنده بعض العدل لا الظلم لما ثار الشعب وتحملوا الألاقي والشدائد حقنا للدماء, ولكن ماذا تفعل إذا كان الحاكم مأمورا وعبدا لأسياده الذين ربوه ، إذا فلا بد من الاتحاد و هو ما لاحظناه بين الكتائب و الفصائل وكذلك الحكم بالعدل وهو الغالب عليهم - ولنا كلام آخر في هذا العدل الدنيوي والأخروي لاحقا بإذن الله .