الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لن يسقط الأسد!

لن يسقط الأسد!

11.05.2013
خالد عبد الرحيم السيد

الشرق القطرية
السبت 11/5/2013
عندما انطلقت ثورات الربيع العربي كان التفاؤل عاليا بأن جميع الثورات ستنتصر وتتحرر من طغيان الحكام المستبدين والفاسدين وسوف تنتشر فكرة دول القانون والمؤسسات القائمة على الديمقراطية وتداول السلطة غير أن هذا التفاؤل بدأ بالانحسار التدريجي جراء الأحوال التي سادت دول الربيع العربي حيث دخلت في متاهات الصراعات بين القوى السياسية حول المصالح الحزبية والفئوية الضيقة والتي هي بعيدة عن طموحات الشعوب العربية لمستقبل أفضل، وجرى إغراق الساحات السياسية بتفاصيل لاتمس أو تلامس جوهر القضايا الكبرى، حتى بدت تلك الدول وكأنها تدور في دوامة لانهاية لها.
تلك الدوامة التي أخذت شكلا مرعبا في سوريا فالجميع كان متفائلا بقدرة الشعب السوري على التحرر والانتصار وكنت واحدا من الذين مزجوا التفاؤل بالحماس وتوقعت السقوط السريع للأسد ومعه نظامه البعثي الذي جثم على صدر الشعب السوري أكثر من نصف قرن، لكن الصورة سرعان ما تبدلت وتغيرت حيث تحول القمع الدموي غير المسبوق في سوريا إلى صراع مسلح وبدلا من تحرك المجتمع الدولي لإدانة المجازر ومحاكمة المسؤول عنها عبر محاكم دولية فإذا بنا نتفاجأ بأن المجتمع الدولي عاجز عن أي إجراء لوقف المجازر ووضع حد لمأساة الشعب السوري، لا بل إنه أضفى على الثورة السورية طابع الصراع الإقليمي والدولي وغدت دماء السوريين ورقة على مائدة المفاوضات بين أمريكا وروسيا.
لقد خذلنا المجتمع وخذلتنا الولايات المتحدة الأمريكية التي مازالت تمنع انتصار المعارضة وهي في الوقت نفسه تمنع إسقاط الأسد  من أجل مصالحها ومن أجل عيون روسيا. وكأن بقاء الأسد في السلطة حتى انتهاء ولايته عام 2014  قرار متفق عليه بين أمريكا وروسيا من غير إعلان. أو كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في ختام لقائه بنظيره الأمريكي جون كيري هذا الأسبوع، أنهما اتفقا على تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا لبدء التفاوض بين الحكومة السورية والمعارضة. وقال لافروف في تصريح للصحفيين في موسكو "نتعهد باستخدام كل الإمكانات لإجلاس الحكومة السورية والمعارضة على طاولة المفاوضات، كما أننا أكدنا تمسكنا بالحل التفاوضي للمشكلة السورية".
إن ما يزيد هذه القناعة أو الصورة القاتمة لمستقبل الأوضاع في سوريا والمنطقة هي الغارة التي شنتها إسرائيل على سوريا والتي حملت أكثر من رسالة وأكثر من مؤشر فهي جاءت لتمد النظام بجرعة إنعاش بحيث يبدو أنه مستهدف إسرائيليا وبالتالي يستطيع إقناع الناس بأنه يخوض حربا إقليمية وعربية.
ولو كانت إسرائيل تريد تقويض نظام الأسد لكانت ضربت حاسمة ومفصلية وفقا لتلك الأهداف التي تملكها لكنها اختارت أن تضرب موقعا بعيداً كل البعد عن النقاط الموجعة للنظام واتخذت الضربة الطابع الاستعراضي والإعلامي أكثر من الطابع العملي والجدي في المقابل جاءت ردة فعل النظام لتقطع الشك باليقين وتؤكد أن النظام يتبادل الأدوار مع الكيان الصهيوني، ولذلك جاءت كل ردود الفعل إعلامية واستعراضية فعلى سبيل المثال النظام أعلن أنه نصب صواريخ موجهة إلى إسرائيل!!! فهل هذا يعني أنه لم يسبق للنظام أن وجه صواريخه نحو إسرائيل طيلة خمسين عاما!!
على هذا الأساس فإن أمريكا والمحور الروسي  تتقاطع مصالحهم وتتلاقى عند إبقاء المنطقة مضطربة مشتعلة ومنشغلة بحروبها الداخلية مع إشعال الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة ليكتمل مشهد الحروب من سوريا إلى العراق إلى لبنان وطبعا فإن الخليج العربي لن يكون بمنأى عن تلك الفتنة، وأمريكا تنتظر لإجراء الانتخابات الرئاسية في 2014 في سوريا لذلك لم يحن الوقت لسقوط نظام بشار الأسد، فقط علينا أن نصلي لشهداء سوريا ونقول للشعب السوري لكم الله.