الرئيسة \  تقارير  \  لوموند :خبير فرنسي يتساءل: هل الإقامة في جنيف ضرورية لصنع السلام بالشرق الأوسط؟

لوموند :خبير فرنسي يتساءل: هل الإقامة في جنيف ضرورية لصنع السلام بالشرق الأوسط؟

15.12.2021
الجزيرة


الجزيرة
الثلاثاء 14/12/2021
قال خبير فرنسي بشؤون الشرق الأوسط إن إعلان المبعوث الأممي الخاص بليبيا يان كوبيش استقالته مؤخرا شكّل صدمة كبيرة للمهتمين بالشأن الليبي، خصوصا أن تذرعه بالحجج الأمنية لا يكاد يخفي توجسه من أن يضطر إلى الإقامة في طرابلس.
وأوضح البروفيسور جان بيير فيليو في مدونته بصحيفة لوموند (Le Monde) أن المؤتمر الدولي حول ليبيا منح الأمم المتحدة دورا كبيرا في تعزيز الحوار بين الليبيين، وخصها بالإشراف على انسحاب القوات الأجنبية والانتخابات المنتظرة، ولذلك كان إعلان الاستقالة صدمة كبيرة.
وألمح الخبير إلى أن السبب الحقيقي لاستقالة كوبيش هو حرصه على الإقامة في بسويسرا، مشيرا إلى أن مبعوثي الأمم المتحدة الخاصين إلى سوريا واليمن وليبيا يعيشون كلهم في جنيف.
وذكر الكاتب أن كوبيش -الذي مثّل الهيئة الدولية في أفغانستان من 2011 إلى 2015، وفي العراق من 2015 إلى 2018، ثم في لبنان من 2019 حتى تعيينه في ليبيا- كان يقيم أثناء مهماته هذه في كابل وبغداد وبيروت، لكنه عندما عين في منصبه في ليبيا تعلل بالظروف الأمنية لتبرير الإقامة في جنيف رغم توقف إطلاق النار هناك لأكثر من عام.
بيروقراطية الأمم المتحدة
وأشار الكاتب إلى أن ممثل الأمم المتحدة السابق في ليبيا غسان سلامة -الذي خلفه كوبيش- أصر على أن يكون مقره مع بعثته في ليبيا، وهو التزام على الأرض مكّن الأمم المتحدة من إقامة حوار غير مسبوق بين المتحاربين، في حين أن كوبيش لم تكن لديه نية للإقامة في ليبيا وفضل الاستقالة على مغادرة جنيف.
وعلق البروفسور على ذلك بقوله إن اختيار كوبيش الراحة على شواطئ بحيرة جنيف بدل تقلبات مهمته غير بعيد عن خليج سرت يوضح الكثير من التباين بين بيروقراطية معينة في الأمم المتحدة وحقيقة النزاعات التي تدعي التعامل معها.
ولئن اختار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ملء الفراغ بتعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة في طرابلس، بعد أن كانت تعمل من جنيف على رأس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في الفترة الانتقالية بين سلامة وكوبيش فإنها لا تتمتع بسلطة رئيس البعثة الكامل الذي يجب أن يحصل على موافقة مجلس الأمن، مما سيضعف تعامل الهيئة الدولية مع الحالات المتوقعة من الاعتراض على العملية الانتخابية في ليبيا.
إدارة سوريا واليمن من جنيف
وكان كوبيش -حسب الكاتب- يعتقد أنه سيستمتع بنفس التسهيلات التي يتمتع بها مبعوثا الأمم المتحدة الخاصان إلى سوريا واليمن المقيمان في جنيف، مع أن غير بيدرسون الدبلوماسي النرويجي الذي يترأس البعثة الخاصة بسوريا منذ عام 2019 قد دفع ثمن هذه الإقامة بتهميش الأمم المتحدة من قبل روسيا وتركيا وإيران في عملية ثلاثية لإدارة الأزمة السورية، ولم تبق له إلا متابعة المحادثات بين الحكومة والمعارضة بشأن دستور جديد للبلاد، وقد حظي في هذا الدور الضئيل "بخيبة أمل خطيرة" مع فشل المفاوضات التي قادها في جنيف.
أما الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن منذ أغسطس/آب الماضي -والذي كان يترأس في وقت سابق بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن من الأردن- فقد تحول إلى متابعة الشأن اليمني للأمم المتحدة من سويسرا، وقبل زيارته الأولى لليمن اختار القيام بزيارتين رسميتين للمملكة العربية السعودية.
وإذا كانت القضايا الأمنية يجب أن تؤخذ على محمل الجد بعد مقتل المبعوث الأممي الخاص إلى العراق سيرجيو فييرا دي ميلو عام 2003 مع 22 شخصا في هجوم على مكاتب المنظمة الدولية في بغداد فإن البديل لن يكون الأمم المتحدة المكشوفة في ليبيا في فترة غسان سلامة، ولا الأمم المتحدة التي تدعي إدارة هذه الأزمة المتعددة الأوجه، لكن من شواطئ بحيرة جنيف، في وقت تبدو فيه الانتخابات الليبية المقبلة محملة بمثل هذه الأهمية السياسية، على حد تعبير فيليو.