الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤشرات عودة التدخل الأميركي الفاعل في الملف السوري تزداد   

مؤشرات عودة التدخل الأميركي الفاعل في الملف السوري تزداد   

01.03.2018
ثريا شاهين


المستقبل
الاربعاء 28/2/2018
تراقب الادارة الاميركية عن كثب تطورات الوضع في المنطقة لا سيما في ايران. لكن هذه الادارة وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية، مضى على تسلمها الحكم اكثر من عام، ولم تبلور بعد اية سياسة خارجية لها خصوصاً حول اوضاع الشرق الاوسط. لكن هناك شيئاً ما مختلفاً عن عدم التدخل الذي كانت تتبعه الادارة السابقة.
وتشير المصادر، الى ان استمرار التأخر في التعيينات الادارية لا يزال يشكّل عائقاً امام اتخاذ القرارات الكبرى. مثلاً وزارة الخارجية الاميركية، ليس فيها بعد اي مدير، وفريق وزير الخارجية راكس تيليرسون هو الذي يدير الامور. والمسؤولون هم بمثابة نائب المدير او بالتكليف، إما بسبب الاستقالات او التقاعد، او الإقالات، حيث أقال ترامب ٨٢ مديراً، ولم يعيّن مكانهم. وبالتالي الخارجية فارغة من المسؤولين فيها، وآخر المستقيلين مدير الشؤون السياسية السفير توم شانون، ما ينعكس كثراً من البطء على تقرير سياسة ما. مع ما يؤدي الى التأثير على إمكان حصول اخطاء ودعسات ناقصة، بعد تاريخ طويل في العمل الديبلوماسي. ثم التأثير على هيبة الولايات المتحدة وسلطتها في العالم، وفي القدرة على القيادة السياسية في العالم.
وتفيد المصادر، بأن واشنطن في ظل الادارة الجديدة، عملت مرة واحدة على استعادة هيبتها، لدى توجيه الضربة على مطار الشعيرات السوري، الامر الذي اوقف استخدام النظام للسلاح الكيماوي وقصف المدنيين به. ايضاً هذا الموضوع لم ينته وعاد النظام اخيراً الى استعماله، بحسب الاتهامات الغربية.
لكن على الرغم من ذلك، ليس للاميركيين حالياً الدور القيادي في سوريا، ولا من حيث اللقاءات العربية التي عملت على جمع المعارضة السورية. ولا يمكن الاعتبار، بحسب المصادر، ان الملف السوري يحتل اولوية اميركية، ولن يكون هناك اهتمام بسوريا قبل الانتهاء من امور اخرى.
اول هذه الامور والتي يتم البحث بها حالياً، كيفية ادارة المناطق التي تتم هزيمة تنظيم "داعش" فيها في سوريا والعراق. ثم كيفية ضبط خطر انتشار "داعش" بعد هزيمته الى اوروبا وخطر قيام افراده بعمليات، وكيفية التحفظ لهكذا وضع لان الهزيمة سيتبعها خطر الانتشار في العالم واللجوء الى عمليات انتقامية، ثم هناك مسألة كيفية منع قيام تيار متطرف مماثل لـ "داعش"، اذا استمر تهميش الطائفة السنية، والخوف ان ينتج عن ذلك تيار اكثر تطرفاً من "داعش". من المؤكد ان الولايات المتحدة تستطيع هزيمة تنظيم متخلف كتنظيم "داعش"، لكن المهم معرفة ادارة النتائج. كل هذه الامور غير واضحة بعد، لكن يتم بحثها لدى الادارة الاميركية. مع الاشارة الى ان ملاحقة افراد "داعش" تتم استخباراتياً. لكن ايجاد حل سياسي في سوريا والعراق لا يزال صعباً ولا يمكن حسمه بهذه السهولة. اذ ان المطلوب تحديد السياسة الاميركية بصورة واضحة حول ذلك، وهذه السنة ينتظر ان يتبلور شيء في هذا المجال. فمن الاهمية بمكان ايجاد طريقة لادارة المناطق، واعادة توزيع السلطة وصلاحياتها في البلدين اي في سوريا والعراق. وبالتالي، هذه السنة سيتم اتخاذ موقف اميركي حول هذا الموضوع لان العملية السياسية في كل من سوريا والعراق برمتها ستكون مطروحة.
ولولا التراجع الاميركي لم يجرؤ الروس على المجيء الى سوريا، وكانت مسألة اوكرانيا نقطة فاصلة في هذا المجال، وكلما تراجع الاميركيون كلما تقدم الروس. الامر الذي اثر على النفوذ الاميركي في المنطقة.
وفي هذه الاثناء، استطاع الاميركيون ان يتخذوا موقفاً بالنسبة الى تداعيات استقالة الرئيس سعد الحريري، لانهم لا يريدون ان يدخل اي بلد جديد في المنطقة في حالة عدم استقرار. وهم يعتبرون ومنذ بداية الازمة السورية، ان على لبنان ان يبقى مستقراً، على الاقل لكي يبقى يستقبل النازحين السوريين، ووقف موجات هجرتهم الى الغرب.
وليس مستبعداً بلورة سياسة اميركية واضحة، كما ليس مستبعداً ان تفرض الاحداث نفسها على الادارة الاميركية لتتخذ قرارات كبيرة. حتى الآن البنتاغون هو الذي يتخذ القرارات في وقتها.
في سوريا العائق الاساسي هو الروس، وواشنطن لن تدخل في معركة معهم من اجل اي طرف في المنطقة. كذلك الاميركيون ليسوا متفقين مع الروس حول خطة محددة في سوريا. الاولوية انهاء "داعش"، والضغط مالياً وسياسياً لانجاز حل سياسي قبل اعادة اعمار سوريا. لكن برزت اخيراً مؤشرات جديدة حول سوريا، في الاداء الاميركي، وهي: افشال مؤتمر سوتشي وافهام الروس انهم ليسوا اللاعب الاساسي في سوريا، وهي لن توافق على اطلاق يدهم، وان استمرار هذا الوضع لم يعد قابلاً للحياة. ثم السيطرة على الشرق السوري. وتوجيه التحالف ضربة الى نحو ١٥٠ جندياً تابعاً للنظام، قد يكون رداً على استعمال الكيماوي اخيراً، واسقاط المعارضة السورية الطائرة الروسية الذي ازعج موسكو كثيراً. كلها مؤشرات للعودة الاميركية للتدخل في الملف السوري لكن مدى هذا التدخل وأهدافه وتوقيته غير واضحة بعد.