الرئيسة \  مشاركات  \  مأساة القرن تدخل عامها الخامس

مأساة القرن تدخل عامها الخامس

15.03.2015
عاصم الصالح



المركز الصحفي السوري
مع انطلاق ثورات الربيع العربي في بداية عام 2011 والتي كانت بدايتها في تونس ثم مصر, تململ السوريون لينفضوا عنهم عقوداً طويلة من الظلم والقهر والاستبداد، لم ينتظر السوريون طويلاً حتى بدأت أولى شرارات الانتفاضة السلمية و ذلك في 18 من آذار / مارس عام 2011 في مدينة درعا جنوب سوريا، قامت هذه المظاهرة كردة فعل على قيام قوات النظام السوري باعتقال واقتلاع أظافر خمسة عشر طفلاً خطوا عبارات الحرية على جدران مدارسهم، ليكونوا بذلك الشرارة الأولى لانطلاق الثورة السورية ضد حكم آل الأسد.
بدأت المظاهرات سلمية، كانت انطلاقتها من الجامع الأموي بدمشق يوم الثلاثاء في 15من مارس/آذار عام 2011، لكن البداية الحقيقية للاحتجاجات كانت في "جمعة الكرامة" التي أطلقها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انطلقت المظاهرات من مدينة درعا البلد و ردّ عليها النظام بإطلاق الرصاص الحي الذي أدى لاستشهاد "حسام عياش" و "محمود الجوابرة" و هما أول شهيدين في تاريخ الثورة السورية، ثم تطور الحراك السلمي ليشمل دمشق و ريفها و حمص و حماة و إدلب و دير الزور، وردّد المتظاهرون شعارات الحرية والكرامة .
استمرت المظاهرات السلمية الحاشدة في كافة المحافظات كان أكبرها تلك المظاهرات الحاشدة التي خرجت في ساحة العاصي في مدينة حماة في 22 يوليو /تموز عام 2011 في جمعة أسماها الناشطون "جمعة أحفاد خالد"، حيث شهد هذه المظاهرة ما يقارب 650 ألف متظاهر، والمظاهرة الحاشدة التي خرجت في دير الزور في نفس اليوم حيث بلغ عدد المتظاهرين 500 ألف متظاهر.
استخدم النظام السوري كل قوته و آلة بطشه للفتك بالسوريين و لإنهاء كافة المظاهر السلمية التي عمت البلاد طولاً و عرضاً، اتخذ النظام أسلوب التدمير الممنهج، حيث تدرج باستخدام القوة العسكرية من البنادق والرشاشات إلى الدبابات التي استخدمها في اقتحام المدن والبلدات الآمنة,لكن الشعب السوري لم يتوقف عن نضاله من أجل حريته,حيث واجه آلة النظام العسكرية بصدور عارية غير آبه بكل ما يستخدمه النظام من قوة وبطش لقمع هذه الثورة، ولم تنفع مع النظام كل المناشدات الدولية والعربية لإيقاف قتل المتظاهرين.
ارتكب النظام السوري عدة مجازر ضد المتظاهرين السلميين في حمص و حماة و إدلب و درعا و دمشق و غيرها، لكن أشهر تلك المجازر كانت مجزرة الحولة في حمص في 25 من مايو/أيار عام 2012، و التي راح ضحيتها حسب الناشطين ما يزيد عن 92 شخصاً بينهم 30طفلاً، وارتكبت مجازر مروعة في بلدتي تريمسة  والقبير في ريف حماة.
إن مجلس الأمن الدولي لم يستطع إلى الآن أن يصدر حتى بيان إدانة للنظام السوري، وكان في كل مرة يجتمع المجلس لإصدار قرار يدين النظام يصطدم بالفيتو الروسي الصيني حيث تم استخدام الفيتو المزدوج أربع مرات في مجلس الأمن كان آخرها في 23مايو / أيار عام 2014لمنع إدانة النظام السوري، كما أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية المتردد و غير الواضح جعلا النظام السوري يمعن في قتل السوريين و تعذيبهم و التنكيل بهم.
