الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ليبيا والعراق وسوريا وواقع يوجع القلب

ليبيا والعراق وسوريا وواقع يوجع القلب

20.11.2013
صالح القلاب


الراي الاردنية
الثلاثاء 19/11/2013
ما يجري الآن في ليبيا وما كان يجري ولا يزال في العراق وما قد يجري في سوريا، لا سمح الله، إذا بقيت الأمور تسير في هذا الإتجاه الذي تسير فيه،يجب أن يكون درساً لكل الدول العربية التي فيها "ألغامٌ" نائمة والتي لم تبادر للإلتقاء مع مطالب شعوبها وتطلعاتها ولو في منتصف الطريق على الأقل وليس في بدايته كما تم في الأردن الذي إتبعت قيادته سياسة حكيمة جنبته العواصف التي كان يتوقعها كثيرون إنْ من الداخل أوْ من الخارج.
كان معمر القذافي، الذي ظنَّ أن حكمه لن يزول وأنه سيرسخه في أبنائه وفي أحفاده إلى الأبد، قد بادر مبكراً إلى تفكيك مؤسسات الدولة الليبية وإلى حلّ الجيش وإستبداله بجهاز مخابراتي كان يتفنن في إذلال الشعب الليبي وملاحقة المعارضين، الذين لم يخجل من أن يطلق عليهم صفة :"الكلاب الضالة"، وكل هذا تحاشياً لإنقلاب عسكري كإنقلابه هو في عام 1969 وكالإنقلابات التي ضربت المنطقة العربية وخلَّفت كل هذا الخراب السياسي الذي دمَّر دولاً رئيسية كان من الممكن أن تصبح بمستوى الدول الأوروبية.
لم يترك القذافي في ليبيا حجراً على حجرٍ وهو أقام نظاماً "كاريكاتورياً" عجائبياً في دولة أصبحت أضحوكة العالم كله أسماها :"الجماهيرية الليبية الإشتراكية العربية العظمى" ورفع فوقها "خِرْقة" خضراء على أنها الدولة الفاطمية التي أعتبر نفسه إستمراراً لها.. وهكذا فإن الشعب الليبي العظيم عندما اجترح المعجزات وأسقط تلك الدولة "الكرتونية" وصاحبها لم يستطع إلتقاط أنفاسه ووجد نفسه في لجة فوضى مسلحة ولذلك فقد لجأ الناس للإحتماء بقبائلهم وبمناطقهم الجهوية وهذا هو الذي يجري الآن في بلد كان قبل الظاهرة القذافية يضع أقدامه على بداية طريق واعد كان من الممكن أن يوصله إلى مستوى الدول الديموقراطية على الشاطئ المقابل من البحر الأبيض المتوسط.
وكذلك وكما فعل القذافي ببلد واعدٍ، فأصبح على ما هو عليه الآن من فوضى وعدم إستقرار ومن عودة لمراحل بدائية سابقة بعيدة، فإنَّ أكبر جريمة إرتكبها الأميركيون أنهم تقصدوا تدمير الدولة العراقية وأنهم حلوا جيشها وفتحوا أبوابها للسيطرة الإيرانية ففقدت الإستقرار وباتت تعيش كل هذه المآسي التي تعيشها الآن والتي ستأخذ هذا البلد العظيم حتماً إلى التمزق والإنهيار الكياني إذا لم تقع معجزة حقيقية ويستيقظ العراقيون وينتشلوا بلدهم من كبوة تاريخية قاتلة.
وهنا فإنَّ الدَّور، كما يشير واقع الحال، قد وصل إلى سوريا بعد ليبيا والعراق فالأمور، سواءً رحل بشار الأسد أم بقي متشبثاً بحكم باتت ركائزه تقوم على جماجم الأطفال وعلى جثث القتلى وعلى ركام المدن والقرى التي بنيت على مدى حقب تاريخية بجهود شعب بقي يتقن البناء ولا يعرف الهدم قبل ان يبتلى بنظام "الممانعة والمقاومة"، يبدو أنها ذاهبة على خطى ما حدث في ليبيا وما حدث في العراق فالدولة السورية في الحقيقة لم تعد قائمة والجيش العربي السوري تحول إلى ميليشيات طائفية والقرار في هذا البلد العربي غدا قرار الولي الفقيه في طهران وقرار بوتين ولافروف في موسكو.. وأيضاً وقرار حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية.
إنها تجربة مؤلمة وأنه واقع حال يوجع القلب والمسؤول بالنسبة لهذه الدول الثلاث، التي قد تصبح أربعا في ضوء ما يجري في السودان، هو الراعي الذي إستدرج الذئاب إستدراجاً إلى قطيع أغنامه وهو "المتزعم" الذي ركب رأسه وضحَّى بشعبه وببلده من أجل الحفاظ على حكم كان قد بدأ بالقتل والدماء والمؤامرات ووصل إليه بالقتل والدماء والمؤامرات وهو يحاول إدامته بالتقل والدماء والمؤامرات!