الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ليس على الأسد أن يتأهب

ليس على الأسد أن يتأهب

27.05.2013
فهد الخيطان


فهد الخيطان
الغد الاردنية
الاثنين 27/5/2013
أكثر من 15 ألف جندي، يمثلون 18 دولة عربية وأجنبية تتقدمهم الولايات المتحدة الأميركية، يتوافدون إلى الأردن خلال أيام للمشاركة في واحدة من أكبر المناورات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة الأردنية، وتستمر لنحو أسبوعين.
للسنة الثانية على التوالي، يستضيف الأردن التمرين العسكري الذي يحمل اسم "الأسد المتأهب". وعندما كشف عن اسم التمرين العام الماضي، سارع المحللون في المنطقة إلى ربطه بالأحداث الجارية في سورية، واعتُبر في حينه تمرينا لعملية عسكرية واسعة تخطط الولايات المتحدة لشنها بهدف إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
لم يحصل شيء من هذا بالطبع، وغادرت القوات الأجنبية الأراضي الأردنية بعد انتهاء المناورات.
ومع القناعة الأكيدة اليوم بأنه ليس في وارد الإدارة الأميركية التدخل عسكريا في سورية، إلا أن التحليلات ستعود من جديد للربط بين التمرين واحتمالات التدخل العسكري في سورية.
التمرين الذي دأبت الإدارة الأميركية على تنفيذه لسنوات في مصر قبل سقوط نظام مبارك، انتقل إلى الأردن، الحليف الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة، بالتزامن مع اندلاع الأزمة في سورية. غير أن تنظيمه هذا العام جاء في توقيت حساس للغاية؛ إذ تتصاعد المواجهات في سورية مع دخول أطراف خارجية على ميادين القتال، وتزايد الاحتمالات باتساع رقعة الصراع لتشمل دولا أخرى في المنطقة، وتفاقم المأساة الإنسانية على أكثر من صعيد.
ولهذا السبب ربما، سيركز التمرين، حسب ما جاء في بيان القيادة العامة، على العمليات المدنية العسكرية، والدور الإنساني، وكيفية التعاون والتنسيق مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الأهلية.
يعني هذا الأمر الكثير بالنسبة الأردن الذي استقبل لغاية الآن نصف مليون لاجئ سوري، ومن غير المستبعد أن يواجه سيناريو أسوأ في الأشهر المقبلة، مع تنامي المخاوف من تفاقم الصراع في سورية.
تشارك في التمرين ثماني دول عربية بالإضافة إلى الأردن. والملاحظ أنها تتوزع على طرفي الصراع في سورية، ومن بينها دول تحكمها نخب سياسية جديدة كمصر على سبيل المثال، وأخرى من الحلفاء التقليديين لأميركا مثل السعودية والبحرين وقطر.
معظم تلك الدول تتمتع باستقرار نسبي. ومع تعاظم المخاطر الأمنية، داخليا وخارجيا، تسعى هذه الدول إلى تأهيل قواتها العسكرية للتعامل مع التحديات المحتملة لحالة من الصراع المزمن توشك أن يدخل الشرق الأوسط كله فيها.
بعد سقوط نظام مبارك في مصر، ومن قبل بن علي في تونس، استقرت القناعة لدى حلفاء أميركا في المنطقة بأن الأخيرة لم تعد مستعدة لحماية أي نظام سياسي لا يحظى بالشرعية الشعبية. كما أن امتناع الولايات المتحدة عن التدخل في سورية لفرض التغيير وحماية الأصدقاء من حالة الفوضى الأمنية، رسخ القناعة لدى الأنظمة بضرورة العمل لحماية نفسها. وفي هذا المجال تبدو الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة الأصدقاء، ومدهم بكل وسائل الحماية، وتدريب جيوشهم على القيام بواجباتها على أكمل وجه.
باستثناء ذلك، هي ليست مستعدة للتضحية بجندي أميركي واحد بعد التجارب المريرة للتدخل العسكري في العراق وأفغانستان.
زمن الحملات العسكرية انتهى، وهذا زمن التمارين والمناورات العسكرية. ليس على الأسد أن يتأهب؛ مجرد تمرين ينتهي بعد بضعة أيام.