الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر تعترضه عقبات كثيرة

مؤتمر تعترضه عقبات كثيرة

26.05.2013
صالح القلاب


صالح القلاب
الرأي الاردنية
الاحد 26/5/2013
حتى وإنْ استجدَّتْ معجزة وانعقد المؤتمر الدولي الذي تم الإتفاق على خطوة عقدهِ من قبل الولايات المتحدة وروسيا والذي أُطلق عليه إسم «جنيف2» فإن نجاحه غير مضمون على الإطلاق لأن هناك تفاصيل كثيرة ولأن المثل يقول :»إن الشياطين تكمن في التفاصيل» ومن بين هذه التفاصيل وفي مقدمتها وضْعُ الرئيس السوري بشار الأسد خلال المرحلة الإنتقالية التي هي بدورها غير واضحة وعليها خلافات كثيرة.
بصورة عامة فإن لقاء عمان ، الذي تم يوم الأربعاء الماضي بحضور أحد عشر وزير خارجية يمثلون الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وتركيا والأردن والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات المتحدة والكويت وبحضور وفد من المعارضة السورية، قد وافق على عقْد هذا المؤتمر وقد أجمع مَنْ حضروه على أن بشار الأسد لا مكان له في المرحلة المقبلة وأن حكومة الوحدة الوطنية التي ستتشكل لإدارة شؤون البلاد لفترة يتم الإتفاق عليها سوف تتمتع بصلاحيات كاملة وان مسؤوليتها ستشمل الجيش والأجهزة الأمنية وكل شيء.
لكنَّ الواضح أن الروس ما يزال لديهم موالاً آخر فوزير الخارجية سيرغي لافروف قد قال في تصريحات أخيرة أنَّ الحل السياسي المنشود للأزمة السورية سيتم خلال القمة المقررة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما وهذا يعني أنَّ مؤتمر «جنيف2» الذي تقرر عقده بين العاشر والخامس عشر من الشهر المقبل سيكون مجرد قفزة في الهواء وأنَّه لن يكون أكثر من «حركة بلا بركة».
ثم وأنَّ الروس حتى هذه اللحظة لم يتزحزحوا عن موقفهم السابق القائل باستمرار بشار الأسد حتى نهاية ولايته الحالية في عام 2014 والقائل أيضاً بإمكانية ترشحه لإنتخابات جديدة والمتمسك بما يعتبره ضرورة أن تكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية خارج صلاحيات الحكومة الإنتقالية التي سيكون تشكيلها مناصفة بين المعارضة والنظام مسألة في منتهى التعقيد والصعوبة.
وبهذا فإنه لايمكن القول إن الأزمة السورية دخلت دائرة الحل السياسي المرجو بالفعل فالآراء بين المعارضة والنظام لا تزال متضاربة ومتباعدة وبعيدة جداً عن إمكانية الإلتقاء عند نقطة معينة وذلك بينما الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة تدخلاً سافراً في هذه الأزمة كل طرف منها يغني على ليلاه ويتمسك بالنظر إلى الأمور من زاوية مصالحه الخاصة.
وحقيقة انَّ فكرة عقد المؤتمر الدولي «جنيف2» كانت صفقة غير مكتملة وغير ناضجة بين موسكو وواشنطن وأن هذه الفكرة أرادها الأميركيون لإيجاد مبرر مقنع للقاء صقورهم وحمائمهم على موقف واحد موحد تجاه الأزمة السورية وكيفية التعاطي معها بعد أن تحولت سوريا إلى ساحة صراع إقليمي ودولي يبدو أن نهايته لا تزال بعيدة جداً بينما أراد الروس هذه الفكرة كمناورة لإلقاء مسؤولية التشدد على المعارضين السوريين وعلى بعض الدول العربية ولذلك فإنه يمكن القول إن مثل هذا المؤتمر لن يكون أكثر من مجرد قفزة في الهواء ومجرد مناورة روسية لإعطاء بشار الأسد وحلفائه المزيد من الوقت للإستمرار بحربهم المسعورة وحسم المعركة لجهة بقاء هذا النظام لسنوات طويلة!!.
أنه لايمكن أن يكون هذا المؤتمر جدياً ومحطة فعلية لحل الأزمة السورية إلاَّ إذا تم الإتفاق مسبقاً وبخاصة بين الروس والأميركيين على أن بشار الأسد لا مكان ولا دور له في المرحلة الإنتقالية التي يجب تحديد مدتها سلفاً وأن الحكومة المنشودة ، التي من المفترض أنها حكومة وحدة وطنية تأخذ البلاد إلى انتخابات حرة وديموقراطية ليقرر السوريون طبيعة حكمهم المقبل، لا بدَّ وأن تكون لها الولاية الكاملة خلال هذه المدة على كل شيء الجيش والأجهزة الأمنية وكل هذا مع ضرورة ألاَّ يكون حزب البعث أثناء هذه الفترة وبعدها بالطبع له القيادة في الدولة والمجتمع كما ينصّ الدستور القديم الذي جرى تعديله في هيئة «رتوش» تزويقية لا تغير أي شيء جوهري على الإطلاق.