الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر جنيف ٢ : هل سيجنب المنطقة الانفجار الإقليمي ؟

مؤتمر جنيف ٢ : هل سيجنب المنطقة الانفجار الإقليمي ؟

15.05.2013
طاهر العدوان

طاهر العدوان
الرأي الاردنية
الاربعاء 15 /5/2013
التصميم الأمريكي على جلب النظام السوري والمعارضة إلى مائدة التفاوض في جنيف ٢ حسب تصريحات أوباما عند لقائه كاميرون قبل يومين قد يعجل في وقوع الانفجار الإقليمي مع ان هدف المؤتمر الدولي المزمع انعقاده هو تجنيب المنطقة هذا الانفجار . فالنظام الذي أعاد هيكلة قوته الأمنية والعسكرية على أساس طائفي وبدعم مباشر من ايران وحزب الله ليس في وارد - كما تشير التطورات على الأرض - ان يتخلى عن الحل العسكري الذي اختاره منذ أكثر من عامين بعد ان ربط مصير سوريا بوجوده ، ومراهناته باتت واضحة منذ أن بدأ معركة القصير وبانياس : ان نجح في هزيمة الثورة فالتجربة المالكية في العراق نموذجا لقيادة بلد مقسم بقوة طائفية ، وان فشل دويلة الساحل هي الملاذ الأخير .
اندفاع النظام نحو الحل الأمني جعله يهرب إلى الإمام كلما طال أمد الحرب ومنذ ان جرَّ حزب الله وإيران إلى ساحة الصراع تغيرت معطيات كثيرة وتخلخلت معادلات أمنية واستراتيجية في المنطقة الممتدة من المتوسط حتى ايران والخليج ، ومن تركيا شمالا إلى الاردن جنوبا . وتدل تفجيرات الريحانية في تركيا بأن النظام ماض في تدويل الحرب وليس الصراع فقط، وانه لم يعد معنيا بأي مفاوضات مع المعارضة ( المسلحة وغير المسلحة ) إنما يعنيه خلط الأوراق الإقليمية والخروج بتسويات دولية يجد فيها فرصة للاستمرار من خلال الدفاع عن مصالح ايران وروسيا وحتى عن تلك الدول التي ترى في جبهة النصرة خطرا أكبر من وجود نظام يقتل شعبه .
 لا تخلو التحليلات السياسية والصحفية ، العربية والأجنبية ، من الإشارة إلى الوضع الصعب والخطير الذي سيواجهه الاردن اذا استمرت الحرب في سوريا او اذا رسا الوضع فيها على انتصار أي طرف من طرفي الصراع ، الثورة والنظام . ففي حالة استمرار الحرب الوحشية عاما او عامين آخرين فان موجات اللاجئين السوريين ستغير ديموغرافيا الوضع السكاني في الاردن وتلقي عليه أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية ثقيلة تهدد أمنه واستقراره ، خاصة وان النظام السوري يعمد إلى دفع جماعات من شبيحته للتسلل إلى البلاد بين صفوف اللاجئين لزرع خلايا نائمة للتخريب على منوال ما حدث في الريحانية التركية .
ووضع الاردن صعب في حالة انتشار الفوضى بعد سقوط النظام وتزايد قوى التطرف والقاعدة على الأراضي السورية ، وهو أكثر خطورة إن رسخت إيران أقدامها في سوريا عبر دويلة طائفية او دولة سورية مقسمة فعليا تقودها زمرة طائفية . ومن هنا فإن مصلحة الاردن دعم الضغوط الدولية على الأسد والمعارضة من اجل إنجاح جنيف ٢ للخروج بحلول تحفظ وحدة سوريا وتسمح لشعبها ان يختار شكل الحكم الذي يريده .
أما اذا فشلت هذه الضغوط وظل النظام مندفعا إلى الإمام في توسيع الصراع وجر التدخلات الخارجية فان الانفجار الإقليمي تحصيل حاصل لان مصالح الدول المجاورة ومنها الاردن تستدعي اتخاذ كل التدابير والإجراءات والوسائل لوقف المذبحة ووضع حد لتدفق اللاجئين ومنع تحول سوريا إلى مركز تهديد وجودي للدولة الاردنية بما في ذلك التصدي للمحاولات الإيرانية لتصدير مواجهاتها مع الغرب حول مشروعها النووي إلى قلب بلاد الشام ، فالمعادلة الإيرانية منذ حكم الملالي ترفع شعار مقاتلة الشيطان الأكبر ( أمريكا ) والشيطان الأصغر ( إسرائيل ) لكنها لم تخض مواجهة واحدة مع هذين الشيطانين إنما تعمل ذلك من خلال دماء اللبنانيين والعراقيين ( والآن السوريين ) وخراب أوطانهم ، وهذا الشعار لم يمنع طهران من تسهيل مهمة الاحتلال الامريكي لكل من العراق وأفغانستان .