الرئيسة \  مشاركات  \  ماذا نريد ؟ نحن وداعش وبوتين

ماذا نريد ؟ نحن وداعش وبوتين

15.09.2014
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
يسود الشارع السياسي وغير السياسي سؤال واحد في هذه الايام اوروبا والعالم الاسلامي وخاصة منطقة الشرق الاوسط ، هذه المنطقة التي لم تشهد ومنذ انهيار دولة الخلافة العثمانية الاسلامية عام 1923 راحة أبدا ، يكمن السؤال في اوروبا ومنذ تشرين اول / اكتوبر عام 2013 الذي نجم عن فشل الاوربيين جذب اوكرانيا كشريك استراتيجي لها وتدخل روسيا بالشأن الداخلي لاوكرانيا وسلخها شبه جزيرة القرم عن الدولة المذكورة ، ماذا يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالضبط فهو يقف وراء العنف والحرب التي تشهدها مناطق شرق وجنوب تلك الدولة من خلال دعمه لانفصاليين موالين لبلاده يريدون قيام دويلة لهم بتلك المناطق او ضمها الى روسيا ، ولكن لم يسال الاوروبيون أنفسهم عن الذين يريدونه ، فبوتين يرى ان الغرب ، ويعني بذلك أوروبا ، هو السبب لما آل اليه الوضع في اوكرانيا اذ انه لم يقوم بتنفيذ اتفاقياته مع روسيا التي تكمن عدم توسعة حلف شمال الاطلسي / الناتو / بالشرق الاوروبي وعدم تجاوز حدود / الناتو / نهر البه /أحد أطول انهار اوروبا وثالث اطول نهر في المانيا /  وعدم نشر صواريخ دفاعية جديدة ، بينما يرى الاوروبيون ان بوتين يريد عودة اوروبا الى اجواء الحرب البادرة ومتعطش لحرب حقيقية ويريد تقسيم اوروبا من جديد فكلا الطرفين يتهم بعضه بعضا بالذنب وانه وراء الاحتقان وتفاقم الاوضاع السياسية والامنية .ويبحث الاوروبيون لانهاء الازمة الاوكرانية وعدم الاحتكاك عسكريا مع بوتين في الفراغ فهم لا يملكون خططا سياسية لانهاء هذه الازمة التي هم اول من بدأها ولا بوتين لديه خطة سياسية للتفاهم مع الغرب من اجل الخروج من مأزق روسيا مع الغرب فهم يسبحون في بحر أمواجه عاتية لا يعرفون الخروج منه بسلام على حسب راي أكثر ساسة اوروبا مثل وزير خارجية اللوكسبورج يان اسيلبورن ووزير خارجية المانيا السابق يوشكا فيشر وبشكل ضمني من وزير خارجية المانيا حاليا  فرانك فالتر شتاينماير وقادة حلف شمال الاطلسي / الناتو / في مقدمتهم قائد الجيش الالماني السابق وعضو هيئة رئاسة / الناتو / هارالد كويات وغيره  فجميع الخطط السياسية التي نجمت عن مؤتمرات برلين وباريس لوقف  اطلاق النار فجميعها قد فشلت .
أما تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / التي أصبحت رمزا للإجرام والاساءة للاسلام والمسلمين فهذا التنظيم تماما مثل المعارضة العراقية من الشيعة وغيرهم الذين كانوا وراء حض الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وغيرهما من دول اوروبية شاركت باحتلال العراق جراء نشر الاكاذيب حول اسلحة صدام حسين الخطيرة على العالم ، فصدام حسين المعروف بجرائمه التي ارتكبها في العراق  اصبح بنظر بعض عناصر تنظيم / داعش / شهيدا وبطلا قوميا ، يحض امريكا والعالم بالانقضاض مرة اخرى على العراق من خلال تسليحه الاكراد بحجة محاربة / داعش / وليقاتل الاكراد بعضهم بعضا وتقسيم منطقة الشرق الاوسط لدويلات جديدة . وها هو وزير الخارجية الامريكي جون كيري يجوب المنطقة من دولة الى اخرى لحشد تضامن اسلامي لمحاربة داعش ، مثل سلفه السابق بافيل كولينز في عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الذي كان يجوب اوروبا ودول الشرق الاوسط من دولة الى دولة لحشد تضامن لمحاربة صدام حسين ، ونتيجة احتلال العراق كان ظهور / داعش / وسيادة عنصرية الشيعة وفرض ايران هيمنتها على العراق ومحاولتها تشييع سوريا وتدخلها بدول منطقة الخليج العربي واستمرار العنف والفوضى بمنطقة الشرق الاوسط . وبالرغم من حشد التضامن الا ان الامريكيين والاوروبيين ومعهم حكومات منطقة الشرق الاوسط لا يملكون اي خطط استراتيجية وسياسية لمحاربة / داعش/ وبالرغم من أن بعض دول الخليج في مقدمتهم السعودية وقطر وتركيا  تعرف تماما ان أفضل وسيلة  للقضاء على / داعش / يكمن بإنهاء نظام بشار أسد الذي يعتبر مسئولا عن ما آلت اليه الاوضاع الامنية والمآسي التي يعاني السوريون واللبنانيون والعراقيون منها الا أن الغرب يضع اصابعه في آذانه ولا يبالي  بتلك الحقيقة فهو يريد الإبقاء على نظام اسد لمصالحه الاستراتيجية وحماية الكيان الصهيوني على حسب راي خبراء السياسة الدولية في مقدمتهم رئيس معهد لعلوم والسياسة فولكر بيرتيس واودو شتاينباخ  وغيرهما .
التاريخ يعيد نفسه والايام متشابهة تماما فهي تشبه تماما مثل  الايام القليلة التي تلت تفجير مركز التجارة الدولي في نيويورك في الحادي عشر من ايلول/سبتمبر عام 2001 والايام القليلة التي سبقت احتلال امريكا العراق في آذار//ارس من عام 2003 ، فاحتلال افغانستان وانهاء نظام طالبان شهدت تضامنا دوليا وشعبيا كبيرا لم يتخلى عن امريكا اثنان ، أما التدخل في العراق فقد اختلف عليه اكثر الدول التي تضامنت ضد الارهاب في مقدمتهم المانيا وفرنسا ، ومحاربة / داعش/ شبيهة بالتضامن والاختلاف فهناك من يرى ان الحرب ضد / داعش / هي لمصلحة بقاء اسد ومنهم من يرى لمصلحة امريكا شخصيا أما القضاء على الارهاب فلا .
/ داعش / بجرائمها شبيهة تماما بفرقة الاسماعيليين الذين يطلق الغرب عليهم بفرقة الحشاشين فقد كانوا طابورا خامسا للصليبيين ببلاد الشام فهذه الفرقة كانت تقوم باغتيال زعماء المسلمين الذين كانوا يقاومون الاحتلال الصليبي وها هم الان يقوم باغتيال قادة المعارضة السورية والعراقية ايضا .
أما تشبيههم بالخوارج مما يحلو للبعض فقد فاقت جرائم هذا التنظيم جرائم الخوارج وذلك لتطرف فقههم ، فالخوارج لم يقتلوا اهل الذمة وهؤلاء لا يميزون بين الذمي والمسلم ولا بين البريء والسقيم .