الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا عن الخلاف الكردي- الكردي؟

ماذا عن الخلاف الكردي- الكردي؟

25.10.2017
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 24/10/2017
قبل عدة أيام فقط، أعلنت القوات العراقية سيطرتها الكاملة على مدينة كركوك، وذلك في إطار القرارات التي اتخذتها الحكومة المركزية كرد على الاستفتاء الذي أجرته سلطات إقليم كردستان للانفصال عن العراق. ركّزت الصحافة الأميركية ومراكز الأبحاث هناك في المجمل على ثلاث نقاط، في إطار تعليقها على ما جرى.
تخلي الولايات المتّحدة عمّا سمّوه "أبرز حلفاء الغرب الموثوقين" الذين بالإمكان الاعتماد عليهم في الشرق الأوسط (أي الأكراد)، كان بارزاً في معظم المقالات والتقارير، مع التركيز على وقوف الإدارة الأميركية المتفرّج أمام الهجوم الذي شنته قوات حليفة أخرى (الجيش العراقي) بأسلحة أميركية ضد البيشمركة.
أما النقطة الثانية فهي تسليط الضوء على مشاركة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، والمنضوية تحت تجمّع "الحشد الشعبي" في العملية العسكرية ضد كركوك، وعدد من المدن، وهو ما تمّ تفسيره على أنه دور إيراني متقدم في العملية العسكرية العراقية. هنا بالتحديد، حظيت النقطة الثالثة بتركيز كبير على ما أسماه البعض هزيمة إيران للولايات المتحدة في أول معركة غير مباشرة تخاض بينهما، بعد أيام فقط من تصعيد ترمب ضد إيران.
المثير للاهتمام أنه لم يجرِ التطرق في هذه التغطية الغربية بالمجمل إلى الخلاف الكردي- الكردي الذي أدى إلى ما يمكن تسميته بالهزيمة السريعة للبيشمركة، وخسارة المناطق التي كانت تحت سيطرتها لسنوات، وانحصر التركيز فقط على العناوين أعلاه، البعض يفسّر تجاهل الإعلام الغربي لهذا الأمر، على أنه محاولة لتبسيط الأحداث، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التسطيح.
لكن في المقابل، لا يمكننا أن نتجاهل الأجندة السياسية والأيديولوجية التي تقف خلف مثل هذه التغطية الغربية، الإعلام الأميركي والغربي يحدّثنا عن الأكراد بالجملة ككتلة صماء، ولا يقول من الأكراد بالتحديد؟ أي حزب؟ أي زعيم؟ أي تكتل أي ميليشيا كردية؟
الأميركي العادي لا يمكنه أن يعرف أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس السابق جلال طالباني) هو حليف سابق لإيران، وقريب جداً منها الآن، ولا يمكنه أن يعرف أن إيران استثمرت أيضاً في حركة التغيير (غوران)، على الرغم من أن الأخيرة قد تنفي ذلك. القارئ في ذلك الجزء من العالم ليست لديه خلفية عن الصفقة التي تمت ربما بين قاسم سليماني وورثة جلال طالباني، والتي مهدت الطريق لمعركة كركوك، حيث ظهر الأكراد على هيئة جميع المكونات في المنطقة، تتنازعهم أهواء السيطرة والمكاسب السياسية والحسابات الحزبية أو الشخصية الضيقة، وقد انفجرت معادلتهم من الداخل قبل أي هجوم خارجي.
جزء من الهزيمة السريعة للبيشمركة في كركوك يعود إلى حقيقة أنه لم تجرِ معركة هناك، فقد قررت العناصر الموالية لحزب طالباني الانسحاب، ولم يكن لدى البقية قرار بالمواجهة. جزء من الأكراد اليوم يلوم البارزاني على كل ما حصل بسبب عدم تأجيله الاستفتاء. لا يقتصر الأمر على أكراد العراق، فزعيم ميليشيا (بي واي دي) الكردية صالح مسلم انتقد البارزاني أيضاً بسبب ما جرى في كركوك، لكن السبب الحقيقي أن البارزاني حاول خلال السنوات الماضية احتواء ظاهرة صالح مسلم المسلّحة. سيكون من المهم بمكان متابعة هذا الانشقاق التقليدي الكردي- الكردي في سياق الاستقطابات الإقليمية والدولية الجارية داخل العراق، وعليه في المرحلة المقبلة.;