الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر "جنيف 2" وخفض التوقعات

مؤتمر "جنيف 2" وخفض التوقعات

25.01.2014
د. موسى شتيوي


الشرق القطرية
الخميس 23/1/2014
يعد انعقاد مؤتمر "جنيف 2" أمس، إنجازاً بحد ذاته؛ إذ تم تخطي عقبة حضور الأطراف الرئيسة، وبخاصة المعارضة السورية. وتأتي أهمية انعقاد المؤتمر من كونه بدايةً لمسار سياسي للأزمة السورية المندلعة منذ ثلاثة أعوام، لوضع حدّ للاقتتال والدمار الدائر في سورية.
الأجندة العامة للمؤتمر هي وثيقة "جنيف 1". لكن هناك من يختلف حول ما تعنيه هذه الوثيقة من جانب، وهناك أولويات متباينة للأطراف الدولية والإقليمية والسورية من جانب آخر. فبينما تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون والمعارضة السورية، الدفع باتجاه حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، لا يكون للأسد مكان فيها، كما جاء في خطاب أحمد الجربا في افتتاح المؤتمر أمس؛ فإن سورية وحلفاءها الإقليميين والدوليين، في المقابل، ركزوا على محاربة الإرهاب كأولوية، ليس فقط لسورية، وإنما للأطراف كافة، كما جاء في كلمة وليد المعلم الافتتاحية.
إذن، هناك أجندة متباينة، وهناك فجوة كبيرة في المواقف والأولويات. وهذا التباين والأولويات المتناقضة والهوة الخطرة بين المواقف، يهدد بفشل المؤتمر وانهيار الجهود الدبلوماسية، والعودة إلى نقطة الصفر، بخاصة إذا ما أصر كل طرف على موقفه وأولوياته.
الواقع السياسي السوري والدولي لا يسمح لأي من الطرفين بتحقيق مطالبه القصوى، ولا بد من الاتفاق على أجندة مشتركة أو مقبولة على الأقل بالحد الأدنى. فالائتلاف الوطني السوري الذي يمثل المعارضة السورية في المؤتمر، يعاني من نقاط تُضعف من قدرته على تحقيق مطلبه بالكامل، من أهمها أن الائتلاف لا يمثل كل المعارضة في سورية، لأن هناك أطرافاً سياسية داخل سورية ليست في الائتلاف. لكن قد يكون الأهم من ذلك أنه ليس له سيطرة على المعارضة المسلحة، وبخاصة المنظمات الأقوى، كجبهة النصرة "وداعش" اللتين لا تؤمنان بالحل السلمي أساساً. وعليه، فإن المعارضة ما تزال في وضع ضعيف، لا يمكنها من فرض أجندتها على المؤتمر والمفاوضات. وهي تستمد قوتها من حلفائها الإقليميين والدوليين، أكثر مما تستمدها من الشعب السوري.
أما فيما يختص بالنظام؛ فهو يعاني من مشكلات تمنعه من تجاهل مطلب المعارضة المتمثل في حكومة انتقالية، ولكنه يشعر أن موقفه على الأرض أكثر صلابة من المعارضة، ولا يجب أن يقدم هذه التنازلات للمعارضة التي يتهمها بأنها تمثل بعض دول الإقليم. والأهم من ذلك هو التغير الكبير الذي حصل على الأرض. فعندما عقد "جنيف 1"، كانت المعارضة تسيطر على مناطق ومدن كثيرة، وكانت تدك أسوار دمشق. إلا أن دخول حزب الله والحركات الإسلامية المسلحة المرتبطة بالقاعدة، غيّر الخريطة نوعاً ما، واستطاع النظام تحقيق بعض المكاسب الميدانية. لكن النظام يعلم أنه غير قادر على حسم المعركة، ولكنه كذلك، لن يكون قادراً على تجاهل مطالب المعارضة والمجتمع الدولي بحكومة انتقالية، وبالتالي فلا بد من الوصول إلى هذه النقطة في مرحلة ما.
من غير المرجح أن ينجح مؤتمر جنيف في الوصول إلى اتفاق على حكومة انتقالية، وبخاصة إذا ما تم الإصرار على خروج الأسد من اللعبة السياسية الآن. ولكن إطلاق العملية السلمية أمرٌ غاية في الأهمية. ومن المرجح أن تستمر المحادثات والمفاوضات لأشهر عديدة.
وبعيداً عن الحل السياسي للأزمة، هناك الكارثة الإنسانية التي حلت بالشعب السوري من خلال القتل والتدمير والتهجير، والتي يجب أن لا تغيب عن أجندة المؤتمر، من خلال التوصل إلى تفاهمات حول وقف لإطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع.