الرئيسة \  برق الشرق  \  مؤامرة الإرهاب على الإسلام

مؤامرة الإرهاب على الإسلام

05.04.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏01‏/04‏/2016
يعود مفهوم الارهاب في الفكر السياسي الغربي الى اعوام  1798 عندما أطلق الفرنسيون على زعماء الثورة الفرنسية وخاصة فئة اليعاقبة الذين ساهموا  باندلاع الثورة الفرنسية ضد الكنيسة / الاكليروس / تحت شعار الحرية والمساواة والاخاء بالارهابيين ويعنون وقتذاك بالمجرمين الذين يمارسون السرقة والقتل ، وكان هذا اللفظ بمثابة الشتم . ولما انتصرت الثورة الفرنسية وتبين للشعب الفرنسي فائدة تلك الثورة حذفوا عن زعماءها صفة الاجرام واعتبروا مفهوم الارهاب باولئك الثوار وحملة الفكر السياسي الذي يدعو الى العنف .
ومفهوم الارهاب حديث أيضا مثل مفهوم / الاصولية / فالاصولية  وهي باللاتينية / فوندامِنت / لم يعرفها الفكر الغربي الا في عام 1910 وذلك عندما ارادت فرقة من المسيحية الكاثوليكية بالولايات المتحدة الامريكية برئاسة القسيس روبين ارشر توري / 1856- 1928 / من بابا روما بيوس العاشر / 1835 – 1914/  إجراء تغييرات على بعض بنود الكنيسة البابوبة مثل  الطلاق وعدم ان تكون اللغة اللاتينية لغة البابوية الرسمية اضافة الى تغييرات على العقيدة المسيحية ، فما رفض البابا المذكور طلب تلك الفرقة اطلقوا عليه لقب / الفوندامنت / اي الغير متسامح والمتمسك بأهداب الدين .
 
و الارهاب مأخوذ من الفعل الثلاثي  رهب وقد وردت في القرآن الكريم احد عشر مرة لها بالتحريك والتسكين ، فالبتحريك وهو الخوف والتخويف  والتوعيد مثل قول الله تعالى في سورة الانفال آية 16/ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم / قال العجاج يصف جملا :
تعطيه رّهْباها اذا ترهَّبا على إضْطمار الكشح بولا زغربا
أي انك إذا أخفته بال من الفزع .   وبالسكون الخشية من الله والتعبد له والتضرع اليه ويطلق على رجل الكنيسة الذي يترك ملذات الحياة الراهب وقد أثنى الله تعالى على بعضهم  بالقرآن الكريم  مثل قوله تعالى / وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه – أي الذين اتبعوا عيسى بن مريم عليهما السلام - رأفة ورحمة ورهبانية  ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله / وانتقد بعضهم  أيضا  لأكلهم مع الأحبار أموال الناس بالباطل .
وقال جرير يصف رهبانا أسرعوا للمال :
رهبان مدين لو رأوكَ تنزلوا والعُصم من شَعَفَ العقول الغادر .
وقد أصبحت مسألة الارهاب الاسلامي ،  الذي أصبح  يقض مضاجع حكومات دول كثيرة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية وبالعالم الاسلامي  في مقدمتهم الدول الاسلامية العربية منذ انهيار جدار برلين والانظمة الشيوعية في اوروبا عام 1989 وحتى وقتنا هذا ، حديث الساعة  كما اصبح ما يُطلق عليه بالتطرف الديني  قضية أهل الغيرة على الامة الاسلامية تشغلهم لأن التحذير من الشباب الذي يحمل فكرا اسلاميا ناضجا يكمن بانه لا خلاص لهذه الامة الا بالعودة الى الاسلام ، فهذا الرأي جعل الذين يحملونه عرضة للفتك والتحذير ، ويرى أهل الغيرة على حملة الفكر السلامي الناضج بان الحملة على الاسلاميين استهداف لهذا الدين وابادة للجيل المسلم . وقد اصبح مفهوم وصف الاسلاميين بالتطرف سائدا لدى الكثير من السياسيين والاعلاميين يهدفون من وراءه ايجاد الرعب والإرهاب الفكري  لشل حركة الدعوة الى الله واثارة الريبة بأهدافها  وإحاطتها بجو من الارهاب لتحطيمها وتعطيل مسارها .
