الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذ لا تتدخل امريكا في سورية؟

لماذ لا تتدخل امريكا في سورية؟

23.08.2013
اليكس فيشمان

القدس العربي
الجمعة 23/8/2013
لا أمل في أن تغير الصور الفظيعة من سورية السياسة الامريكية أو الاوروبية تجاه الصراع الدامي ـ فمأساة سورية تكمن في حقيقة أنها دولة غير مهمة بقدر كاف للمصالح الغربية.
ما لم تتضرر المصلحة الامريكية في المنطقة أي ما لم تهدد الازمة الاستقرار في الاردن ولم تُعرض للخطر الحليفتين تركيا واسرائيل فان السوريين يستطيعون الاستمرار في ذبح بعضهم بعضا بلا عائق. إن القوات الامريكية أصلا منتشرة في الاردن ومستعدة لوضع مواجهة كيميائية ايضا. ولماذا الاردن؟ لأنه دولة مهمة للولايات المتحدة، لكن سورية ليست كذلك.
قبل بضعة أشهر حدث خلل دبلوماسي: فقد قال اوباما إن تحريك السلاح الكيميائي أو استعمال السلاح الكيميائي في سورية سيكونان تجاوزا لخط احمر، وفهم العالم أنه يقصد استعمال قوة عسكرية امريكية. الا انه لم يستقر الرأي قط في واشنطن على استعمال قوة في سورية أو على خطوط حمراء. ومنذ ذلك الحين تبذل السياسة الخارجية الامريكية كل شيء للنزول عن الشجرة التي تسلقها الرئيس، وعاد رئيس الاركان الامريكي دامبسي وأوضح علنا القيود على استعمال القوة في سورية، وأثبت ان السياسة الحقيقية هي أنه لن يوجد تدخل عسكري في أي سيناريو.
إن الصور الفظيعة للاولاد المُسممين ستضطر الادارة الامريكية الى الرد، لكن لا على نحو يورطهم في مواجهة عسكرية اخرى في الشرق الاوسط. قد يثير الجنرالات الامريكيون فكرة انشاء مناطق حظر طيران في سورية، لكن القيادة العليا من جهاز الامن تعلم ـ بفضل ألعاب تبادل الأدوار ـ أن محاولة تغليب ذلك بالقوة ستوجب عليهم ان يضعوا القدم على الارض السورية، وهم غير مستعدين لسماع ذلك.
هل أُثيرت في اثناء زيارة دامبسي لاسرائيل في الاسبوع الماضي قضية تعميق المساعدة العسكرية للمتمردين في سورية؟ حينما سُئلت جهات أمنية رفيعة المستوى أمس في اسرائيل عن ذلك أجابوا بابتسامة مُرة تقول: لم يكن هناك أمل في تغيير رأي رئيس الاركان الامريكي.
وسيتأثر الرد الامريكي ايضا بايقاع البيروقراطية: فحينما يُقال للامريكيين إنه وقعت حادثة كيميائية يجمعون معلومات وينقحونها ويفحصون عن صدق المصدر، ويُجرون مباحثات ويقدمون بعدها للقيادة الامنية توصية. هكذا مثلا نضجت حرب الخليج الاولى في مدة ثمانية أشهر. ولن يزعزع 1400 قتيل ايضا مبادئ الثقافة التنظيمية الامريكية. هذا هو الوضع في الشأن السوري وهو كذلك في الشأن الذري الايراني. ولا يكف الروس في هذه الاثناء عن نقل سلاح الى الجيش السوري، على نحو سيجعل من الصعب على كل دولة غربية ان تفرض على سورية حظرا جويا.
إن الجيش السوري يطلق سلاحا كيميائيا على مواطنيه لأنه يستطيع ولأنه يحصل على دعم من روسيا وايران. إن السلاح الكيميائي في الحقيقة ليس خياره الأول، لكنه حينما يُحشر في زاوية يستعمله. وهذا هو الدرس الذي يجب ان يتعلمه العالم من أحداث أمس: لا يوجد ثواب وعقاب، ولا تخرج الدول للحرب لاسباب انسانية، والشيء الوحيد الذي يقرر هو المصالح الباردة.
 
يديعوت 22/8/2013