الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا بعد الجولة الثانية من مفاوضات جنيف3 ؟! (3)

ماذا بعد الجولة الثانية من مفاوضات جنيف3 ؟! (3)

11.04.2016
وائل مرزا


المدينة
الاحد 10/4/2016
ماذا بعد الجولة الثانية من مفاوضات جنيف3 ؟! (3) بعد مرحلةٍ طغت عليها أجواء إيجابية بالنسبة للمعارضة السورية في الأسابيع السابقة، تواجه الآن جملة مناورات مكثفة لإلغاء مكتسباتها، وإعادة خلط الأوراق وصولًا لمحاصرتها في زاويةٍ تدفعها لتقديم التنازلات.
أول عناصر هذه الخطة يتمثل فيما سمّاه إعلاميون ونشطاء سوريون بعملية "إغراق وفد المعارضة". بدأت التحرك بتصريحات (بريئة) قال فيها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ما معناه "إن السوريين هم الذين يُقرِّرون مستقبلهم"، وهو مصطلحٌ يُكرره الروس والنظام كثيرًا.
هذه المقدمة السياسية/ النفسية ضرورية لما سيليها من عناصر في خطة محاصرة المعارضة عبر إغراقها. وهنا يأتي الدور الحقيقي لكل تلك الوفود التي كان المبعوث الدولي يحرص على رعايتها ووجودها في جنيف، مع تطوير أدوارها بشكلٍ مدروس ومتدرج بدءا من تأكيده (البرىء أيضًا) في بداية عملية جنيف3 بأنها مجرد وفود استشارية له شخصيًا. فبعد التصريحات الجديدة المتكررة عن ضرورة قيام (السوريين) بتقرير مستقبلهم يتم الانتقال الآن إلى التنفيذ العملي لمخطط الحصار عبر الإغراق، مع عودة الزخم المفاجىء والمتصاعد لتصريحات المسؤولين الروس وفي مقدمتهم نائب وزير الخارجية بوغدانوف الذي وجه، كما نقل الزميل إبراهيم حميدي في (الحياة)، "انتقادات حادة لـ(الهيئة) (العليا للمفاوضات)، باعتبارها تضم إسلاميين أو شخصيات محسوبة على دول إقليمية أو شخصيات منشقة عن النظام، والتنويه ببقية المعارضين بما في ذلك الشخصيات التي زارت القاعدة العسكرية الروسية في اللاذقية غرب سورية". مع ما في هذا المنطق من استغباءٍ، أو غباء، سياسي، بكل المقاييس. علمًا أن هذا يُناقض بشكلٍ واضح تصريحات ووقائع سابقة للروس وغيرهم أظهرت أن تمثيل المعارضة أصبح محسومًا، ومحصورًا رسميًا في الهيئة العليا للمفاوضات.
في نفس الإطار ذكر الزميل أحمد كامل، في حوارٍ جانبي، أن "دي ميستورا دعا ما يقرب من 100 سوري إلى جنيف لتقرير مصير سوريا. من بين الـ100 شخصية، نحو 20 فقط متمسكون بإسقاط النظام، و80 إما يُمثِّلون نظام الإبادة الأسدي وإما مُهادنون له". ثم فصَّلَ في الأمر أكثر فيما يتعلق بالوفود وأحجامها قائلًا: "وفد المعارضة 17 شخصًا، وفد الجعفري 15،وفد المستشارات النسائية لدي ميستورا 12، وفد (قاعدة) حميميم (المُسيطر عليها روسيًا) 18، وفد موسكو والقاهرة والأستانة 11/ ، وعدد غير محدد ممّن يُسمّون ممثلي المجتمع المدني". أخيرًا، علقَ الزميل بما استخلصه من تلك الحسبة بقوله: قريبًا ستكون هناك تسوية سياسية تُكبِّل غالبية الشعب السوري لسنين طويلة مقبلة، وما زالت مسألة تمثيل الشعب السوري لا تحظى بالوعي اللازم، ولا بالحزم اللازم.
وفي تأكيدٍ عملي لسير الأمور في الاتجاه المرسوم، لاحظ الزميل حميدي في مقاله المذكور أعلاه "حصول تغيير في نص الدعوة إلى ممثلي (إعلان القاهرة) الذين كانوا حصلوا على ثمانية مقاعد في وفد مشترك من 15 عضوًا مع (مجموعة موسكو) برئاسة قدري جميل. ووفق الدعوة التي بعثها المبعوث الدولي، فإن أعضاء (إعلان القاهرة) مدعوون إلى "الانضمام في جنيف في مسار المفاوضات التي تشمل مشاورات حول كيفية إنهاء النزاع ووضع أسس لتسوية مستدامة، بموجب بياني فيينا".
إذا أضفنا لهذا تحركات بوغدانوف الجديدة مع أطراف محسوبة على المعارضة، وتصريحات الأمريكان، ومعهم دي ميستورا، أنهم استلموا من الروس مقترحات بنّاءة فيما يتعلق بالدستور، والتلاعب المستمر في الحديث عن (المرحلة الانتقالية) وعن (رحيل الأسد)، يبدو واضحًا أن العملية بأسرها تهدف إلى تشويش المعارضة، وشَغلها عن التفكير في جدول أولويات سياسي محترف يمكنها من تسلم المبادرة مجددًا. وهو أمرٌ لا يمكن أن يحصل في معزلٍ عن التركيز المكثف على جملة عناصر أساسية تُشكل مجال تأثيرها الفعلي.
باختصار يأتي تفصيله لاحقًا. تتمثل العناصر المذكورة فيما يلي: 1- حسمُ القول باستحالة وضع دستور في هذه المرحلة والإصرار على (إعلان دستوري مؤقت)، قدم مثاله المحترف الحقوقي السوري أنور البني.
2-الرفض الحاسم لعملية إغراق المعارضة، مع التحضير لعمليةٍ مقابلة تتمثل في تحضير وفود، متعددة الاختصاصات والتمثيل، تدعم وفد الهيئة الرئيس عند الدخول في عملية (عد الأصوات.
3- عدم الفصل بين المسارين السياسي والإنساني بشكلٍ كامل. 4- ترسيخ وتوسيع آليات وممارسات المؤسسية والشفافية في عملية اتخاذ القرارات داخل الهيئة، لأن هذا ما يضمن ضبط أولوياتها فعليًا، ويحافظ على شرعيتها الشعبية الضرورية في مواجهة ما تتعرض له الآن من ضغوط