الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لم ينتصر نصر الله!

لم ينتصر نصر الله!

08.06.2013
طلعت رميح


 الشرق
الجمعة 7/6/2013
تواترت أنباء الفرح ومظاهر الإعلان عن الانتصار في الضاحية الجنوبية في بيروت. ومن طهران أتت التهاني حاملة معاني أن نصرا كبيرا تحقق، حينما دخلت قوات حسن نصر الله وقوات بشار الأسد إلى القصير السورية على أجساد الشهداء والجرحى من الأطفال والشيوخ والنساء. بدا مما يجري في أرض العمليات وعلى الصعيد الإعلامي، أن فرحة غامرة دبت في الأوصال، بما أظهر حجم ما أصاب النظام السوري وحزب نصر الله من وهن، جعلهم يضخمون حالة الانتصار الإعلامية على قرية بعد تدميرها على رؤوس ساكنيها، ويظهرون كيف انتصروا عليها، بما كشف عن وجود رغبة واضحة مخططة وراء ما يجري أو وراء تعمد المبالغة في إظهار تلك الحالة من الفرح.
نصر الله لم ينتصر لا هو ولا بشار حين اخترقت قواتهم بعض الأحياء لتحتل القصير. لقد دخل الأمريكان قبلهم الفلوجة واحتلوها بعد أن قصفوها باليورانيوم المنضب وبالطائرات والدبابات والغازات الكيماوية ومع ذلك هزموا وخرجت قواتهم ذليلة على يد شعب العراق.
فرح نصر الله وبشار وإيران كشف عن مدى انكسارهم لا مدى قوتهم، إذ مجرد تكاتف قوات بشار ونصر الله والحرس الثوري الإيراني، ووقوفهم عاجزين لنحو 21 يوما على أسوارها لا يستطيعون الدخول إلى قرية هو المعيار الأهم، لا دخول تلك القوات بعض الأحياء، إذ لم يكن لعاقل أن يتصور أن قرية تستطيع أن تهزم كل تلك القوات التي بلغت نحو 10 آلاف جندي وعنصر ميليشيا، يساندهم قصف الطائرات والصواريخ.
الفرح مصطنع لإعادة إحياء الروح المعنوية المنهارة. وهو لعبة سياسية إعلامية بأجساد الشهداء إذ يحاول الأسد ونصر الله أن يدخل وفدهم المفاوض إلى مؤتمر جنيف 2، وكأنه في وضع أقوى على الأرض. كما يريد نصر الله أن يبلغ اللبنانيين المعارضين لتدخله العدواني الإجرامي في سوريا، أن لا إمكانية لدى أحد في الداخل اللبناني لدخول مواجهة معه، وأن ليس هناك في سوريا من يراهنون عليه.
والأخطر من تلك الحالة، أن حربا واسعة قد انفتحت على حزب نصر الله هي أكبر من كل قدرته وطاقته، وأن تلك الحرب تجعله في موقف المحارب في عزلة عن المجتمع اللبناني باعتبارها حرب على أساس طائفي، وفي ذلك يختلف وضعه الإستراتيجي عن تلك الوضعية التي عاشها خلال الحرب مع إسرائيل. تلك الحرب ضد شعب سوريا تقوم على أساس إستراتيجي خطير بالنسبة لنصر الله وحزبه. هو في تلك الحرب لا يدافع عن أرض بلاده بل هو يهاجم شعبا في دولة أخرى، وهو ليس داخلا في حرب مع جيش نظامي يحتل أرضه بل ضد شعب آخر هو يعتدي على أرضه. هو يقاتل في أرض أخرى وبعيدا عن حاضنته الطائفية، وهو يحارب حربا ستطول إذ من يحاربه ليس جيشا آخر بل جيش غير نظامي مثله مثل حزب نصر الله. والأخطر أن نصر نتاج دولة وشعب أصغر من تلك الأرض التي يحارب فيها، وإذ هو ابن لطائفة واحدة في بلاده فهو يحارب أغلبية الشعب السوري.
 
هنا إذا سقط بشار وانتهى أصبح نصر الله في ورطة الهزيمة والانسحاب إلا إذا كان القرار استنزاف نفسه كليا وتماما. قرار الارتباط والقتال مع بشار يربط مصير حزب الله ويجعله مرهونا بتحولات لا يشك أحد أنها ستجرى لغير مصلحة بشار وشبيحته. ولذا كان خطأ نصر الله في الدخول في حرب شاملة في سوريا، كبيرا ولن يكون له حل في مرحلة مقبلة، إلا إذا جاءت قوات إيران وقاتلت إلى جانبه ضد الشعب السوري مباشرة.