الرئيسة \  تقارير  \  ماذا تعرف عن "دونيتسك" و "لوغانسك" وهل تغيّران مسار أزمة أوكرانيا؟

ماذا تعرف عن "دونيتسك" و "لوغانسك" وهل تغيّران مسار أزمة أوكرانيا؟

19.02.2022
تي ار تي


تي ار تي
الخميس 17/2/2022
تزامناً مع حشد نحو 130 ألف جندي روسي على مقربة من الحدود الأوكرانية وتحذيرات عالمية من غزو روسي وشيك، قرّر مجلس الدوما (النواب) الروسي الثلاثاء، عرض مشروعيْ قراريْن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاعتراف باستقلال "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك".
وتقع منطقتا دونيتسك ولوغانسك في حوض دونباس الشرقية التي مزّقتها النزاعات والمحتلّة جزئياً من طرف الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014، وتشهد المنطقتان مواجهة مع الجيش الأوكراني منذ 8 سنوات.
ورُغم التنديد غربي وأوكراني بقرار الدوما الروسي، لم تتراجع موسكو حتّى اللحظة عن عزمها الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك، وهو ما يثير التساؤلات حول الأهمية الاستراتيجية لتلك المناطق، ومدى تأثير الاعتراف الروسي على مسار الأزمة الجارية، لا سيّما في ضوء المخاوف المتصاعدة من اجتياح روسي وشيك للأراضي الأوكرانية.
تخضع دونيتسك ولوغانسك منذ عام 2014 لسيطرة الانفصاليين الناطقين بالروسية، وذلك إبّان سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم وضمّها في مارس/آذار من العام ذاته. وأعقب ذلك بدء أعمال شغب في حوض دونباس الشرقية إذ شرعت مجموعة من الميليشيات بالاستيلاء على المباني الحكومية في جميع أنحاء دونيتسك ولوغانسك.
وأعلنت الميليشيات الاستقلال عن أوكرانيا في مايو/أيّار 2014، وذلك تحت اسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية. آمليْن معاً في أن يصبحا نوفوروسيا (روسيا الجديدة)، وهو مصطلح جرى إحياؤه للإشارة إلى الأراضي الأوكرانية الجنوبية التي احتلتها الإمبراطورية الروسية في القرن الثامن عشر.
وعلى الرغم من محاولة القوات الأوكرانية استعادة الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون في دونباس، فإنّ التعزيزات العسكرية الروسية التي تدفّقت عبر الحدود للانفصاليين حالت دون ذلك، إلى أن وقّعت روسيا وأوكرانيا اتفاقيات مينسك للسلام برعاية أوروبية.
أهمية استراتيجية واقتصادية
كان الكرملين اتّخذ خطوات وإجراءات استثنائية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشأن منطقتي دونيتسك ولوغانسك، فاعترفت موسكو بالشهادات حول منشأ البضائع الصادرة عن الأجهزة العاملة بالفعل في أراضي دونباس التي تشمل دونيتسك ولوغانسك، معلنةً عدم فرضها قيوداً متعلّقة بالاستيراد والتصدير فيها، والسماح بدخول البضائع من دونيتسك ولوغانسك إلى أسواق روسيا بشروط متساوية مع السلع الروسية، بل وتعزيز كمياتها في سلسلة المتاجر الروسية.
ويعكس ذلك الأهمية الاقتصادية لمنطقة دونباس، فتفيد إحصاءات بأنها تضمّ احتياطيات من الفحم بنحو 60 مليار طن، وكانت تنتج ما يقارب من 75 في المئة من إجمالي الفحم المنتَج في أوكرانيا، كما كانت منتجات دونباس تستحوذ على 30% من إجمالي الصادرات الأوكرانية، وذلك قبل إعلان الانفصاليين الموالين لروسيا استقلالهم عن كييف.
وكان مرسوم صادر عن الكرملين عام 2018، منح سكان دونباس حق استخراج جوازات سفر ووثائق ميلاد ووفاة روسية، فيما أعلنت وزارة الداخلية الروسية في فبراير/شباط من العام الماضي، أكثر من 600 ألف شخص من دونباس جوازات سفر روسية.
وذكرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أنّ منطقة دونباس تتمتّع بأهمية استراتيجية خلال الأزمة الجارية حالياً، في حال اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك رسمياً كيانات مستقلة، وهو الأمر الذي يخوّل الحكومة الروسية حماية السكان هناك من التهديدات الخارجية"، وفق المجلة البريطانية ذاتها.
وأشارت المجلة كذلك إلى أنّ هذا الأمر مثير للقلق، وذلك مع النظر إلى نزعة القادة الانفصاليين في دونباس الذين يطالبون بالسيطرة وفرض سيادتهم على مساحات أكبر من الأراضي الأوكرانية، "وحال اعتراف روسيا بهما رسمياً وقبولها هذه الادعاءات، فمن غير المرجح أن يتبع ذلك السلام".
احتجاج أوكراني
اعتبرت كييف أنّه حال اعتراف موسكو باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك، فإنّ ذلك يشكّل "انسحاباً فعلياً وقانونياً لروسيا من اتفاقيات مينسك بكل ما يترتب على ذلك من عواقب"، وذلك على لسان وزير خارجيتها دميتري كوليبا.
من جهته، قال أرتور غيراسيموف، الرئيس المشارك للكتلة النيابية لحزب "التضامن الأوروبي" الذي يتزعمه الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، إنّ "بلاده سيكون لها كامل الحق في التخلّي عن تنفيذ اتفاقيات مينسك حال اعترفت موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك".
وتعتبر أوكرانيا أنّ التحرّكات الروسية في دونباس تهدف إلى جذب الأخيرة إلى مجالها السياسي والاقتصادي، وأن ذلك يتناقض مع التزامات روسيا المذكورة في اتفاق مينسك، وأنّه يزيد من حدّة التوتّر والعنف الدائر بين الانفصاليين والقوات الأوكرانية.