الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مئات الغارات الروسية والسورية على شمال غربي سوريا في تصعيد هو الأعنف منذ 4 أعوام

مئات الغارات الروسية والسورية على شمال غربي سوريا في تصعيد هو الأعنف منذ 4 أعوام

25.01.2020
هبة محمد



القدس العربي
الخميس 23/1/2020
دمشق – "القدس العربي" : صعد جيش النظام السوري وحليفه الروسي من حملتهم العسكرية الجوية والبرية على الشمال السوري، وكان لأرياف محافظة حلب النصيب الأكبر من الضربات الجوية والجوية التي وصلت وفق ما وثقته مصادر حقوقية إلى ما يقارب 200 غارة جوية خلال ساعات فقط، أدت إلى تهجير آلاف السوريين نحو الشريط الحدودي مع تركيا التي اكتفت بدورها بتصريحات لوزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو، طالب فيها الضامن الروسي الإلتزام بتعهداته حيال وقف إطلاق النار ضمن منطقة خفض التصعيد على اعتباره الحليف للنظام السوري.
كما شدد "تشاووش أوغلو" خلال تصريحات صحافية نقلتها "الأناضول"، على أن "الوضع في إدلب لا يزال خطيرًا، وأنه لا يمكن قبول الهجمات التي يشنها النظام على المدنيين بطريقة عشوائية في هذه المنطقة"، قائلاً: إن تركيا وروسيا تتعاونان من أجل حل أزمات كبيرة مثل سوريا وليبيا، رغم الاختلافات في وجهات النظر بينهما".
مصادر محلية، قالت لـ"القدس العربي": التصعيد على ريفي محافظة حلب "الجنوبي والغربي"، لم يشهد له مثيل منذ قرابة أربعة أعوام، إذ تكتظ سماء تلك المناطق بسبع طائرات حربية، بعضها يعود للنظام السوري وأخرى تعود للجيش الروسي، إضافة إلى مروحيات تلقي البراميل المتفجرة على الأحياء السكنية، كما شهدت ثلاث مناطق بريف حلب الغربي، وهي "خان العسل، الراشدين والمنصورة"، قصفاً صاروخياً غير مسبوق تجاوزت محصلته 55 صاروخاً خلال فترة وجيزة، دمرت العديد من الممتلكات العامة والخاصة.
نزوح جماعي
المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، أشار إلى أن أكثر 10000 عائلة يبلغ عددهم نحو 70 ألف مدني أجبروا على النزوح من ريف حلب الغربي خلال الأيام السبعة الفائتة على خلفية سياسة التهجير التي تتبعها روسيا والنظام السوري عبر تصعيد القصف جواً وبراً لإجبار المدنيين على الخروج من مناطقهم، وبالتالي البدء بعملية عسكرية برية كما حصل سابقاً في إدلب وحماة. وأشار المرصد، إلى أن نسبة كبيرة جداً من الذين نزوحوا خلال الفترة هذه، هم في الأصل نازحين من إدلب وحماة ومناطق سورية أخرى إلى ريف حلب الغربي، أي أننا نشهد عملية نزوح داخل نزوح جديدة على غرار ما شهدناه في إدلب وحماة سابقاً. عمليات النزوح، تجري غالب الأحيان إلى ريف إدلب الشمالي الغربي بالقرب من الحدود السورية مع لواء اسكندرون، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية سواء في المخيمات أو بلدات وقرى ريفي إدلب الشمالي والشمالي الغربي، دون أي ردة فعل من قبل المجتمع الدولي.
سقوط 30 قتيلاً خلال 24 ساعة… ومعارض: الشمال مقبل على معارك طاحنة وأولويات تركيا "تغيرت"
أما الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، فتحدث عن مجازر ترتكب بحق المدنيين جراء استمرار القصف الحربي على أرياف الشمال السوري، حيث قتل في بلدة "كفرنوران" غرب حلب، 10 مدنيين بينهم أطفال ونساء، جراء استهداف الطائرات الحربية الروسية البلدة بثلاث غارات. كما وثق الدفاع المدني، مقتل 44 مدنياً وإصابة 66 آخرين في ريف حلب الغربي خلال ثلاثة أيام فقط، في حملة وصفها الدفاع المدني بـ"الهمجية"، في تصعيد لم تشهده المنطقة منذ عدة أعوام وكان قد قتل يوم الثلاثاء 27 مدنياً في المنطقة، بينهم 14 طفلاً، بعد غارات للنظام السوري وحليفه الروسي، من ضمنهم عائلة كاملة.
