الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لو كان الأسدُ يابانيّا

لو كان الأسدُ يابانيّا

01.10.2015
سائد كراجه


سائد كراجه
الغد الاردنية
الاربعاء 30/9/2015
أشد المُتمسكين بالرئيس الأسد اليوم، يفعلون ذلك لغياب بديله. حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتمسك بشخص الرئيس، ذلك أن هدفه الاستراتيجي هو الحفاظ على آخر موقع عسكري روسي على "المتوسط". ولهذا، فإن روسيا تدفع نحو عملية سياسية للقضية السورية، بحيث تشمل الأسد كطرف في هذه العملية، وليس كشرط لحكم سورية الآن أو في المستقبل.
ويُذكر أن بوتين أبرم مع بنيامين نتنياهو تفاهماً يقضي بعدم التعرض لجيش العدوان الإسرائيلي، في حال ضربه مخازن أسلحة حزب الله، أو أي جهة تقترب من الجولان. لذلك، فلا يوهم أحدٌ نفسه بأن بوتين معني بخلق نظام "ممانعة" في سورية، بل إن كل همّه اليوم نظام سوري لا يعارض قاعدة اللاّذقية المستقبلية. ولكن من المفيد تشجيع الحلف الروسي باعتباره تحالفا مع الجيش السوري وليس مع الأسد لشخصه
التحول الملاحظ في الموقف الأميركي من الأسد يعكس في تصوري اتفاقاً أميركياً روسياً -وبصمت إيرانيّ- يفوض روسيا إعداد جنازة مهيبة لنظام الأسد. وَمِمَّا سهّل إعداد هذه الجنازة، أن إيران؛ بعد صفقة النووي ومرورها من مجلس الشيوخ الأميركي، قل اهتمامها بالتواجد في المنطقة، وهي تبحث عن خروج مُشرِّف من معركة سورية. ولا أقول إنها لن تقاتل للبقاء في العراق أو لدعم حزب الله، ولكن الموضوع عندها تراجع من موقفٍ استراتيجي إلى تحرك تكتيكي للبقاء بين الكبار في المنطقة، خاصة أن وجودها في سورية يعظم فرصة اصطدامها مع إسرائيل، وهو ما تحاول أن تتجنبه بكل الطرق.
تركيا لن تقبل بالأسد، ولكنها تعمل جاهدة لمنع أي تطور لبيئة سياسية أو عسكرية قد تساعد على قيام دولة كردية على حدودها، وهي ترفض "داعش" على استحياء، وتعمل لإيجاد منطقة عازلة على حدودها، ومستعدةٌ للتّحالف مع الشيطان لتحقيق هذا الهدف.
بالمحصلة السياسية، الجميع متفق على محاربة "داعش" والعصابات المسلحة، بغض النظر عن بقاء النظام أو انصرافه. "طيب"؛ إذا كانت السياسة "فن الممكن"، فأعتقد أن الحل هو:
- إعطاء ضمانات لبوتين لبناء قاعدة عسكرية على "المتوسط". 
- المباشرة بعملية سياسية تقبل بالأسد مؤقتاً ضمن التزامٍ يضمنه المجتمع الدولي بإجراء انتخابات مبكرة بعد ستة أشهر، في مقابل تحالف دوليٍّ أوسع للقضاء على "داعش". 
- إجراء انتخابات برعاية عربية-دولية في سورية، وليحكم سورية من يختاره الشعب السوري
- موقف دولي موحد بقيادة جيوش عربية، بالاشتراك، مع الجيش السوري، كل في منطقته، للقضاء على "داعش" والمنظمات الأصولية
- إعادة المهجرين السوريين من بقاع الأرض، وخاصة من الأردن ولبنان، إلى سورية، ضمن عملية إعمار دولية، لأن الصرف على بناء سورية أولى من الصرف على هدمها!
قد لا يروق للبعض رجوع نظام الأسد ولو مؤقتاً. ولكن السيناريوهات البديلة مخيفة، ومن ملامحها
تقسيم سورية، وقيام دولة علوية في شمال سورية
منطقة عازلة على حدود تركيا، وضرب حزب العمال الكردي بمباركة إيرانية
تدخل إيراني مباشر في تشكيل دولة شيعية، تضم أراضي عراقية وسورية تحاصر سُنّة العراق في الشمال
رد سُني بواسطة "داعش" و"القاعدة" بأشكالٍ جديدة، وانتعاش العصابات المتطرفة
كل هذا يعني نوماً هنيئاً لإسرائيل، وتهويداً للقدس والضفة الغربية، وانهيار السلطة الفلسطينية لصالح الضغط لحل القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وأولها الأردن.
هل قدر سورية أن تُفرخ "معاويات" التاريخ؟! هل قدرها أن تقع أسيرة بين "داعش" والأسد؟!
لو كان الأسد يابانياً عند اشتعال الثورة السلمية السورية، لخجل من تصرف محافظه في درعا، ولأقاله فوراً، ولظهر أمام الشعب وانحنى لركبته اعتذاراً، أو انتحر خجلاً على الطريقة اليابانية.
ولكن الحقيقة المرة أن الأسد ليس يابانياً، ونظامه كأغلب الأنظمة العربية التي زرعت دكتاتوريةً وحكماً شموليّاً دمويّاً،  ورثتنا تخلُّفاً ودماراً وانقساماً. والحق أقول؛ إن كل حكم سابق أو حالي نهايته نهاية الأسد إن لم ينخرط في عملية دستورية ديمقراطية حقّة.
هل يقف العالم موقفاً واضحاً صارماً للقضاء على "داعش" وتجاوز الأسد، تمهيداً لتسليم سورية لشعبها لبناء دولة مدنية ديمقراطية، علَّ هذا الشعب ينشد من جديد "سورية يا حبيبتي... أعدت لي كرامتي أعدت لي حريتي"؟.