يرى علماء الاجتماع والسياسة ان الارهاب الفكري هو وراء الارهاب المتمثل باستخدام السلاح . والارهاب الفكري مصدره الحكومات التي تمارس العنف ضد شعوبها ، مثل كم الافواه ومنع الحريات العامة ومصادرة الصحافة الحرة ومراقبة الرأي الحر وتقوم بمطاردة احرار البلد وتقوم بتشويه صورهم وسمعتهم . وقد عانت الجماعات الاسلامية في جميع البلاد الاسلامية العربية من سياسة البطش التي تمارسها حكومات تلك الدول ضدهم . ففي مصر استغل العسكر  يثورتهم البيضاء التي قادوها ضد النظام الملكي عام 1952 الاخوان المسلمين الذين شاركو بالثورات ضد الاحتلال البريطاني ولما استولى جمال  عبد الناصر على حكم مصر وهو الذي كان اقرب الناس للاخوان بطش بقادتهم وقتل وسجن الكثير منهم مثل عبد القادر عودة الذي اصبح دمه لعنة على رجال ثورة مصر اضافة الى جمال فرغلي وسيد قطب وسجن مرشد الاخوان الثاني حسن الهضيبي وعمر التلمساني  وغيرهم رحمهم الله تعالى . كانت هذه السياسة العمياء وراء قيام تنظيم سري للدفاع عن انفسهم . وفي الجزائر التي نجح فيها الاسلاميون بمقاعد كثيرة ببرلمان تلك الدولة  عام   1990 بطش العسكر بقادة الجبهة الاسلامية للانقاذ وزج بهم في السجون كما قتل الكثير منهم ، نجم عن ذلك البطش مقتل اكثر من 200 الف جزائري لاسباب يجهل القاتل سبب القتل والمقتول سبب قتله .
أما في سوريا ما أدراكم ما سوريا فقد بطش نظام البعث ومن بعده  بالاسلاميين قام البعثيون بتدنيس القرآن الكريم وقصفوا المساجد واستباحوا حرمتها وأوعزوا احد عملاؤهم باهانة رب العزة والانبياء ثم جاء حافظ اسد وبطش بالاسلاميين  أشد البطش قتلوا مروان حديد واكثر من ثلاثين الف شخص بمدينة حماة واستباحوها وقتلوا خيرة ابناء سوريا في سجن تدمر وغير ذلك من الاعمال الاجرامية ثم جاء بشار اسد ليجعل من سوريا دولة محتلة ويبطش بسكانها وهدم مدنها وتشريد أهلها كل ذلك خوفا من الاسلام .
هل هناك تعاون بين القوميين الاوروبيين والمتطرفين من المسلمين ؟ سؤال يراود  خبراء الارهاب  والاسلام في اوروبا .
فالعمليات الاجرامية التي وقعت ببروكسل في وقت سابق من شهر آذار /مارس من عام 2016 الحالي وما قبلها من الاعمال الارهابية الاجرامية التي شهدتها مدريد ولندن وما بعدها من عمليات ارهابية استهدفت باريس الفرنسية عام 2015 الماضي الى جانب أعمال ارهابية اجرامية استهدفت  دولا اسلامية في مقدمتها السعودية وتركيا خلال عامي 2014 و 2015  واخيرا بمدينة لاهور الباكستانية في وت سابق من شهر آذ       ار /مارس المنصرم عانت من الارهاب أعادت الى الاذهان  حوادث 11 أيلول / سبتمبر من عام 2001.
هناك مؤامرة تستهدف الاسلام في اوروبا والعالم الاسلامي ايضا ، فهناك خبراء بالارهاب يعتقدون وجود تعاون قوي بين القوميين المتطرفين والتطرف من شباب مسلم يعانون من امراض نفسية يرون ان الاسلام سبب بؤسهم فلذلك يلجأون الى جرائم يرتكبونها باسم الاسلام للاساءة اليه .
وتحمل الاكاديمية الالمانية  الاتحادية للتوجيه السياسي ومعها دائرة المخابرات الداخلية ، راية إثارة الفتن ضد الاسلام والمسلمين في المانيا ، فهذه الدائرة تقوم بين الحين والآخر باصدار دوريات عن الاسلام لكتاب معروف عنهم بالعداء لهذا الدين على انهم دين يدعو الى العنف ويرفض الشباب المسلم الاندماج مع المجتمع الالماني والاوروبي كما تقوم هذه الدائرة التي تبذل كل جهودها لإظهار المستوطنين الصهاينة بانهم مسالمون ويعيشون على ارض فلسطين تحت ظلال الخطر على حياتهم من المسلمين وتؤكد هذه الدائرة بان المستوطنين الصهاينة وحكومتهم متسامحة تجاه الدينين المسيحي والاسلامي  وتقوم هذه الدائرة بتنظيم رحلات دراسية للشباب بين الحين والآخر   الى فلسطين المحتلة بالتعاون مع مجموعة / اكسيل شبرينجر / العلامية التي تعتبر بوق الكيان الصهيوني في المانيا واوروبا وتبث بين الحين والاخر نعرات ضد الاسلام  والمسلمين  في المانيا وأوروبا ، فهذه المجموعة الاعلامية أكدت ان  حادثة بروكسل ولاهور / الباكستان / الاخيرة هي ضمن حرب ضد النصارى في اوروبا وفي كل مكان بالعالم . وينتقد خبراء السياسة الدولية والاسلامية من بينهم استاذ علوم مادة الاسلام والشرق الاوسط في جامعة مدينة  كولونيا / وسط / الياس دافيدسون  الذي يرى بالدائرة المذكورة  بانها تقوم بتطوير نظرية العداء للاسلام في اوروبا والمانيا بشكل خاص لدراستها حول حادثة بروكسل الاخيرة ، اذ تقول هذه الدائرة ان المسلمين يتطلعون للسيطرة على اوروبا بالعنف اذ ان الاسلام الذي انتشر بحد السيف يريد الاسلاميون نشره بالعنف والقتل والتفجير في كل مكان باوروبا عار عن الصحة ولولا المسلمين لما عرفت اوروبا الحضارة ولبقيت غارقة في ظلمات القرون الوسطى مطالبا وزارة الداخلية الاتحادية باحداث تغييرات على هذه الدائرة وانتقاء مستقلين بب دراساتهم حول الاسلام والارهاب حتى تكون الدائرة منارة علم للجميع .
