الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر "جنيف ـ2"..خطأ انسحاب المجلس الوطني السوري

مؤتمر "جنيف ـ2"..خطأ انسحاب المجلس الوطني السوري

02.02.2014
حواس محمود


المستقبل
السبت 1/2/2014
الوضع الكارثي للشعب السوري بات معروفا للقاصي والداني، والكل يدرك حجم المعاناة الناتجة عنه، لذلك فالحرب ليست معارك عسكرية فقط، وإنما سياسية، وبالرغم من أخطاء الائتلاف العديدة تجاه الشعب السوري، لكنه هو الواجهة السياسية الوحيدة للشعب السوري والمعارضة السورية في المحافل الدولية، ولعل من إيجابيات موافقة الائتلاف الذهاب إلى مؤتمر جنيف2، كشف الأوراق لجميع الأطراف الدولية والإقليمية ومن أهمها الدعوة التي وجهت من قبل بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة إلى إيران، وتهديد الائتلاف بتعليق مشاركته بالمؤتمر إذا لم يتم سحب الدعوة ورضوخ بان كي مون لتهديد الائتلاف، انه انتصار ديبلوماسي كبير للمعارضة السورية وهو سابقة دولية كبيرة، لقد كانت الدعوة بالأساس محاولة أمريكية - روسية لجس نبض المعارضة والدول الداعمة لها بخاصة السعودية، والسعودية التي أعلنت موقفها سريعا بأن إيران ليست مؤهلة للمشاركة بجنيف2 لأنها مشاركة مع النظام في قتل السوريين، ولا زالت لها قوات في سورية، كما أنها مصرة على رفض أو عدم قبول مقررات جنيف 1 وأهمها الموافقة على تشكيل هيئة حكم انتقالي في سورية كاملة الصلاحيات التنفيذية.
وفي ظل الارتباك الحاصل لوفد النظام السوري ومعه الوفد الروسي بغياب إيران وبعد عدم التزام وليد المعلم وزير خارجية النظام بالوقت المخصص له للحديث بالمؤتمر والمهزلة التي حصلت جراء المشادة الكلامية بينه وبين بان كيمون، ومع امتناع النظام (عبر تصريحات أعضاء وفده) عن تسليم السلطات فإن ما أقدم عليه المجلس الوطني السوري قبل افتتاح المؤتمر بقليل بالانسحاب من الائتلاف يمكن اعتباره خطوة خاطئة في توقيت خاطئ ومرحلة مفصلية من تاريخ سورية، وهي بالرغم من أنها تأتي في إطار الالتزام بوثائق ومقررات مؤسسية أي أن المجلس نفذ قراره السابق بالانسحاب من الائتلاف في حال مشاركة الائتلاف بجنيف2 التزاما بمواثيق المجلس الوطني وثوابته الأساسية، إلا أن الظرف حساس والشعب السوري بحاجة ماسة لمعارضة كبيرة وقوية، ومن المفترض أن يكون الانسحاب عملية مؤقتة، وأن تكون بعيدة عن الحملات الإعلامية المتبادلة، وأن تكون ضمن حرية الرأي واختلاف وجهات النظر، والتركيز على المشترك السياسي العام لخدمة الشعب السوري في معاناته الطويلة، كما أن خطوة الائتلاف بالمشاركة في جنيف2 مساهمة كبيرة باتجاه الحل السياسي في حال التزام كل الأطراف بمقررات جنيف 1، وفي أسوأ الحالات عدم التزام النظام بهذه المقررات سواء ضمن المؤتمر - سياسيا - أو بعده - ميدانيا - وعلى الحالتين لن تكون المعارضة قد خسرت شيئا، وفي الحالة الثانية تكون قد سحبت البساط من حجج النظام والمجتمع الدولي من أن المعارضة هي سبب فشل جنيف2(في حال عدم المشاركة) وبالتالي عليها تحمل مسؤولية فشل المؤتمر، وبدا واضحا أن النظام كان يراهن على ضعف المعارضة واحتمال عدم مشاركتها أو مشاركتها بوفد مشتت، ولكن ذلك كله لم يحدث وبحضور المعارضة متمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تم إسقاط كل مراهنات النظام، وكان خطاب المعلم سردا مملا بغير جديد وبغياب رغبة جادة بالتحاور فيما بدت كلمة المعارضة أكثر واقعية وأكثر جدية بالرغبة بالتفاوض على أساس جنيف واحد كما ذهبت في نفس الموقف كل كلمات الدول الأخرى.
إن مشاركة الائتلاف خطوة ذكية وبالاتجاه الصحيح، لكن يتطلب من كل الأطراف المعارضة التنسيق والتوحد السياسي والتعامل مع المستجدات بحنكة وحكمة وسياسة، لا سيما وأنها تدافع عن مظلومية شعب عانى 3 سنوات، ما لم يعانيه أي شعب في العالم من قتل وتدمير واعتقال وتشريد.
من المفترض والمفضل لدى الشعب السوري عموما أن تبقى خطوة المجلس الوطني خطوة إجرائية مؤقتة، وان تستمر العلاقة السياسية مع الائتلاف لصالح الشعب السوري في محنته الكارثية الكبيرة.