الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا تفعل المليشيات الشيعية في سوريا والعراق؟

ماذا تفعل المليشيات الشيعية في سوريا والعراق؟

11.12.2014
ياسر الزعاترة



الدستور
الاربعاء 10-12-2014
لم يعد سرا أن الجزء الأكبر من القوة المقاتلة في سوريا هي من المليشيات الشيعية التي استقدمها قاسم سليماني من شتى أرجاء الأرض، إضافة إلى حزب الله، وبالطبع لأن جيش بشار الأسد لم يعد قادرا على القيام بمهمات قتالية حقيقية بعيدا عن استخدام الطيران في قصف المدنيين، أو الدفاع عن المواقع التي يتحصَّن بها، فما خسرته الأقلية العلوية في هذه الحرب لم يكن بسيطا، ويبدو أن رموز الطائفة لم يعودوا يرغبون في خسارة المزيد من أبنائهم بعد أن لم يعد ثمة بيت من بيوتهم لم يدخله نعش أو أكثر، من دون أن يعني ذلك تخليهم عن بشار الذي وضعهم في مربع لا رجعة عنه، مع أن ذلك ليس صحيحا بالضرورة، وهو ما تروجه إيران، ويروجه رموز النظام لأن أحدا لن يستبيحهم لو تم التوصل إلى تسوية تغير طبيعة النظام.
وفي حين كانت المليشيات الشيعية القادمة من العراق هي الأكثر عنفا، وهي التي تتولى جزءا كبيرا من العمليات القتالية، فقد عادت هذه إلى العراق من أجل مواجهة الدولة الإسلامية بعد سيطرتها على الموصل ومناطق أخرى، ما دفع سيلماني إلى استجلاب بدائل عنها من كل مكان، بخاصة من أفغانستان، وبالطبع على عبر حشد طائفي، وليس عبر المال فقط كما يرى البعض.
ليس هذا هو جوهر الموضوع، فما نريد الحديث عنه يتعلق بحجم الانتهاكات التي تمارسها المليشيات الشيعية في سوريا والعراق، لكنها مقدمة ضرورية، ومعها ما يتعلق بالجانب العراقي. فخلال الشهور الماضية منذ سقوط الموصل بيد الدولة الإسلامية وقعت عمليات حشد طائفي واسعة النطاق من قبل المراجع أدت إلى تجنيد مئات الآلاف من المقاتلين من أجل الدفاع "عن العراق" في مواجهة الدولة الإسلامية. وحين يتحدث حيدر العبادي عن 50 ألف اسم وهمي مسجلة في كشوف المليشيات المذكورة (تسمى مليشيات الحشد الشعبي)، فلك أن تتخيل العدد الحقيقي لهم.
قبل أيام اعترف قائد عسكري عراقي بالانتهاكات التي تمارسها تلك المليشيات بحق العرب السّنة، لكنه بررها بالطبع بما تفعله الدولة الإسلامية، واعتبرها ردود فعل على ما يجري من ممارسات، بل إن المرجعية الشيعية ما لبثت تتحدث في الموضوع، وإن بشكل غير مباشر عبر الدعوة إلى عدم التورط في أية إساءات بحق الناس، ما يعني إدراكها لحقيقة ما يجري من انتهاكات وعمليات تطهير.
والحال أن من العبث الحديث عن ممارسات ناعمة لمليشيات جرى تجميعها على أساس حشد طائفي واسع النطاق، وما يرشح في مواقع التواصل من فيديوهات تنضح بالخطاب الطائفي ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، فما يجري أكبر بكثير، وما يتناقله الناس في مناطق العرب السنّة مذهل بكل المقاييس، مع التذكر بأن الممارسات الطائفية لم تتوقف يوما منذ الاحتلال ولغاية الآن، لكن ما جرى خلال الشهور الماضية لم يلبث أن صعَّدها بشكل مذهل؛ من دون أن يعني ذلك تجاهل ممارسات يقوم بها الطرف الآخر ولا يبررها سوى القلة من الطرف الإسلامي السنّي، وبتبرير عنوانه المعاملة بالمثل.
وفي حين تحدثت العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، وبعض المؤسسات الحقوقية عما يجري، فإن رد الفعل عليها من قبل بعض سياسيي السنّة يبدو باهتا إلى حد كبير، مع أن ما حصلوا عليه من العبادي لا يبدو مقنعا، وهو لا يعدو أن يكون مثل الوعود التي حصلوا عليها من المالكي من قبل، ثم ما لبث أن انقلب عليها.
المصيبة أن المجتمع الدولي يتواطأ هو الآخر مع ما يجري، وهو يعلم حقيقته، فلا أحد من بين تلك المليشيات يصنف في دائرة الإرهاب، لكأن المصطلح بات حكرا على القوى السنية، مع أن ردة فعل هذه الفئة بمنحها حاضنة شعبية للدولة الإسلامية هي التي كانت في الأصل ردا على البشاعة التي مارسها بشار في سوريا، والطائفية والإقصاء الذي مارسه المالكي في العراق، حتى وصلت الحال بمستشار وزير الخارجية الإيراني؛ في فلتة خارج السياق حد تحميل ممارسات المالكي الطائفية مسوؤلية إنتاج تنظيم الدولة الإسلامية، في وقت يردد رموز المحافظين يوميا أنها من إنتاج أميركي إسرائيلي بريطاني سعودي، في خطاب يثير السخرية أكثر من أي شيء آخر.
المسؤول الأكبر عن هذا الذي يجري في سوريا والعراق هو إيران، وأي كلام آخر هو بلا قيمة، وهي وحدها من يمكنها لجم ذلك، لكن مضيها في معركتها الخاسرة في البلدين (أضافت إليها اليمن)، وإصرارها على روحية الغرور والغطرسة سيفاقم الوضع، لكنها ستدرك عبثية معركتها في يوم من الأيام بعد أن تتأكد أن الأقلية لن تعلن حربا على الأغلبية ثم تربحها. لكن المصيبة أنه إلى أن يحدث ذلك سيتواصل النزيف الكبير الذي تدفع ثمنه الأمة جمعاء، ولا يربح منه إلا أعداء الأمة، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني.