الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا جرى ولا يزال في سوريا؟

ماذا جرى ولا يزال في سوريا؟

04.11.2018
صلاح قيراطة


هيومن فويس
السبت 3/11/2018
يعيد لافروف إلى أذهاننا مهارات ( كيسنجر ) الذي يعتبره الكثيرون ( ثعلب ) السياسية العالمية، لكن للأمانة التاريخية فإن روسيا لم ترى بعد الحقبة السوفييتية حضورا لافتا لوزير خارجية كما كان للراحل ( اندريه غروميكو ) حيث عمل لأطول فترة يقضيها وزير في العالم لوازرة خارجية، ولسنا هنا في مكان نتحدث به عن الملكات الكاريزمية لأي من هؤلاء الثلاث لأن هذا ليس ضمن اهتمامنا الآن ولقناعتنا ثانيا أنه لا يمكن فصل التصرفات أو السياسات بمعزل عن الظروف المحيطة بها خلال صياغتها أو وقوعها، لكن هذا لا ينفي المواصفات والقدرات الذاتية لهذا الشخص أو ذاك سواء أكان رجلا عاديا أو مسؤولا .
سأضع خلفنا ما سمي يوما اتفاق ( لافروف – كيري ) الذي لم تنشر تفاصيله لكنها عمليا ظاهرة للعيان، ولا أظن أن قطرة دم سالت في سورية بعيدة عن توافق الاثنان اقصد الروس والامريكان وحسب وفيها كذلك دور الإيراني والتركي ولوحظ كذلك رضى دولة الكيان .
لا اعتقد انه كان من الممكن أن يكون كل هذا الحضور الروسي في الملف السوري لولا توافق وصل حدّ التطابق بين الروسي والأمريكي وهذا ممهورا بتوقيع ( الإسرائيلي ) والسبب في ذلك ما سميته شخصيا منذ بداية الحرب السورية على أنه ( لعنة الجغرافية ) فالموقع الاستثنائي لسورية في كليته ليس وجودها حيث هي ( بقدر ) ما هي محاذية للدولة العبرية وهنا جوهر القضية وللقصة بقية سيحياها من له عمر ولم يسقط ضحية بهذه الحرب البينية ذات المواصفات الجهنمية والاثار الكارثية والتداعيات التدميرية .
الا أن ما اريد ان اقف عنده مسلطا الضوء عليه هو النشاط الديبلوماسي الروسي الذي أدى إلى الالتفاف الكامل على مسار ( جنيف ) وهو عمليا مسار الشرعية ( الأممية ) وهنا سأتوقف عند ما يردده الروسي لجهة أنه يسير وفق تفاهمات مسار جنيف والقرار الأممي ( ٢٢٥٤ ) في حين ان كل المعطيات الموثقة بالافعال على الأرض تؤكد أن موسكو وهي تؤازر دمشق وضعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقرارات ( ٢١١٨ – ٢٢٥٤ ) خلف ظهرهما والواقع انبأنا عن :
– مسار ( استانة ) الذي أنتج ماسمي مناطق ( خفض التصعيد ) الذي مكّن الحلف الثلاثي ( دمشق – موسكو – طهران ) من الاستفراد بكل جبهة من جبهات التي امتدت على ساحة المواجهات السورية، وادى بالتالي إلى تعميق مسارات المصالحات والتسويات، الا أنها بالمحصلة رسخت الخديعة والمكر الذي وقعت به كل أطياف من رشحت نفسها دون تكليف لتصبح معارضة بشقيها السياسي والعسكري ، وطبعا مسار ( استانة ) مهد الظروف لظهور مسار ( سوتشي ) الذي أنتج المؤتمر الوطني للحوار وهو لا يتعدى أن يكون ضحكا على اللحى وكذا فقد أنتج :
– المنطقة منزوعة السلاح ، لنعتبر أنها امتداد موضوعي لما كان اولاً وهو مناطق ( خفض التصعيد ) لتشكل هي ثانيا والتي تعتبر أنها إذا كان الأول بمثابة ( احماء ) إلا أن تسجيل أهداف الفوز ستكون بالثانية فهل فكر من هم معنيون به بالتالي :
* اخلاء ١٥ – ٢٠ كم في محيط ادلب من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وكذا كل عناصر ما سمي تنظيمات ( إرهابية ) وطبعا هذا من طرف واحد بمعنى أن القوات السورية والحليفة والرديفة حيث هي قبل ١٧ ايلول يوم توقيع تفاهم ( سوتشي ) .
* اخلاء هذه المنطقة يعني فيما يعني تسريع توغل الجيش السوري ومن معه عند نشوب العمليات العسكرية وهي قادمة وهذا لا شك فيه ، إذ سيبيح هذا اندفاع هذه القوات ولمسافات تصل حتى ٢٠ كيلومتر دون مقاومة تذكر وفي هذا كسب للوقت وانقاص حد الانعدام للخسائر بالبشر والعتاد لجهة القوات المهاجمة .
والسؤال هنا :
– هل هذا نتيجة ديبلوماسية روسية استثنائية ام أن هذا ناتج توافقات دولية وصلت حدّ التطابق والانطباق؟.
واخيرا اعود لأؤكد على ما كنت قد قلته مرات ومرات وهو أنه واهم من :
– يظن أن الحرب السورية هي حرب طائفية فهو واهم ، لكن فقد تم إكساؤها بهذا، وهذا من الأهمية بمكان لجهة تدمير الدولة السورية وقد قامت إيران بدور متناقض لجهة هذا، فهي ادعت أنها تحافظ على الوحدة السورية لكنها تدخلها الفئوي عمق الشرخ الاجتماعي ، نعم يمكن لها أن تساعد بالمحافظة على الوحدة الجغرافية لكنها ضربت بالعمق الوحدة الوطنية.
– و لا يظنن احد أن بقاء الأسد أو رحيله يشكل جوهر القضية، فهذه ليست سوى فصل من فصول المسرحية .
– و يعتقد اي منا أن العالم عاجز عن إيجاد حل للمشكلة السورية .
– أو هو غير قادر عن وقف حربها ذات النتائج الكارثية على جزء من الشعب السوري اقصد الفقراء والمحتاجين لان هناك من اثرى خلال الحرب وأصبح من أصحاب الملايين ويدعو الله كل حين أن لا تنتهي هذه الحرب بعشرات السنين ( لا تستهجنوا قولي فهم موجودين ) .
– أو أن روسيا بقوتها فقط هي الفاعل في سورية .
– أو أنها بمفردها هي من يحافظ على الأسد أو يحميه أو يفرضه .
* كل ماترونه يجسد صراعات ايرادات دولية، أو تصفية حسابات عالمية وجدت لها متنفسا في سورية، وفي الوقت التي تحدث فيه تفاهمات على هذا الملف او ذاك هناك في ساحة من ساحات الصراع العالمية، ستجدون مايشكل انفراجات في الأزمة السورية، ولن يكون بقاء الاسد من عدمه وقتها ذو أهمية.
كبروا عقولكم وكفاكم تكبير لأشياء أخرى، فسورية بمن فيها وبما فيها ليست سوى كرة قدم يركلها بأقدامهم اللاعبين الدوليين وليس من بينهم ( للاسف ) اي قدم سورية .