الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر جنيف 2: حساب الحقل لا يطابق البيدر!

مؤتمر جنيف 2: حساب الحقل لا يطابق البيدر!

29.01.2014
عبدالله أبو مازن


القدس العربي
الثلاثاء 28/1/2014
عبر التاريخ وجدت الحروب، كما إنتهت، سواءً بضعف المتقاتلين وحلفائهم أو بلقاءات ومفاوضات، قادت إلى نهاية تلك الحروب. وعادة ما تنتهي الصراعات إذا ما عولجت من جذورها؛ بينما قد تخبو نار الصراع لفترة (استراحة المتحاربين)، دون أن تضع الحرب أوزارها، إذا ما عولجت بقشورها، دون الغوص بعمق المشكلة.
ورغم أهمية بداية تشكل الأزمة السورية، إلا أن الأهم الآن للمواطن السوري هو وقف شلال الدم، ووقف تداعيات الصراع المعقد من دمار وتهجير وتخريب للنسيج المجتمعي. وهذا القفز فوق المقدمات، لا يعني نكران أهميتها ودورها في الوصول لتصور واقعي لحل محتمل، اي كنتائج لتلك المقدمات. فوقف إطلاق النار، كمرحلة أولى قد يترك نتائج أولية، يبنى عليها تأسيس تهدئة تتوسع وتدوم، يتم خلالها التفكير بآليات البحث عن حلول غير دموية؛ خاصة بعد أن أنهكت جميع أطراف الصراع.
إن كلمات المؤتمرين الآن، في غالبيتها الإنشائية والعاطفية، لا تسهم في حل الأزمة؛ وكأن الكلمات موجهة أساساً لجمهور يتفرج ويتابع ويشاهد في مهرجان حاشد، وتتم في نهاية الكلمات التصويت على الصوت الأكثر تأثيراً. فمثلاً سرد مطولاً (وليد المعلم) قصته مركزاً فيها فقط على مكافحة الإرهابيين (وهو ما يشكل قاسماً مشتركاً هاماً لأغلبية المشاركين)، ودون نسيان المعاناة التي تتسبب بها تلك المجموعات التكفيرية؛ حيث لخص ذلك بالقول ‘ الإرهاب كان في أمريكا أمس وفي سوريا اليوم ولا نعلم أين سيكون غداً ‘. كما أدان (الجربا) ممارسات النظام، معتبراً إياه أساس المشكلة، والتي بدأت ‘ سلمية ‘. وهذه المواقف لا زالت تخوض في مقدمات ومسببات الأزمة، وهو لن يقود لحلول عملية، إذا ما بقيت المواقف على حالها في أروقة المؤتمر الداخلية. هل سيقود المؤتمر لوضع حد للصراع؟ وما قدرة طرف المعارضة السورية على تنفيذ مقترحات قد يخرج بها المؤتمر؟
لا شك أن كافة أطراف الصراع في سوريا، أنهكت بعد أن خاض جميع تلك الأطراف صراعاً، إعتقد أن نهايته ستكون قريبة؛ وهذه المراهنة الخاسرة، طالت جميع المشاركين، ودفع ثمنها كل مواطن سوري. وفي الفترة الأخيرة شهدت أطراف المعارضة صراعات فيما بينها، كما تطور وضع النظام عسكرياً في بعض المناطق، ترافق ذلك مع دعم سياسي غير مباشر للنظام، من قبل دول تعد معادية لمواقفه؛ تسبب بها أساساً بروز الجماعات المتطرفة وتصد ى النظام لها. كذلك لا تستجيب الكتائب العسكرية لمواقف الإئتلاف المشارك (رفضت بعض الكتائب المشاركة كما إنسحب البعض من الشخصيات) في المؤتمر.
ولذا فمن المستبعد أن يتوصل المشاركون إلى إتفاق على الأرض، بنهاية أعمال المؤتمر بسبب عدة عوامل: أولهما أن الهوة لا زالت بعيدة بين الطرفين الرئيسيين، وثانيهما أن الجربا يعلم أن أي إتفاق لا يشمل رحيل الأسد، لن تقبله قوى المعارضة، وخاصة المؤثرة عسكرياً على الأرض، وثالثهما أنه لو تم إتفاق على حل مرحلي يشمل رحيل الأسد، فإن الجماعات المتطرفة لن توافق على أي حل (ومهما كان لأن تلك القوى لا تثق بغيرها)، ورابعهما أن الدول الداعمة لهذه الحرب، ‘مرتاحة’ لبقائها ولكن بشروط، أهمها: عدم التوسع المكاني، عدم رفع وتيرة التصعيد، عدم إستخدام أسلحة نوعية.