ارتكب النظام السوري مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق في 21 أغسطس / آب من عام 2013 راح ضحيتها 1822 شخصاً في حصيلة نهائية نشرتها منظمة " أطباء بلا حدود"نصفهم من الأطفال موثقين بالأسماء،لم يكن رد المجتمع الدولي حازماً وقوياً بقدر فظاعة ووحشية المشاهد التي نشرت عن تلك المذبحة الرهيبة, بل راح المجتمع الدولي يفاوض النظام السوري على أسلحته الكيماوية دون النظر إلى أن النظام قتل قبل ذلك التاريخ ( 21/8/2013)  ما لا يقل عن 100 ألف سوري بغير السلاح الكيماوي, وكأن استخدام السلاح الكيماوي كان خطاً أحمر و استخدام القنابل الفراغية و العنقودية و البراميل المتفجرة لم يكن ضمن الخطوط الحمر.
تمكن المجتمع الدولي بعد مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق من تجريد النظام من أسلحته الكيماوية بالقرار 2018 بتاريخ 28 سبتمبر لعام 2013, لكن إجرام النظام لم يتوقف عند ذلك , حيث ابتكر أساليب جديدة في القتل و التدمير و ذلك باستخدام البراميل المتفجرة , حيث استخدمها على نطاق واسع في مدينة حلب و ريفها و ريفي إدلب و حماة , حيث قتل باستخدام البراميل المتفجرة ما يزيد عن 12 ألف ضحية جلّهم من المدنيين, و ذلك وفق حصيلة للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
إن مجلس الأمن الدولي لم يستطع إلى الآن أن يصدر حتى بيان إدانة للنظام السوري, و كان في كل مرة يجتمع المجلس لإصدار قرار يدين النظام يصطدم بالفيتو الروسي الصيني حيث تم استخدام الفيتو المزدوج أربع كان آخرها في 23مايو / أيار عام 2014 في مجلس الأمن لمنع إدانة النظام السوري, كما أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية المتردد وغير الواضح جعلا النظام السوري يمعن في قتل السوريين وتعذيبهم والتنكيل بهم.
الآن و بعد مرور أربعة أعوام على اندلاع الثورة السورية،  وبعد أكثر من 250 ألف ضحية 80 بالمئة منهم مدنيون - وفق حصيلة نشرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان -وكذلك وجود اكثر من أربعة ملايين نازح في دول الجوار, ومع دخول أطراف كثيرة في دائرة الصراع الدامي في سوريا, لا أفق واضحاً لحل الأزمة السورية على المدى القريب، مع الاتفاق بأن الحل العسكري لا يفضي إلا لمزيد من القتل و الدمار، وأن الحل في سوريا هو الحل السياسي الذي يحقن دماء السوريين المطالبين بالحرية و الديمقراطية.
يقتنع معظم السوريين بأنه يجب إيقاف حمام الدم, و أن الحل السياسي هو الحل الأفضل, لأنه يخفف من الفاتورة الدموية الكبيرة التي يدفعها السوريون نتيجة الحرب, وهم في الوقت ذاته يعتقدون أن هذا الأمر صعب المنال في ظل تجاهل المجتمع الدولي للمطالب المشروعة للشعب السوري بإسقاط رأس النظام في أي حل مستقبلي .
لم تستطع المبادرات العربية و الدولية إيقاف حمام الدم في سوريا بدءاً من مبادرة الجامعة العربية مروراً بمبادرة كوفي أنان و مؤتمر جنيف 1 و مؤتمر جنيف2 إلى أن وصلنا إلى مبادرة المبعوث الدولي " ستيفان ديمستورا" بشأن تجميد القتال في بعض مناطق النزاع لا سيما مدينة حلب.
يرى معظم السوريين أن مبادرة "ديمستورا" ستعطي الفرصة للنظام لالتقاط أنفاسه في مدينة حلب و توجيه قوته إلى بقاع أخرى من الأرض السورية لتحقيق مكاسب إضافية تكون ورقة ضغط على المعارضة في أي حل سياسي مستقبلي.
الحقيقة الوحيدة التي لا يعرفها إلا السوريون أنفسهم هو أن الصراع سيطول طالما أن الإرادة الدولية لوضع حد للصراع غائبة و غير واضحة، و هم بلا شك يحلمون أن يكون العام الخامس من عمر هذه الثورة أقل دموية و يحقق جزءاً من مطالبهم العادلة في الحرية و الديمقراطية، كما و يأمل أكثر من أربعة ملايين نازح في دول الجوار توقف رحى هذه الحرب القاسية والعودة إلى ديارهم .