الرئيسة \  تقارير  \  لوموند: الحدود بين بولندا وبيلاروسيا.. جحيم المهاجرين

لوموند: الحدود بين بولندا وبيلاروسيا.. جحيم المهاجرين

18.10.2021
الجزيرة


الجزيرة
الاحد 17-10-2021
قالت صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية إن ضغط الهجرة على الحدود بين بولندا وليتوانيا استمر في الازدياد منذ أن نظمت حكومة ألكسندر لوكاشينكو -في منتصف الصيف الماضي- قناة نقل للمهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا عبر مينسك عاصمة بيلاروسيا، حتى إن السلطات البولندية والليتوانية والأوروبية تتحدث عن "حرب" تشن على الاتحاد الأوروبي.
وفي تقريره للصحيفة يتحدث ياكوب إيوانيوك -مبعوثها الخاص في بولندا- عن مئات المهاجرين الذين يتجولون في الغابة خوفا من عمليات الإعادة وتهديدات حرس الحدود، ضاربا المثل بقصة أجار (اسم مستعار للاجئ سوري) الذي تحدث إليه وهو يمشي في فناء مأوى للمشردين وسط مدينة بياليستوك البولندية الواقعة على بعد 50 كيلومترا من بيلاروسيا، قائلا "عليك أن تذهب إلى الحدود، تحدث هناك أشياء مروعة. يعاني كثير من الناس من الألم ويحتاجون إلى المساعدة. عليك مساعدتهم".
ويصف المراسل أجار (36 عاما) بأنه مع زوجته وطفليه يعتبرون من المحظوظين من بين أقلية صغيرة من المهاجرين، تمكنوا من التسلل عبر شقوق شبك الحدود الذي بدأت بعض الشبكات الاجتماعية العربية تقول إنه أصعب "من الطريق عبر البحر الأبيض المتوسط".
في الغابة دون طعام
يقول هذا التاجر وأستاذ علم نفس السابق في جامعة حلب "نحن ندرك أننا بيادق في حرب سياسية، لكننا نفضل هذه الحرب والعيش بين دولتين، على الحرب الحقيقية والعيش بين الرصاص"، ويضيف -متحدثا بإنجليزية ممتازة- أنه غادر القامشلي قبل 3 أسابيع، معتمدا على مقترحات تعج بها الشبكات الاجتماعية تدعو للذهاب إلى الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا، في رحلة إلى مينسك، ستكلفه 4 آلاف دولار للشخص الواحد.
وكانت رحلة أجار -كما وصفها- من أربيل عبر دبي مليئة بأشخاص في نفس وضعه، "وبمجرد وصولنا إلى مينسك، تم اصطحابنا ووضعنا في فندق من 13 طابقا ممتلئا تقريبا"، ثم وصل الجميع إلى الحدود بسيارات الأجرة.
وبعد 3 أيام من الهيمان دون هدف مع أسرته، قرر آجار الاتصال بالمهربين البيلاروسيين الذين نقلوهم -كما يقول- في شاحنة عسكرية إلى نهر قطعوه على متن قارب، ليسيروا لمدة 10 ساعات عبر المستنقعات، مستخدمين جهاز تحديد المواقع على الهاتف.
ويقول أجار إن "الغابة مليئة بالرجال والعائلات والأطفال. يقضي البعض هناك أكثر من أسبوعين، دون إمداد بالماء والطعام. أجبرهم الحراس البيلاروسيون على عبور الحدود ثم دفعهم البولنديون إلى الخلف، وهم عالقون في درجات حرارة قد تصل في الليل إلى الصفر".
تم التقاط عائلة أجار من قبل حرس الحدود البولنديين على جانب طريق سريع، ثم نقلوهم إلى الملجأ، مما يجعلهم من المحظوظين، لأن 90% من المعتقلين -بغض النظر عن جنسيتهم- يُعادون إلى الحدود بالشاحنات ويُتركون وسط الغابة، في عمليات إعادة غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكنها تمارس على نطاق واسع على حدود الاتحاد الأوروبي، ومصرح بها علنا بموجب قانون أقره البرلمان البولندي.
وأوضح المراسل أن حرس الحدود البولنديين يحصون يوميا ما بين 500 و900 محاولة لعبور الحدود، وقد يتم رفض بعض المهاجرين 7 أو 8 مرات متتالية لأنهم لا يستطيعون العودة إلى بيلاروسيا، وقد ذكرت بعض الشهادات أن حارسا بيلاروسيا ذهب إلى حد التهديد بفتح النار.
ويقول مدير مركز الإقامة في بياليستوك -الذي طلب عدم كشف اسمه- إنهم يشجعون الناس على تقديم طلب لجوء في بولندا، ولكن الناس يرفضون باستمرار. لا أحد يريد البقاء هنا"، وحتى أجار ما زال يراوغ، حيث يقول إن لديه عائلة في ألمانيا وصلت خلال موجات الهجرة الأولى.
أزمة إنسانية
على الجانب البولندي، أصبحت الأراضي الواقعة على طول الحدود مع بيلاروسيا منطقة ينعدم فيها القانون منذ إعلان حالة الطوارئ في بداية سبتمبر/أيلول الماضي، ولم يعد يحق للمنظمات غير الحكومية أو وسائل الإعلام الدخول إليها، إلا أن "مجموعة فرونتير" (Frontier Group) تسعى لتقديم الإسعافات الأولية للاجئين خارج المنطقة المحظورة.
ويقول أيو لوس -المتحدث باسم مجموعة فرونتير- "نحن في وضع أزمة إنسانية هنا، ويجب على السلطات البولندية السماح للمنظمات غير الحكومية الدولية بتقديم العون في أسرع وقت. مع انخفاض درجات الحرارة نخشى وقوع مجزرة".
ويتابع "نتلقى باستمرار رسائل استغاثة "ساعدونا، نحن نموت!"، ثم يضطر النشطاء إلى المشي أحيانا لأكثر من 3 ساعات في الغابة، دون إضاءة، متجنبين حرس الحدود. نحاول حمل اللاجئين على توقيع توكيلات لتمثيلهم قانونا في طلب اللجوء الخاص بهم. لكن السلطات تتجاهل هذه الوثائق بشكل منهجي ويتم ترحيل الناس".
ومن ناحية أخرى -كما يقول مراسل صحيفة "لوموند"- يثني النشطاء على التضامن من السكان المحليين ووفرة التبرعات التي يتلقونها. وتتمتع آنا ألبوث -من مجموعة حقوق الأقليات- بخبرة واسعة في مساعدة اللاجئين في اليونان وتركيا وعلى طريق البلقان، وتقول إنها وصلت هي وزملاؤها إلى موقع أشير فيه إلى وجود لاجئين في وضعية مزرية، وهم يحملون الطعام والملابس الجافة، وأنهم وجدوا أناسا يسود بينهم الشعور بالعجز العميق والفزع.
وتقول آنا ألبوث إنها تتوقع -وسط هذه اللعبة الجهنمية بين الحراس البيلاروسيين والبولنديين- أن السيناريو الأكثر احتمالا سيكون إنشاء مخيم للاجئين في المنطقة المحظورة بعرض نحو 40 مترا بين الحدودين، ولكن الجو يزداد قسوة والوقت ينفد، حسب المراسل.