الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لنظام الأسد أصدقاء حقيقيون.. أهمّهم إسرائيل!

لنظام الأسد أصدقاء حقيقيون.. أهمّهم إسرائيل!

29.05.2013
علي حسين باكر

 
العرب القطرية 28-5-2013
بدأت وسائل الإعلام العالميّة مؤخرا بتداول مقولة مفادها أنّ بروز التيّار الإسلامي في سوريا بشكل قوي أو ما يشيرون إليه هم بالتيار الراديكالي، دفع بعض الدول إلى مراجعة حساباتها وتفضيل بقاء الأسد في الحكم على أن يقوم هؤلاء باستلام السلطة.
 
ولم يتوقف الأمر عند حدود وسائل الإعلام بل إن عددا من دبلوماسيي الدول الغربية بدأ يعبّر عن ذلك بشكل أو بآخر، وإن كانت إسرائيل هي الدولة الأولى في التصريح عن ذلك علناً.
 
وفي الوقت الذي كان فيه أمين عام حزب الله حسن نصر الله يعلن أن «لنظام الأسد أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بسقوطه في يد أميركا وإسرائيل»، خرجت تل أبيب عن صمتها بعد أسبوع واحد فقط لتقول إنّ الأسد رجلنا في دمشق وإنّنا لن نسمح بسقوطه! نعم تل أبيب تدافع عن النظام «الممانع»!
 
إذ كتب الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي أفرايم هاليفي دون أدنى مواربة تقريراً نشر في فصليّة «فورين أفّيرز» الأميركية الرصينة والمؤثرة في أوساط صنّاع القرار، تحت عنوان: «رجل إسرائيل في دمشق: لماذا لا تريد إسرائيل انهيار نظام الأسد»، ذكر فيه أنّ «إسرائيل تعرف شيئاً واحداً مؤكداً عن عائلة الأسد وهو أنّهم حافظوا على الهدوء في الجولان، وأنّ إسرائيل كان بإمكانها الاعتماد دوما عليهم لتطبيق اتفاق فصل القوّات منذ عام 1974».
 
وبعد هذا التقرير بأيام قليلة فقط، جاء تأكيد رسمي آخر من إسرائيل، إذ نشرت صحيفة التايمز البريطانيّة على صدر صفحتها تقريراً نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين بعنوان «إسرائيل تقول إنّه يجب على الأسد أن يبقى»!
 
والحقيقة أنّ القول أنّهم كانوا يفضّلون الإطاحة بالأسد ثم غيّروا قناعتهم مؤخرا عند بروز بعض الحالات الإسلامية في سوريا هو قول غير صحيح على الإطلاق وفيه من الكذب ما لا يحتمل.
 
ولأنّ ذاكرتهم وذاكرة من يصدّقهم أو يروّج لمثل هذا المنطق الآن قصيرة، نودّ أن نذكّرهم بالموقف الإسرائيلي من التطورات في سوريا منذ البداية..
 
فباستثناء إيهود باراك، يكاد من الصعب جدا أن تلاحظ أنّ أحداً فضّل سقوط النظام السوري، فالأغلبيّة الساحقة للقادة الأمنيين والعسكريين والاستخباراتيين الكبار في الدولة العبريّة عبّروا صراحة عن تفضيلهم الأسد على أي نظام آخر في سوريا مع الأيام والأشهر القليلة الأولى من اندلاع الثورة السورية.
 
على سبيل المثال، من أوائل وأهم التصريحات «سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب عليه كارثة تقضي على بلادنا.. سنواجه كارثة وستصبح دولتنا مهددة إذا نجحت الثورة السورية في الإطاحة بنظام الأسد الذي يمثل وجوده مصلحة لنا».
 
هذا التصريح ليس للمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي أو أي من أركان نظامه، وهو ليس تقييماً سريّاً لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سلمياني أثناء جلسة اجتماع لمجلس الأمن القومي الإيراني مع الأمين العام لحزب الله. التصريح هو لرئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية «عاموس جلعاد» أدلى به عبر أثير الإذاعة الإسرائيلية في نوفمبر 2011. ولا يعدّ هذا التصريح بالمناسبة استثناءً، فهو يعكس الرؤية العامّة الإسرائيلية للملف السوري، وعبّر عن فحواه أيضا منذ بداية الثورة كل من رئيس الطّاقم السياسيّ الأمنيّ في وزارة الدّفاع الإسرائيليّة الجنرال عاموس جلعاد، ورئيس المخابرات العسكريّة الجنرال أفيف كوخابي، وقائد قسم التّخطيط الجنرال أمير إيشيل، وأخيراً وليس آخرا قائد المنطقة الشماليّة الجنرال يئير غولان.
 
كما نشرت الصحافة الإسرائيلية منذ الأيام الأولى لإندلاع الثورة السورية سيلاً من التقارير والمقالات التي تعبّر عن خوفها وقلقها من إمكانية انهيار نظام الأسد وعن «ممانعتها» الشديد للإطاحة به! من أوائل التقارير، ما نشره يعقوب كاتز في صحيفة «جيروساليم بوست» 23/3/2011 يقول فيه إنّه «ورغم كل أخطاء الأسد، إلا أنه يبقى الشيطان الذي نعرفه –على قاعدة الذي نعرفه خير من الذي لا نعرفه- فحدود إسرائيل مع سوريا آمنة وهادئة منذ عام 1973، وهي –صدقوا أو لا تصدقوا- أهدأ حتى من حدودنا مع الدول التي عقدت معها اتفاقيات سلام كمصر والأردن»!
 
تقرير آخر نشرته هآرتس في 29/3/2011 تحت عنوان «الديكتاتور العربي الأكثر تفضيلاً لدى إسرائيل على الإطلاق هو الأسد»! يقول: «من المدهش أنّ اليهود يصلّون سراً من أجل أن ينجو نظام الأسد في سوريا، فكل اليهود والمنافقين العرب متّحدون على هذا الدعاء وكأن الأسد مَلِكُ إسرائيل.
 
علماً –والكلام للتقرير نفسه- أنّ الشعار الأجوف الفارغ الذي حمله الأسد الأب والابن حول «المقاومة» ما هو إلاّ ورقة تأمين لبقاء النظام فقط، فالحكومة السورية «الممانعة المقاومة» لم تصدر حتى صوتاً مزعجاً في الجولان بينما كانت مستعدة لقتال إسرائيل حتى آخر لبناني، وإن لم تنفع هذه الخدعة فحتى آخر فلسطيني، ولم لا»؟! هذه المواقف تفرض علينا وقفة تأمّل طويلة. لقد قيل الكثير من قبل عن الكيفية التي يخدم فيها الطرفان -إسرائيل من جهة ومحور الممانعة من جهة أخرى- بعضهما البعض، فتحذّر تل أبيب دوماً من مخاطر هذا المحور لاستدرار عطف الغرب ومساعداته، ولتشرعن سياسة البطش التي تنتهجها داخل فلسطين وخارجها، فيما يتاجر المحور الآخر بشعار الممانعة ليكسب قلوب العامة الدهماء من الناس في سياسة البقاء على الكرسي والتوسّع الإقليمي التي ينشدها على ظهر «الممانعة»، لكن هذه التصريحات تتجاوز التقديرات والتحليلات إلى القطع بمثل هذه العلاقة. الممانعون لا يمانعون إلاّ تغيير هذه المعادلة النفعيّة مع إسرائيل. نعم لنظام الأسد أصدقاء حقيقيون، أهمّهم إسرائيل!