الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لوزان وغياب الحلول

لوزان وغياب الحلول

07.11.2016
يمان دابقي


العربي الجديد
الاحد 6-11-2016
بعد وصول الحراك الدبلوماسي بين أميركا وروسيا بشأن الملف إلى طريق مسدود، وقطع كل قنوات الاتصال التي جاءت على هامش انهيار اتفاق كيري لافروف، وبعد عجز مجلس الأمن والمجتمع الدولي عن اتخاذ أيّة خطوات تنهي الدم المستباح في مدينة حلب، ظهر حراك جديد في المسار السياسي لدول الغرب وأوربا لتشكيل جدار ممانع يكسر الجبروت الروسي الذي عطّل أكثر من مشروع سلام في سورية، لا سيما أنّ روسيا أجهضت المقترح الفرنسي في مجلس الأمن باستخدامها الفيتو في الثامن من أكتوبر الحالي.
لم تعتكف فرنسا سياسة النأي بالنفس هي وجارتها بريطانيا، إذ عقدت بريطانيا جلسة خاصة في البرلمان البريطاني اتهم فيها وزير الخارجية بوريس جونسون موسكو بارتكابها جرائم في سورية، وعلى الصعيد الفرنسي أُلغيت زيارة كانت مقرّرة بين بوتين والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 19 من أكتوبر الماضي بناءً على امتعاض من فرنسا.
تزامن الحراك الأوربي مع عقد قمّة خليجية في الرياض بحضور تركيا، صدر عنها بيان لإصدار وقف العدوان الروسي الفوري على سورية، وبعد أن تجوّل الساسة بالملف السوري في دول أوربا والغرب، عاد الملف مرةً أخرى إلى أعتاب البيت الأبيض من جديد.
عشية يوم الجمعة الموافق 14 أكتوبرعقد أوباما اجتماعاً مع القادة العسكريين الأميركيين للبحث في الخيارات العسكرية، وفعلاً قدّم مستشارو الأمن القومي للرئيس أوباما مقترحات حول توجيه ضربات محدودة للنظام السوري، إضافةً إلى إمكانية تزويد المعارضة العسكرية بأسلحة متطوّرة مع استثناء مضادات الطيران، إلا أنّ أوباما أنهى الاجتماع دون اتخاذ أيّ قرار عسكري وأمر بتوجيه الجهود للحلول الدبلوماسية في سورية.
عقب هذا الحراك أعلنت واشنطن عن نيتها عقد اجتماع سداسي في مدينة لوزان السويسرية، للبحث عن حلول أخرى سياسية للأزمة في سورية، كما جاء على لسان وزير الخارجية جون كيري، ورحبّت موسكو بالدعوى للخروج من شعور العزلة الذي أحدثته لها دول أوروبا والغرب، لكن وزير الخارجية سيرغي لافروف قلّل من أهمية الاجتماع، مضيفاً أنّ روسيا لن تقدم أيّ طرح جديد بخصوص سورية، وهذا الإعلان جاء متناغماً مع إعلان أميركا أنّها لا تتوقع أيّ انفراجة سياسية في لوزان، الأمر الذي فسّره مراقبون أنّ القطبين متفقان أكثر من كونهما مختلفين، وإلا لما صدر هذا الغزل من تخفيض سقف التوقعات قبل انعقاد المؤتمر.
وحول فحوى الاجتماع، أصرّت روسيا على دراسة مقترح دي مستورا الأخير المتعلّق بانسحاب مقاتلي جبهة فتح الشام من مدينة حلب وإدخال عناصر من النظام لإدارة أمور المدينة تحت إشراف دولي وإيصال المساعدات عن طريق الكاستيلو، ما يعني أنّ روسيا ستبقى متمسكة باستكمال البند المتعلّق باتفاقية كيري لافروف سابقاً، بفصل المعارضة المعتدلة عن الفصائل المصنّفة على قائمة الإرهاب، وهذا ما يفضي بحسب كل المعطيات على الأرض بخطوة أولى لإفراغ مدينة حلب وتسليمها للنظام أو إيران.
أميركا بدورها، وبعد كل التصعيد مع الطرف الروسي وإيصال العديد من الرسائل السياسية لروسيا، وآخرها نشر منظومة دفاعية مضادة للصواريخ في بحر البلطيق في بولندا، فإنّ موقف موسكو ظلّ متماسكاً أمامها حيث أصدر الكرملين تصريحات مفادها أنّ أي استهداف لمواقع النظام في سورية، فإنّ موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي وستحمي مصالحها في سورية.
من الواضح أنّ أميركا، ومن خلال سلوكها في مؤتمر لوزان تقوم بعملية رمزية في محاولةً لتخفيف وتيرة القصف على حلب وإحياء عملية السلام لأنّها لا ترغب في الوقت الحالي بأيّ مواجهة مباشرة مع موسكو، فإنّ أيّ خطوة أميركية إلى الإمام ستعكر صفوة الأجواء الانتخابية الأميركية التي أقبلت على مرحلة نهائية، وهو السبب الأساس لامتناع الرئيس الأميركي عن اتخاذ أيّ عمل عسكري من قبل مستشاريه، وهذا ما تلعب عليه موسكو لاستغلال آخر ربع ساعة من إدارة أوباما.
الطريف بكل ما يجري من حراك دولي إقليمي هو تهميش تام للمعارضة السياسية، وعدم دعوتها لتشارك بأيّ تفصيل صغير بخصوص سورية، وهذا إن دلّ على شيء يدل على فشل المعارضة بكلّ مكوّناتها من تشكيل جسم موّحد يؤسّس لقرار داخلي لها، يجبر كلّ المجتمع الدولي على عدم تجاهلها.