نيات روسيا؟
المعارض السوري سمير نشار، قال لـ "القدس العربي": "اعتقد بوجود قرار روسي لدعم قوات النظام السوري واليمليشيات الإيرانية باستعادة جميع المناطق المحررة، التي تستطيع استعادتها عن طريق القصف والتدمير والقتل والتهجير. وروسيا، قررت في محاولة منها لاستعادة المناطق المحررة، بهدف جعلها في موقع تفاوضي أقوى تجاه الولايات المتحدة ومن خلفها المجموعة المصغرة، عندما يحين موعد الحل السياسي، الذي أتوقع أن المباشرة به لن تكون جادة قبل الانتهاء من استعادة (اذا استطاعت) المناطق التي تسيطر عليها قوات الفصائل المعارضة سواء كانت الفصائل المتشددة المتهمة بالارهاب أو الفصائل الإسلامية الموالية لتركيا أو المتبقي من فصائل الجيش الحر من سكان المناطق المحررة المتواجدين بها".
هذه المعارك التي بوشر بها منذ أشهر والمستمرة حتى الآن، ستكون- من وجهة نظر نشار- "معارك طاحنة وربما حاسمة أيضاً اذا استطاعت قوات النظام بدعم بري من المليشيات الإيرانية ودعم جوي روسي، لكن بالتأكيد ستكون تلك المعارك مكلفة جداً أكثر مما نتصور من الطرفين، وسوف تقارب معارك "الكبينة" بريف اللاذقية من شدتها وقسوتها وكلفتها خاصة بالنسبة لقوات النظام السوري الذي يعاني من خلل بالقوة البشرية لقواته وعلى نطاق أوسع. وأضاف المعارض السوري، "أمام المجتمع الدولي تزعم روسيا، أنها تقصف المنظمات الإرهابية، لتبرر قصفها للبنى التحتية وخاصة المنشآت الطبية باتباعها سياسة الأرض المحروقة لتجعل السكان المدنيين في المناطق المحررة ينزوحون باتجاه الحدود التركية المغلقة بوجوههم. وهذا يشكل ضغطاً نفسياً هائلاً على قوات فصائل المعارضة على اعتبار أن السكان أهلهم وذويهم، لكن لا خيار أمام الفصائل المعارضة بجميع ألوانها إلا القتال حتى النهاية، وتكليف قوات النظام أكبر الخسائر البشرية الممكنة ومنعه من تحقيق أهدافه في السيطرة على مناطقهم.
تصعيد
اشتداد القصف الروسي، حسب رؤية نشار، سوف يزداد حدة بعد فشل كل المحاولات التركية منذ اتفاق سوتشي الموقع بين بوتين واردوغان بتاريخ 17/8/2018 (اتفاق رؤساء) الذي نص على فتح الطرق الدولية بين حلب – دمشق، حلب – اللاذقية كمرحلة أولى، في إقناع الفصائل بالانسحاب من تلك الطرق التي أكثر ما يحتاجها النظام السوري ليس فقط لأسباب سياسية وعسكرية، وإنما لأسباب اقتصادية لتنشيط الحركة التجارية الداخلية بين أهم ثلاث مدن سورية تعتبر من ركائز الاقتصاد السوري وسط حالة انهيار.
فشل تركيا في محاولاتها المتكررة، لم يترك خياراً أمام الروس إلا الخيار العسكري الذي حاول تجنبه، وأرادت روسيا أن يشابه اتفاق سوتشي، اتفاق خفض التصعيد الذي نصت مؤتمرات استانة عليه والذي لعبت فيه وفود الفصائل دورًا "مخزياً ومشيناً" بحق الثورة السورية، كونها اتاحت لقوات النظام قضم أغلب المناطق باقل الخسائر الممكنة، وهذا ما أصبح واضحاً لمجتمع الثورة والمعارضة وخصوصاً الفصائل في إدلب التي هي خارج الهيمنة والنفوذ التركي نسبياً، كما هو حال الجيش الوطني الذي يُزعم انه سوري لكن يقاتل وفق أجندة تركية وليس أجندة الثورة السورية.
الضامن التركي، وفق ما قاله المعارض السوري سمير نشار لـ "القدس العربي"، تغيرت أولوياته منذ صفقة حلب – درع الفرات التي تحولت من دعم الثورة السورية لإسقاط بشار الأسد ونظامه إلى إقامة شريط أمني على طول الحدود السورية – التركية، لمنع قيام كيان كردي. وهذا لن يتحقق إلا بتقديم تنازلات للروس لمنع الاشتباك بينهما، لكن هذه التنازلات – وفق المصدر- كانت على حساب السوريين وثورتهم، والكارثة الإنسانية لمئات الآلاف وربما ملايين السوريين أكبر من توصف بهذا الشتاء.