الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا بعد تأجيل "جنيف"؟

ماذا بعد تأجيل "جنيف"؟

08.02.2016
د. شملان يوسف العيسى



الاتحاد
الاحد 7-2-2016
طلب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من مجلس الأمن التدخل لإنقاذ المفاوضات السورية غير المباشرة في جنيف والبحث عن فرص لوقف إطلاق النار قبل استئناف المفاوضات في 25 فبراير الحالي.
ومن الأسباب الرئيسية لفشل المفاوضات بين النظام وقوى المعارضة المعتدلة، الشك وعدم الثقة بين الطرفين، فالمعارضة تصر على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ومنها القرار 2254، وتحديداً المادتان 12 و13 الخاصتين بوقف إطلاق النار وفك الحصار عن المدنيين الأبرياء وإطلاق سراح الأسرى.. لكن النظام -وبدعم من روسيا وإيران والميليشيات الطائفية من لبنان والعراق وإيران- لا يريد حلولا سلمية للحرب الأهلية. فهو وحلفاؤه ما زالوا يعتقدون أنه بإمكانهم هزيمة المعارضة من خلال الاستمرار في القصف الجوي الروسي ومحاصرة القرى والمدن الآمنة وتجويعها حتى الاستسلام.
والسؤال الآن هو: هل يمكن للمعارضة تحسين وضعها التفاوضي عندما تعود إلى المفاوضات في نهاية الشهر الحالي؟
كل المعطيات على أرض الواقع الميداني حتى الآن لا تصب في صالح المعارضة، وذلك أولا لأن روسيا لن تتراجع عن دفاعها عن النظام السوري، وهي تعمل بقوة لزيادة نفوذها وتواجدها العسكري في سوريا من خلال بناء قواعد عسكرية جديدة لإبعاد الغرب عن مناطق نفوذها، وغير صحيح كل الكلام الذي يقال من جانبها عن محاربة إرهاب "داعش".. وذلك ببساطة لأن روسيا تقصف مواقع المعارضة وليس مناطق "داعش".
وثانياً لأن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ليس فعالاً لحد الآن، والدليل على ذلك هو عدم فعالية الضربات الأميركية ضد "داعش".. فالتردد الأميركي هو الذي شجع روسيا على التدخل العسكري بقوّة.
أما السبب الثالث فهو أن الدول العربية والدول الإقليمية المؤيدة للمعارضة المعتدلة أضعف من أن تلعب دوراً فعالاً في سوريا، فأنصار النظام، مثل روسيا وإيران والميليشيات الطائفية، دعمهم قوي ومباشر وفعال، بينما لا تحظى المعارضة إلا بدعم من بعض الدول الخليجية والأردن وتركيا، أما الدعم الأميركي لها فقد اقتصر على الجانب الدبلوماسي وتزويد بعضها بأسلحة محدودة.
وفي ظل هذه المعطيات والتعقيدات التي تواجه قوى المعارضة السورية، يثور السؤال: ما هي الخيارات أمام هذه القوى في الوقت الحالي؟
من أهم عناصر القوة لدى المعارضة هو توحيد صفوفها؛ فالهيئة العليا للمفاوضات حققت إنجازاً كبيراً بإشراكها أكبر قطاع من قوى المعارضة السياسية والعسكرية في المفاوضات الأخيرة، وهذا النهج في توحيد الصفوف سيحقق التعاطف والدعم المطلوبين للشعب السوري ومقاومته. فالموقف القوي في المفاوضات والذي هدد بالانسحاب إذا لم تتحقق المطالب الشرعية للمعارضة بوقف إطلاق النار وفك الحصار عن المدن والقرى الآمنة وإطلاق سراح الأسرى.. أوجد تعاطفاً دولياً كبيراً مع المعارضة، وقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن استعدادها لإرسال قوات عسكرية إلى الأراضي السورية لمحاربة "داعش"، وهو الإعلان الذي لقي ترحيباً قوياً من الولايات المتحدة، مما يدل على أن منطقتنا العربية سوف تشهد تحولات جديدة لا يعرف أحد حتى الآن أين ستكون نهايتها، خصوصاً أن معركة مكافحة الإرهاب والأنظمة التي تدعمه يحتاج إلى وقت طويل حتى تتبلور نتائجه.