الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لمن يسجل فشل مفاوضات جنيف؟!

لمن يسجل فشل مفاوضات جنيف؟!

18.02.2014
يوسف الكويليت


الرياض
الاثنين 17/2/2014
    نظام يشرّع رئيسه عقيدة القتل لشعبه بكل أنواع الأسلحة التقليدية والمحرمة بما فيها البراميل المملوءة بالمتفجرات، لا يزعم أي عاقل ذهب لجنيف، أو راقب الحدث، أن هذا الرئيس سوف يسلم بمقترحات حكومة انتقالية وفتح منافذ لإغاثة المحاصرين والجرحى ودفن الموتى، وهو يمارس إبادة معلنة، ومن يقتنع بنجاح المفاوضات بين فصيلين لا توافق بينهما، ووسيط لا يملك أي حالة تفاؤل بمضيها نحو الانفراج، يغالط حقائق الأشياء.
جنيف مقر، واللاعبون خارج دائرة الوفدين السوريين وهم من يحدد النقاط المتفق عليها أو المرفوضة، وقد بينت روسيا أنها لا تهتم بمن يموت ويسقط، فهي، ولأول مرة بعد حرب فيتنام، تجد أن دعم نظام الأسد ورقة اللعب على طاولة المزايدات، ولم يكن الضعف الأمريكي جاء من قوة الروس وتفردهم وفرض شروطهم، وإنما لأن أمريكا تطرح الحلول السياسية بدون وسيلة ضغط من داخل سورية بمعادلة قوة المعارضة مع قوة النظام، والذرائع مفتوحة ألا تذهب القوة إلى إرهابيين، بينما ترى داعش تتوسع على بلدين ولها تمويل مادي هائل، وعسكري يصلها من كل المنافذ وهدفها ضرب قوة المعارضة، أي أنها صناعة إيرانية سورية عراقية وحتى القاعدة تبرأت منها رغم وجود الفلسفة الواحدة والاتجاه الواحد، وأمريكا تملك التفاصيل عن هذا التنظيم ومحركاته وأدوات دعمه، ولذلك لا نراها تتحرك بمقتضيات مكافحة عنصر إرهابي أصبح هو الأخطر نتيجة الوقائع التي تحدث في العراق وسورية معاً، وهو ما حيّر أي مراقب للأحداث..
إذاً الحل العسكري للنظام لن ينجح لأنه فقد كماً هائلاً من قوته العسكرية العتادية والبشرية، فصار يذهب بعيداً لقوته الجوية التي تعزز فقدان بقية الأسلحة ومع أن روسيا فتحت مستودعات سلاحها لنظام الأسد، إلا أن الحرب ليست نظامية تحسم بقوة النيران واحتلال المواقع الإستراتيجية، إذ إن الطبيعة الجغرافية لسورية تجعلها مثالية لحروب العصابات والكر والفر، ومع ذلك فروسيا لا تزال تراهن على بقاء الأسد، وتلعب على حتمية الوقت الطويل، لكن المتغير على الأرض، حتى في حال انقطاع المفاوضات أو تأجيلها، سيكون الدافع لدخول أطراف أخرى قد لا تغيب عنها أمريكا ذاتها وليس بالضرورة ما تريد تجنبه في حرب مباشرة مع النظام بسبب سوابق فشلها في تلك الحروب، إلا أنها تستطيع ممارسة ضغطين عسكري يدعم نوعية مختارة من المعارضة، ودبلوماسي يدفع بحلفائها في أوروبا والمنطقة وخارجهما رسم خطة عمل لمواجهة الروس والإيرانيين والعراقيين..
الإبراهيمي جازف بدخول مستنقع هو أكثر الناس معرفة به حتى من القوى الكبرى، وأن سباحته في فضاء من يجيدون المراوغة مع الوفدين، ومحاولة أن يكون وسيطاً محايداً يوظف خبرته القديمة، وجد أن العملية لا تدار بحسن النوايا أو العقلانية التي تضع فريقي المحادثات يطرحون جدول أعمال بأولويات الضرورات، بل اصطدامه بسلطة لا تعيره أي اهتمام بل نتذكر في إحدى زياراته لدمشق أن وضع على لائحة الاتهام بأنه الناطق الرسمي باسم أمريكا، والأخيرة ربما دخلت في مفاوضات سرية مع حكومة الأسد لمعرفة نسيج العمليات المقبلة، وهو افتراض يقود لرؤية أمريكا الحوار مع الخصم أفضل من وجود الوسيط..
حرب الألف ميل، أو مئة عام حاضرة على رقعة الأرض السورية، وقد لا يهم الأسد أن يحول الفائض من سكان إيران ليحلوا بديلاً عن السوريين، ولكنه سيواجه مقاتلين أكثر شراسة من توطين سكان أجانب، والأمور قد لا تقف على شطحات الفكر الشاذ، وإنما على طاحونة حرب لن تتوقف..