الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر بروكسل الثالث: هل تُغني المساعدات عن الحل السياسي؟

مؤتمر بروكسل الثالث: هل تُغني المساعدات عن الحل السياسي؟

17.03.2019
نسرين أنابلي


 جيرون
السبت 16/3/2019
اختُتمت، مساء أمس الخميس، فعاليات “مؤتمر بروكسل الدولي الثالث حول دعم سورية والمنطقة”، بمشاركة 85 دولة ومنظمة، في المؤتمر الذي عقده الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لحشد الدعم لمستقبل سورية ودول المنطقة.
وتعهد المانحون الدوليون، في مؤتمر بروكسل، بمبلغ غير مسبوق يبلغ 6.9 مليار دولار، لدعم المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في سورية وخارجها، والمجتمعات المضيفة في الدول المجاورة.
ووفر المؤتمر مساحة صغيرة للنقاش السياسي حول الوضع في سورية الآن، وضرورة التوصل إلى حل سياسي، يكون مفتاحًا لحل مشكلات أخرى، كالعودة للوطن وإعادة الإعمار، بحسب ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر. ومكّن المؤتمر أيضًا من زيادة الاتصالات مع المجتمع المدني والجهات الفاعلة الإقليمية، وخصّص مساحة للتأكيد على دور المرأة السورية بالمشاركة في صناعة القرار، سياسيًا واجتماعيًا وإنسانيًا.
تزامن انعقاد المؤتمر مع مرور ثماني سنوات على بدء الثورة السورية التي طالبت بالحرية والتغيير الديمقراطي، في بلد تحول خلال هذه السنوات إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية، من دون الالتفاف إلى مصلحة الشعب السوري التي تقتضي سعيًا جادًا وحقيقيًا للتوصل إلى حل سياسي، فيما أصبح حضور الملف السوري في المحافل الدولية باهتًا، ويأخذ في الغالب منحى عرض الحاجات وتأمين المساعدات الإنسانية فحسب.
ومع استمرار النظام وحليفه الروسي في التصعيد العسكري ضد المدنيين، في مدينة إدلب شمال سورية، واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، على الرغم من شمول المنطقة باتفاق التهدئة الروسي – التركي، والتسبب في حركة نزوح كبيرة في صفوف المدنيين، وأوضاع إنسانية ومعيشية صعبة؛ نجد أنفسنا أمام حاجة ملحة إلى التوصل إلى حل سياسي ومرحلة انتقالية، وعدم اختصار الوضع السوري بالمطالبة بتأمين المساعدات الإنسانية للاجئين والنازحين والمجتمعات المضيفة. وهذا ما صرح به مارك لوكوك، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إذ قال: “إن المساعدات الطارئة لن تحلّ الأزمة السورية، فالمسألة تتطلب حلًا سياسيًا”.
الباحث السوري محمد منير الفقير رأى أن “التوصل إلى حل سياسي في سورية أصبح مرتبطًا بمعادلات أمن إقليمي ودولي، ولم يعد من الممكن التغافل عن ذلك في أي محفل كبير مثل مؤتمر بروكسل الذي اختتم أمس”. وتابع في حديث إلى (جيرون): “من الأهمية بمكان، طرح القضية السورية بشكل موسع، بكل أبعادها الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وطرح أوراق عمل خارج مسارات الحل السياسي الذي يُبذل جهد لتفعيله”.
وأضاف الفقير: “أعتقد أن من المهم اليوم أن نبحث نحن -السوريين- عن آليات جديدة، بعد أن خسرت الثورة السورية كثيرًا من مكتسباتها على الأرض، وعن مكتسبات جديدة نملكها، ولم نكن قادرين على تفعيلها. وهذه المكتسبات مرتبطة بحقوق السوريين التي أصبحت بعد 8 سنوات من انتهاكات النظام، أوضح للعيان”.
وشدد الفقير على أن “من المهم جدًا أن نعمل على ربط جميع القضايا التي نناقشها في المحافل الدولية، بملفات سياسية ذات أهمية لدى الفاعلين الدوليين والإقليميين كافة. إذ لم يعد من المقبول أن نطرح قضايانا، بمعزل عن اعتبارات الدول ومصالحها”.
فيما يتعلق بملف إعادة الإعمار، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن “لن تكون هناك إعادة إعمار في سورية، قبل أن يتوفر حل سياسي ضمن قرارات الأمم المتحدة”.
ورأى الفقير أن “موقف الاتحاد الأوروبي نابعٌ من رفضه أن تذهب أموال إعادة الإعمار إلى حلفاء روسيا في سورية، وتمكين وإنجاح المخرج السياسي الروسي، حتى لا تكتسب روسيا نصرًا سياسيًا في سورية”.
وأضاف: “هذا الأمر مطروح، قبل انعقاد مؤتمر بروكسل، لذا يجب علينا -السوريين- أن نستفيد من تمسك الاتحاد الأوروبي بالحل السياسي، لكي نحقق هدفنا بالوصول إلى مرحلة انتقالية من دون بشار الأسد، وهذا ما شددت عليه فرنسا وهولندا وألمانيا، خلال المؤتمر”.
يرتبط ملف إعادة الإعمار أيضًا، باستحقاقات اجتماعية وبالعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين، مع استعادة حقوقهم كافة. وهذه الأمور ترتبط بدورها بسلسلة من الإجراءات على المستوى السياسي والحكومي والتنفيذي والدستوري والقانوني، لذا نجد أننا، وفق الفقير “متجهون باتجاه تغيير سياسي كامل لا بد من أن يحدث حتى تبدأ عملية إعادة الإعمار، ومن ثم عودة النازحين واللاجئين”.
الصحافي السوري مصطفى محمد قال لـ (جيرون): “كان يأمل بأن يركز المؤتمر أكثر على موضوع محاسبة النظام، خاصة مع استمرار قصف النظام وروسيا على مدينة إدلب، باستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا”. وأضاف: “المساعدات المالية لن توصلنا إلى حل جذري، إنها بمنزلة مسكنات مؤقتة، إن صح التعبير، وهناك الكثير من الانتهاكات التي يجب أن يتوصل المجتمع الدولي إلى حلول لها، كموضوع السجون والمعتقلين، والانتهاكات التي يتعرضون لها، وغيرها الكثير من المشاكل. ومن دون حل سياسي؛ ستبقى الأمور على ما هي عليه”.