الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لهذا يجب حضور "جنيف2"

لهذا يجب حضور "جنيف2"

25.12.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الثلاثاء 24/12/2013
هناك من يتساءل عن ضرورة حضور الأردن مؤتمر (جنيف2)، الذي من المفترض أنْ ينعقد في الثاني والعشرين من الشهر المقبل للبحث عن حلّ الأزمة السورية التي مع إقتراب نهاية عامها الثالث قد تحولت إلى حرب أهلية مدمرة، وحقيقة وفي البداية فإنه علينا أنْ نسأل هؤلاء المتسائلين لماذا لا يرون ضرورة المشاركة في هذا التجمع الدولي الذي من المقرر أن تحضرها عشرون دولة.. بالإضافة إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية وبعض الهيئات الإقليمية والدولية الأخرى..؟!
الأردن يستضيف العدد الأكبر من الأشقاء اللاجئين السوريين ولذلك وحتى ولو إقتصر الأمر على هذه المسألة فقط ألا يعني هذا أنه يجب الذهاب إلى هذا المؤتمر لإيجاد حل لهؤلاء ولتحميل المجتمع الدولي مسؤولية ما يواجهونه من مشاكل وصعوبات وأيضاً إيجاد حل للأعباء التي بات يتحملها هذا البلد وهي أعباء معقدة كثيرة لا تقتصر على مجرد الأعباء الإقتصادية فقط بل تتعداها إلى الأعباء الأمنية وهي أعباء غدت ضاغطة وحقيقية.
إن مشكلة لجوء كل هذه الأعداد من الأشقاء الأعزاء، الذين لا نستطيع إغلاق أبواب بلدنا في وجوههم لا قومياً ولا دينياً ولا بحكم علاقات الجوار والتداخل الديموغرافي وعلاقات النسب والمصاهرات، إلى بلد محدود الموارد وقليل الإمكانيات يشكل في دول ليس بينها أواصر القربى والأخوة الآنفة الذكر عاملاً رئيسياً للحرب وهذا حصل في بدايات سبعينات القرن الماضي عندما شنت الهند حرباً ضروساً على باكستان بحجة أنها لا تستطيع تحمل المزيد من أعداد اللاجئين البنغاليين الذين فرّوا إليها بعدما لجأ الباكستانيون (باكستان الغربية في ذلك الحين) إلى القوة العسكرية لإستعادة بنغلادش (باكستان الشرقية) إلى دولة الوحدة بعد حركة "الإنفصال" التي تزعمها الشيخ مجيب الرحمن التي من المفترض أنها معروفة.
ولذلك فإن مشاركة الأردن في هذا المؤتمر تصبح أكثر من ضرورية لهذه الأسباب وإنْ لأسباب أخرى كثيرة من بينها المشاركة في الجهود الدولية والإقليمية لمنع سوريا من الإنزلاق أكثر وأكثر نحو التشظي والإنقسام ولوضع حدٍّ لهذا الصراع الذي إستطال أكثر من اللزوم وللدفع في إتجاه أن يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه في ضوء مستجدات الأعوام الثلاثة الماضية ويعيد بناء دولته وفقاً لمواصفات هذا العصر لتصبح دولة ديموقراطية أبناؤها يختارون النظام الذي يريدونه بالوسائل الديموقراطية وعلى أساس تداول السلطات من خلال صناديق الإقتراع.
إنه لا يجوز أنْ ينأى هذا البلد بنفسه وأن ينكفئ على ذاته وتكون هناك :"لعبة دولية" وبكل هذا الحجم لتقرير مصير دولة شقيقة هي الأقرب إلينا ونحن الأقرب إليها وهي تؤثر علينا ونحن نؤثر عليها فغيابنا في مثل هذه الظروف الصعبة والحاسمة يعني إدارة ظهورنا لصراع بكل هذا المستوى من الخطورة وهو بالتأكيد ستكون له إنعكاسات على بلدنا حتى وإنْ وضعنا إكفنا فوق عيوننا وأخذنا نردد :حايد عن ظهري بسيطة.
إنَّ أهمية هذا البلد طالما تغنينا أنه "بحجم بعض الورد" تكمن في أنه ومنذ أول مدماك في بناء دولته في مطلع عشرينات القرن الماضي بقي لاعباً رئيسياً في كل أحداث ومتغيرات هذه المنطقة إبتداءً بكل محطات القضية الفلسطينية وحتى الآن مروراً بثورة رشيد عالي الكيلاني وبأحداث لبنان في عام 1958 وبما جرى في اليمن بعد ثورة عام 1962 وبمساندة عُمان ضد محاولات تمزيقه ومساندة العديد من دول الخليج العربية في عملية البناء الذاتي التي أعقبت تحررها من الهيمنة البريطانية وهذا بالإضافة إلى الموقف القومي الذي يبعث على الإعتزاز خلال الحرب العراقية-الإيرانية.
ثم وإنَّ بلداً له وحدات من جيشه "العربي" تشارك في القوات الدولية المنتشرة في كل بقاع الأرض لحفظ الأمن والإستقرار في دول كثيرة لا يمكن إلاَّ أن يشارك في مؤتمر (جنيف2) الذي إنْ هو نجح فستترتب على الدول التي ستحضره مهمات أمنية كثيرة وكل هذا ولأن الأردن قد أختير كعضوٍ غير دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي فإن حضوره هذا المؤتمر الآنف يصبح أكثر من ضروري نظراً لعضويته في هذه الهيئة الدولية.