الرئيسة \  مشاركات  \  مؤتمرُ الرياض:انعطافةٌ في التعاطي مع الملف السوري

مؤتمرُ الرياض:انعطافةٌ في التعاطي مع الملف السوري

23.11.2015
د. محمد عادل شوك





يترقَّب المعنيون بالشأن السوري انعقاد مؤتمر الرياض، الجامع لفصائل الثورة السورية ذات المشروع المحلي، الذي دعت إليه السعودية الخميس ( 12/ 11 )،  بعد أن تأجل من شهر ( 5 ) إلى شهر (12)، بغية تأسيس وفد موحَّد للمعارضة مكون من ( 25 ـ 30 ) شخصية، تتولّى عملية التفاوض مع وفد آخر يشكله النظام، للقاء في جنيف؛ بغية الشروع في خطوات الحل السياسي، بناء على مخرجات فيينا (3 )،الداعية إلى البدء بمحادثات بينهما بحلول الأول من شهر ( 1/ 2106)، حسبما أعلن نبيل العربي ( أمين عام الجامعة العربية )، و عبد الله المعلمي ( سفير المملكة في الأمم المتحدة ).
وأفادت مصادر في المعارضة أن أكثر من ( 30 ) فصيلاً مسلحاً سيشاركون في هذا اللقاء، فضلاً على ممثلين عن طوائف المجتمع ، و كيانات المجتمع المدني، و الأحزاب السياسية.
و من أبرز الفصائل التي تلقت الدعوة وفقًا لـمحمد علوش ( القيادي في جيش الإسلام )،فصائل الجيش الحر، جيش الإسلام، أحرار الشام، فيلق الشام، جيش المجاهدين، و الجبهة الشامية، و ستغيب عنه جبهة النصرة لامتلاكها مشروعها الخاص المرتبط بالقاعدة، و داعش لأنها خارج سياق الثورة السورية.
يأتي انعقاد هذا المؤتمر وسط تطورات مهمة:التدخل الروسي لصالح النظام، مؤتمر فيينا، التحالف العربي في اليمن، اتفاق الملف النووي الإيراني، حسم المعركة الانتخابية لصالح أردوغان.
إنّه سيشكل في رأي المتابعين انعطافة في التعاطي مع الملف السوري، على مستوى التحالف الداعم للثورة؛فالسعودية ( الدولة المضيّفة ) قد رتَّبت أوضاعها الداخلية في قمة الهرم، و نهجت نهجًا سياسيًا ( و حتى عسكريًا ) مغايرًا بشكل كامل لما كان عليه أيام الملك عبد الله، وصل إلى حدّ القطيعة التامّة في التعاطي مع مخرجات الربيع العربي، و إن كان بشكل بطيء، حيث جرى تحت الجسر ماء كثير،حسب رأي جمال خاشقجي.
و تركيا قد حسمت أمرها باتجاه منح الثنائي ( أردوغان ـ أوغلو ) فرصة أربع سنوات، للمضي في السياسة المؤيدة للثورة السورية.
و حتى أمريكا فإنّ سياسة الصبر الاستراتيجي في هذا الملف، قد أثمرت عن تشليح إيران برنامجها النووي، و توريط الروس في الوحول السورية، و الأهمّ من هذين الأمرين: تشليح الأسد سلاحه الكيماوي، و إقدامه على تدمير سورية ( شعبًا، و مقدرات ) لصالح إسرائيل، مسكونًا بالرغبة في سحق الإرهاب؛ للبقاء في السلطة لقرون عديدة قادمة.
و عليه فإنّ الدعوة لهذا المؤتمر يعيد إلى الأذهان المسعى السعودي في الملف اللبناني، الذي رعته المملكة في 1989 في مدينة الطائف، وأنهى في وقتها الحرب الأهلية اللبنانية.
 لربما تكون فكرة الاجتماع ابتداءً من الائتلاف على المملكة،التي وافقت بدورها على المقترح، أما و قد تبنتها فإنها لا تريد الفشل لها، ولهذا فضّلت التريث بالدعوة للاجتماع لمدة سبعة اشهر لحين التأكد من توافر الظروف الموضوعية، و توافق المعارضة السورية النسبي، لتكون النتائج إيجابية و قوية؛ فتنهي الصراع، وتزيح الأسد عن السلطة.
إنّ ما توصف به سياسة المملكة بالتريث في التحرك، لهو الذي يدعو للتفاؤل حيال هذا المؤتمر، إذْ مضى زمن طويل قبل أن تخطو هذه الخطوة، قامت خلاله بالتواصل مع جميع الفرقاء الذين ستشملهم الدعوة، فقد تمّ التواصل مع المجلس الإسلامي في إستنبول، في بدايات الأمر في شهر (5 ) ووجهت الدعوة لرئيسه الشيخ أسامة الرفاعي بمعية شخصيات أخرى ترافقه، و كذلك مع أحرار الشام التي حضر عدد من قياداتها موسم الحج برئاسة الشيخ أبي جابر، و يلاحظ في شأنها تغريدة جمال خاشقجي قبل يومين من ( أن الأحرار خطٌّ أحمر بالنسبة للمملكة )، و كذلك كان لرئيس الائتلاف خالد الخوجا زيارة شملت المملكة، ثم سلطنة عمان قبل أسابيع قليلة، و فيما يخص جيش الإسلام كان لقائده زهران علوش زيارة إليها في الأسبوع الفائت.
هذا فضلاً على التنسيق العالي المستوى بينها، و بين حلفائها التقليديين، في اجتماعات فيينا، التي كان فيها حضورها ملحوظًا، ثم تمّ تتويج الأمر بلقاءات ( سلمان ـ أردوغان ــ أوباما ) على هامش قمة العشرين في إنطاليا ( 15ـ 17/ 11 )، و من الطبيعي أن يكون قد بحث أمر هذا المؤتمر معهم.
و يعزز ذلك ما سبق الحضور ( السعودي، القطري، التركي ) على المستوى الميداني في سورية، بدءًا من تجربة جيش الفتح التي نتج عنها تحرير محافظة إدلب كاملة، ثمّ معركة الدبابات في ريف حماة الشمالي، و المعارك التالية إبان الغزو الروسي منذ خمسين يومًا.
لذلك من غير المسموح به الفشل لهذا المؤتمر الذي طال انتظاره، و عملت عليه المملكة طويلاً، و تعوِّل عليه أطراف محلية و إقليمية و دولية؛ فهي ستلقي فيه بثقلها، و إنَّ أيًّا من الأطراف السورية التي تراودها نفسها بإفشاله، سيقع عليها لومٌ كبيرٌ يصعب عليها تحمّل تبعاته.