الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا بعد قرار مجلس الأمن بشأن سورية؟

ماذا بعد قرار مجلس الأمن بشأن سورية؟

02.03.2014
جميل النمري


الغد الاردنية
السبت 1/3/2014
صدف أنني كنت في نيويورك يوم صدور قرار مجلس الأمن الدولي بشأن المرور الآمن  للمساعدات الإنسانية في سورية. وكنت أزور في اليوم الذي سبقه بعثتنا في الأمم المتحدة، حيث جلست مع الفريق العامل في مجلس الأمن بقيادة محمد الحمود. وهو فريق متخصص، تم رفد بعثتنا به بعد حصولنا على عضوية مجلس الأمن، ويغطي كل واحد منهم منطقة من مناطق العالم؛ فعلى طاولة مجلس الأمن تُطرح كل القضايا الساخنة في العالم. والأردن، كما لاحظت من حديث أعضاء البعثة، يأخذ على محمل الجد تحدي عضويته في المجلس، ويريد إدارة موقفه بطريقة مؤثرة، تمثل المصالح العربية والأردنية. وهو، ابتداء، نجح في إعادة القضية الفلسطينية كبند ثابت في الاجتماع الدوري الشهري للمجلس.
وجدت الفريق في قلب عملية النقاش والمساومات حول صيغة القرار بشأن المرور الآمن للمساعدات الإنسانية، وأطلعني أعضاؤه على عبارات مفتاحية موضوع المساومة. إذ كان الهدف الاقتراب إلى ما يحظى بموافقة روسيا والصين، لكن من دون التضحية بقيمة القرار، فيصبح بلا معنى ولا جدوى، ولا يوجه الرسالة الضرورية لتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول من دون إعاقة، إلى محتاجيها في مناطقهم؛ إذ يُقدر أنها تنقذ أكثر من 9 ملايين إنسان بحاجة قصوى لها.
وبالفعل، لعب الوفد الأردني دورا مهما في تكييف النص للوصول إلى الصيغة التي أُقر بها، وهي تشير إلى "إجراءات إضافية" إذا لم يتم الالتزام بالقرار، من دون تحديد ماهية الإجراءات. لكن النص يعطي تلميحا قد يكون كافيا لحمل النظام على التعاون، وعدم إعاقة المساعدات. وهناك، بالطبع، ألف طريقة للإعاقة؛ مثل التفتيش المطول على نقاط العبور، كما قد تتعرض القوافل للهجوم من جهات مجهولة، وليس بالضرورة أن يكون النظام هو المسؤول. في كل الحالات، فإن كل تلك الاحتمالات تعني اللجوء إلى "إجراءات أخرى".
هل سيكون القرار هو المدخل للتدخل العسكري؟! ليس هكذا بالضبط؛ فوفق مصادر تتحدث عن التفكير الأميركي الجديد، هناك توجه لتجديد الضغوط على الأسد بأدوات متعددة، تجبره على القبول بتسوية سياسية، وصيغة انتقالية للحكم.
الإدارة لاحظت أن النظام متشدد، ولا ينوي تقديم أي تنازل. وهو يشعر بأنه منتصر؛ والأهم من التقدم الميداني أنه كسب المعركة السياسية حول الصورة حتى لدى مراكز مؤثرة على القرار في الولايات المتحدة. فالعالم يرى أن القوة الرئيسة العسكرية في الميدان هي التطرف الطائفي و"القاعدة"، اللذان قدما نماذج مرعبة في الوحشية؛ أي إن البديل للنظام هو أسوأ كثيرا. ووجد النظام نفسه في وضع مريح في جنيف، لدرجة السخرية العلنية المتكررة من ممثلين للمعارضة هناك، ليس لهم سلطة قرار في الميدان، وحيث الكلمة العليا لفصائل لا تعترف بهؤلاء الممثلين ولا تعبأ بوجودهم. لكن حسب مصادر، فإن الإدارة بدأت تقتنع، وتوفرت لديها التقارير التي تدعم هذا الرأي، أن النظام اشتغل بصورة حثيثة على دعم المنظمات الإرهابية، وخصوصا "داعش"، لدحر الجيش الحر والقوى الوطنية.
التوجه الجديد لم يتبلور في خطة نهائية، ولا يتضمن التدخل العسكري المباشر. وسينتظر تعثر تنفيذ قرار مجلس الأمن لتقرير الخطوات اللاحقة التي لوح بها القرار من دون ان يحددها. وهي خطوات سيتم التمهيد لها بعمل حثيث على المستوى الإقليمي والدولي، وخصوصا التعامل مع موقفي روسيا وإيران. إذ يجب توفير الأسباب لدى البلدين لدعم تسوية متوازنة، وتوفير أرضية لمصلحة عندهما بعدم التمترس عند الدعم اللامشروط للنظام في الحرب. ومحورا الاستراتيجية التي سيتم الاهتداء بها هي: محاربة قوى الإرهاب في سورية؛ والضغط القوي على النظام من أجل تسوية سياسية.