هل هناك تعاون بين القوميين المتطرفين في اوروبا والمتطرفين من الشباب المسلم من اجل سعيهم على انشاب حرب بين الاسلام والغرب ؟ فيرى خبراء الاسلام والسياسة الدولية وخبراء الحركات القومية في اوروبا الى احتمال وجود مثل هذا التعاون بالرغم من الفوارق الكبيرة بين  القومييين والمتطرفين من الشباب المسلم  ، فيرى خبير شئون الحركات القومية في اوروبا كلاوس نويمان وجود تعاون فكلا الطرفين عندهم حقد على المجتمعات الحرة وبالرغم من ان الاسلام يرفض العنصرية الا انه لدى الشباب المسلم المتطرف حب العنف ويرون ضرورة عودة الاسلام بالتربع  على زعامة العالم من جديد ، بينما رأت زعيمة معهد حقوق الانسان البرليني بيئاتيه رودولف ان المجتمع الغربي والمجتمع المسلم ايضا يتحملان مسئولية التطرف  القومي والاسلامي فالشباب المسلم في اوروبا يشعرون بهضم حقوقهم فالكثير منهم محروم بعمل مناسب لهم بسبب التدين وحوادث 11 أيلول / سبتمبر من عام 2001 وما نجم عنها من مخاوف لدى الغرب من المسلمين ساهمت بالحاق الاذى بمستقبل الشباب المسلم كما ان المجتمع الغربي وخاصة في  المانيا لم يعر اهتمامه  بتوجيه اجتماعي من خطر التطرف القومي الذي كان وراء حروب دموية عانت اوروبا والعالم منها .
ويجزم استاذ علوم السياسة الدولية وحقوق الانسان في جامعة مدينة نورنبيرج واحد مؤسسي محكمة مجرمي الحرب ومحكمة حقوق الانسان الاوروبية هاينر بيلفيلد بان اقدام الشباب المسلم على عمليات ارهابية سببه اعطاء الغرب الحرية لتلك الاقلام التي تنال بالاسلام ، فالتهجم على رسول الاسلام نبي الله محمد  صلى  الله عليه وسلم يعتبر إيذائا لاكثر من مليار مسلم في العالم مؤكدا ان الغرب يعاني من عقدة نفسية  تكمن بمخاوفهم من الاسلام الدين الذي يدعو الى الحوار المنطقي والتعايش السلمي ولا يمكن القضاء على الارهاب الا بالحوار.
وما ان تهدأ الاقلام التي تنال الاسلام والتحذير منه الا ومن يأتي ويثيرها من جديد واذا فشل قلم ما بالبروز بمعاداته لهذا الدين يأتي شباب متطرف ويمارسون الارهاب لاعادة الحديث عن خطر الاسلام اذن فهناك تعاون بين القوميين والمتطرفين من الشباب المسلم لتشجيع الغرب بالحرب على الاسلام فالارهاب يستهدف الاسلام اكثر من غيره والمسلمون هم ضحايا الارهاب على حد تعبير أنتييه فولمر التي كانت تشغل نائبة لرئاسة البرلمان الالماني عن حزب الخضر استاذ علوم السياسة الجتماعية في جامعة هومبولدت البرلينية ، التي اشارت الى تقرير حول قتلى البشر بالقرن العشرين اورده معهد هيسين لدراسات السلام والحروب بمدينة فرانكفورت   اذ وصل عددهم الى حوالي 102 مليون قتيلا وصلت نسبة من قتلهم الغرب الى 95 بالمائة بينما وصلت نسبة من قتلهم المسلمون الى 5 بالمائة .