الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ليس على سوريا إلا الانتظار

ليس على سوريا إلا الانتظار

19.06.2013
موناليزا فريحة

النهار
الاربعاء 19/6/2013
كان فلاديمير بوتين وحيدا في ايرلندا الشمالية. أقوى زعماء العالم وأكثرهم ثراء في معسكر، وهو وحده في معسكر آخر. حوَّل قمة الثماني قمة سباعية لا حول لها ولا قوة. تلقّى السهام والانتقادات من كل حدب. واجه ضغوطا من جهات العالم الاربع. ومع ذلك، لم يحد قيد أنملة عن موقفه: لا حل بلا روسيا، ولا حل روسياً بلا بشار الاسد.
لم ينسحب الود بين سيرغي لافروف وجون كيري على العلاقة بين رئيسيهما. بدا أوباما وبوتين بعد لقائهما الثنائي أشبه بمن يعطي الضوء الاخضر لاستمرار الحرب. كانت أصداء اعترافهما بخلافاتهما أقوى من دعمهما التفاوض. ومع استمرار كل من الجانبين، وإن بوتيرة متفاوتة، في تسليح فريق على الارض، عزز الرجلان احتمالات الاقتتال المجاني، وقت صار واضحا أن الحسم العسكري في سوريا لن يحصل الا بعد دمار البلد.
لم تكن ثمة اوهام بدخان أبيض فوق منتجع اينيسكيلين بايرلندا الشمالية. فالشكوك بين الجانبين عميقة، وربما الاعمق منذ عقود، وليست ديبلوماسية "النيات الحسنة" التي ينتهجها الثنائي كيري - لافروف كفيلة وحدها بردم الهوة بينهما. بيد أن القمة الباردة بين الرئيسين الروسي والاميركي لم تظهر كم أن حل الأزمة السورية لا يزال بعيداً فحسب، وإنما ايضاَ أسقطت القناع عن المقاربتين المتباعدين لكل من واشنطن وموسكو لمؤتمر "جنيف-2" الموعود.
تحاول روسيا فرض ظروف "جنيف-2" ومقرراته قبل عقد المؤتمر. فلا مؤتمر للسلام بلا الاسد، وايران على الارجح. ولا اتفاق لا يشمل بقاء الاسد في السلطة.
 في الشكل، بدت موافقة واشنطن على عقد "جنيف -2" قبولاً بالخطوط العريضة للموقف الروسي، بما فيها ضرورة الحلّ السياسي وصعوبة انتصار المعارضة بقوة السلاح، وصولاً إلى موافقة ضمنية أميركية على أن يكون الرئيس الأسد جزءاً من عملية التفاوض. بيد أن لجوء النظام السوري بمساعدة "حزب الله" الى الحسم العسكري في القصير بدّل المعطيات ودفع واشنطن الى تغيير موقفها من دعم المعارضة المسلحة، وهو ما اعترضت عليه موسكو بينما احتفظت لنفسها بحق منح النظام السوري دعما عسكرياً وتقنياً أكثر ثباتاً وفاعلية.
قبل قمة ايرلندا الشمالية، كان الجميع يتحدثون عن مؤتمر السلام بينما يعد العدة لتصعيد الحرب. وبعد انفضاض القمة، صار شهر آب الموعد الجديد المحتمل للمؤتمر، فيما الأدلة على تزايد الدعم العسكري الغربي للمعارضة تتزايد. ولن تألو موسكو جهداً لتؤكد للغرب أن عزلها لن يؤدي الى اطالة أمد الازمة السورية وكل أزمة أخرى.
للسوريين، صارت الايام متشابهة. بعد القصير كما قبلها. وبعد ايرلندا الشمالية كما قبلها. وحتى موعد القمة الاميركية - الروسية المقبلة في موسكو في ايلول، لن يكون عليهم الا... الانتظار.